وكالات
احتفل مسلسل الأنمي الياباني "غرندايزر" (UFO Robot Grendizer) بعيده الخمسين في عام 2025، وسط استمرار شعبيته الكبيرة في العالم العربي، حيث يُنظر إليه كرمز ثقافي يعكس تجارب التهجير والحروب التي شهدتها المنطقة.
وأُنتج المسلسل في اليابان عام 1975 على يد الفنان غو ناغاي، ويروي قصة الأمير دوق فليد الذي يهرب من كوكبه المدمر من قبل غزاة فضائيين، ويصل إلى الأرض ليدافع عنها باستخدام الروبوت العملاق غرندايزر.
حقق المسلسل نجاحًا محدودًا في اليابان، لكنه أصبح أيقونة في الشرق الأوسط.
وصل مسلسل الأنمي إلى شاشات التلفزيون في المنطقة عام 1979، مدبلجًا إلى العربية، وبُثّ لأول مرة في لبنان خلال الحرب الأهلية اللبنانية. وقد لاقت قصة الدوق فليد البطل، صدىً لدى الأطفال الذين نشأوا وسط الصراع الإقليمي والاحتلال الإسرائيلي.
انتشر المسلسل سريعًا في دول عربية مثل السعودية والكويت والعراق ومصر، مسجلاً نسب مشاهدة عالية، وأدى إلى إصدار سلع تذكارية ومجلات مصورة مخصصة.
كانت مواضيعه، كالدفاع عن الوطن، ومواجهة العدوان، وحماية الأبرياء، وثيقة الصلة بالواقع في المنطقة، مما حوّل المسلسل من مجرد ترفيه إلى ملاذ عاطفي.
يعود جزء كبير من تأثير المسلسل إلى نجاح دبلجته العربية. فقد أضفى الدبلجة العربية المتقنة والأداء الصوتي المؤثر، وخاصةً أداء الممثل اللبناني جهاد الأطرش لشخصية دوق فليد، على المسلسل عمقًا أخلاقيًا لم تضاهيه أي رسوم متحركة أخرى في تلك الحقبة.
ويقول خبراء ثقافيون إن قصة البطل المهجر الذي يقاوم الغزاة صدى مع أجيال نشأت وسط النزاعات الإقليمية، بما في ذلك الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والحرب الأهلية اللبنانية.
وأشار الممثل اللبناني جهاد الأطرش، في مقابلات سابقة إلى أن البث جاء في سياق "حزن العالم العربي على احتلال الأراضي الفلسطينية"، مضيفًا أن المسلسل حمل قيم الدفاع عن الوطن والسلام.
وكان مسلسل "غريندايزر" مؤثراً للغاية في المنطقة لدرجة أنه أصبح موضوعاً لدراسات أكاديمية، لم تقتصر على رصد مدى تأثر الجمهور في الشرق الأوسط بمعاناة شخصيات المسلسل، بل ربطت أيضاً شعبيته بذكريات التهجير التي رافقت أجيالاً متعاقبة، ولا سيما النكبة الفلسطينية عام 1948.
وأصبحت أغنية المسلسل، التي غناها سامي كلارك، بمثابة نشيد ظلّ الفنان اللبناني يؤديه في الحفلات والمهرجانات حتى وفاته عام 2022.
كان نص الأغنية مشحون بمعاني القتال من أجل إحلال السلام ومقاومة الغزو والاحتلال، كما حفلت الحلقات بعبارات تكاد تكون مستعارة من أدبيات المقاومة وشعاراتها التي كانت تقال في التجمعات الشعبية وتكتب على الحيطان وتطبع في المنشورات والملصقات مثل "اللعنة على الغزاة" ،"الويل للأشرار"، "الويل للمعتدين"، و"سحقا للغزاة".
وبحلول أوائل الثمانينيات، انتشر مسلسل "غريندايزر" في جميع أنحاء الدول العربية، مُلهمًا جماهير غفيرة. بالنسبة للكثيرين، لم يكن هذا المسلسل مجرد أول تجربة لهم مع الأنمي، بل قدّم لهم أيضًا دروسًا في قيم مثل العدل والشرف.
وفي عام 2025، شهدت المنطقة احتفالات بالذكرى الخمسين، بما في ذلك معارض وإصدارات خاصة، مع استمرار بث الحلقات على قنوات فضائية عربية.
أعلن "جابان إكسبو باريس" أكبر مهرجانات الثقافة اليابانية في أوروبا، اختيار "غرندايزر" شخصية العام، وخصص له معرضا ضخما بعنوان "غريندايزر انطلق... خمسون عاما من الأسطورة". يمتد المعرض على مساحة تفوق 300 متر مربع، ويقدم سردا بصريا شاملا لمسيرة الشخصية: من إسكتشات جو ناغاي مؤلف المسلسل الأول، إلى مواد الإنتاج الأصلية في سبعينات القرن الماضي، وصولا إلى فترة شعبيته الكبرى في أوروبا والعالم العربي.
تسم المواد المعروضة بندرتها: لوحات أصلية من أرشيف المانغا، صور فوتوغرافية من مراحل الإنتاج، مقابلات مصورة مع جو ناغاي، ونسخ أولى من مجسمات "شوغوكين" التي صدرت عام 1976 .
يمتد الاحتفال إلى قلب العاصمة الفرنسية. ففي ممرات مترو شاتليه، أُقيم معرض فني مفتوح للجمهور، بالتعاون مع هيئة النقل في باريس، فتحوّلت المحطة الأكثر ازدحاما في المدينة إلى متحف عام لـ"غرندايزر" يستقبل آلاف الزائرين يوميا.
وطُرحت في اليابان مجموعة إصدارات فاخرة ومحدودة، أبرزها"ساعة "تيسو – غرندايزر خمسون عاما" التي أُعلن عنها في سبتمبر 2025 ولم يُنتج منها سوى 1975 قطعة، في إشارة ترمز إلى تاريخ إطلاق الأنمي. تتميز الساعة بعقرب للثواني صُمم على شكل "الرزة المزدوجة" التي يستخدمها "دوق فليد"، وتأتي داخل علبة تحاكي مركبة "سبيزر" الشهيرة، وممهورة بتوقيع جو ناغاي نفسه.
بالتوازي مع هذا الزخم، عاد "غرندايزر" إلى الشاشة بعد أكثر من أربعة عقود من التوقف. ففي 5 يوليو 2024، بدأ عرض "غراندايزر يو"، العمل الجديد الذي تشارك فيه مانغا للإنتاج وهي أحد الشركات التابعة لمؤسسة محمد بن سلمان (مسك) وتختص في صناعة المحتوى الإبداعي من خلال إنتاج الرسوم المتحركة وألعاب الفيديو والقصص المصورة، في تسويقه وإنتاجه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news