حضرموت والمهرة: مأزق المجلس الانتقالي بين تركيبة المجتمع وحدود القوة

     
المشهد اليمني             عدد المشاهدات : 52 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
حضرموت والمهرة: مأزق المجلس الانتقالي بين تركيبة المجتمع وحدود القوة

في حضرموت والمهرة لا يُواجَه تمدّد المجلس الانتقالي الجنوبي بإشكالٍ سياسي عابر يمكن تجاوزه بتفاهمات شكلية ، بل بعائقٍ بنيوي عميق يتصل بطبيعة المجتمع المحلي ومنظومته القيمية والتاريخية . فهاتان المحافظتان لا تنظران إلى السلطة بوصفها غلبةً مسلحة ولا إلى السياسة باعتبارها امتدادًا للبندقية ، بل كوظيفة دولة ونظام وقانون . من هنا يبدأ مأزق المجلس الانتقالي الحقيقي .

أول مظاهر هذا المأزق يتمثل في غياب الحاضنة الاجتماعية الصلبة . فحضرموت والمهرة تمتلكان بنية اجتماعية وقبلية مختلفة جذريًا عن بيئات عدن ولحج والضالع ، حيث لا تُنتج القوة المسلحة شرعية تلقائية ولا تُكافأ الهيمنة الخشنة بولاء اجتماعي . المجتمع هنا أكثر ميلاً إلى السلم الأهلي وأكثر حساسية تجاه أي محاولة فرض نفوذ خارج التوافق المحلي . ولهذا فإن أي حضور سياسي لا ينبثق من الداخل الاجتماعي ولا يحترم توازناته يُنظر إليه باعتباره اختراقًا لا تمثيلًا .

ويتعزز هذا الرفض البنيوي بسبب انعدام الشرعية التاريخية للمجلس الانتقالي في المحافظتين . فالمجلس لا يمتلك سردية تاريخية جامعة ولا ذاكرة نضالية مرتبطة بحضرموت أو المهرة يمكن البناء عليها لإنتاج قبول رمزي . على العكس يُنظر إليه كفاعل وافد تشكّل في سياق جغرافي وتاريخي مختلف ، ويحاول إسقاط تجربته ورموزه على بيئة لم تكن جزءًا من نشأته ولا من معاركه . وبدون شرعية تاريخية أو رمزية يصبح أي حضور سياسي مجرد محاولة تمدّد بلا جذور .

أما الإشكال الثالث، فيكمن في تصادم الخطاب الانفصالي مع المزاج المحلي . فالمجتمع في حضرموت والمهرة يميل بطبيعته إلى الدولة والنظام ، حتى في لحظات ضعف الدولة نفسها

لا توجد حاضنة واسعة لمشاريع فصائلية أو شعارات تعبوية تقوم على القطيعة مع الإطار الوطني العام . بل إن مطلب الناس في جوهره يتمحور حول دولة عادلة وسلطة محلية قوية ضمن نظام وطني جامع ، لا حول مشاريع هوية صدامية أو اصطفافات حادة . ومن هنا يبدو الخطاب الانفصالي غريبًا عن المزاج العام بل ومقلقًا له .

ويبلغ هذا التناقض ذروته عند نقطة الارتهان لشرعية القوة . فالمجلس الانتقالي بُني أساسًا كفاعل “عسكري–أمني” قبل أن يكون كيانًا سياسيًا مدنيًا ، وهو ما يضعف مصداقيته في بيئة ترى في السلاح خطرًا على الاستقرار لا وسيلة لتحقيقه . في حضرموت والمهرة لا يُكافأ السلاح بالشرعية بل يُقابل بالتحفّظ والريبة . وكلما استند الفاعل السياسي إلى القوة بدل التوافق تآكلت فرص قبوله حتى وإن رفع شعارات المشاركة أو الشراكة.

في المحصلة لا يواجه المجلس الانتقالي في حضرموت والمهرة أزمة تكتيك أو سوء تواصل بل أزمة بنية وملاءمة . فبيئة تُقدّس النظام وتحترم الدولة وتتحسّس من الهيمنة المسلحة ، لا يمكن اختراقها بخطاب صدامي ولا بوجود أمني فوقي ، سيظل قبول المجلس الانتقالي في هاتين المحافظتين قبولًا مستحيلًا .

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عاجل: وصول قوات عسكرية جديدة إلى حضرموت.. هل بدأت ساعة الصفر لتنفيذ قرارات التحالف؟

موقع الأول | 2010 قراءة 

ذبح جنود في حضرموت وهذه هي الجهة المجرمة التي تقف خلف العملية

عدن تايم | 1458 قراءة 

الانتقالي يقدّم ضمانات بعدم إعلان الانفصال ويوافق على عودة مجلس الرئاسة لعدن… مقابل بقاء قواته في حضرموت والمهر

يمن اتحادي | 1179 قراءة 

الانتقالي عبر وسيط يوافق على الانسحاب التدريجي وهذا الرد السعودي حوّل ذلك تفاصيل حصرية

المشهد الدولي | 1108 قراءة 

عاجل: الحكومة اليمنية والتحالف يمنحان المجلس الانتقالي مهلة 48 ساعة للانسحاب من حضرموت والمهرة.. ساعة الصفر تقترب

مأرب برس | 1077 قراءة 

الزبيدي يجتمع بقيادات المجلس الانتقالي في عدن ويكشف خطوات عاجلة

شمسان بوست | 1053 قراءة 

بيان ناري من مجلس الشورى حول التدخل السعودي في حضرموت والمهرة!

موقع الأول | 776 قراءة 

أكاديمي إماراتي يهاجم القيادة السعودية: تهديدك لجنوب اليمن جنون.. حرر صنعاء أولاً

بران برس | 751 قراءة 

اقوى رد اماراتي على طلب التحالف العربي من الانتقالي الانسحاب من حضرموت والمهرة

كريتر سكاي | 688 قراءة 

تحركات جديدة للمجلس الانتقالي نحو ترتيبات استراتيجية تشمل مأرب وتعز والبيضاء

الأمناء نت | 625 قراءة