يرى مراقبون ومحللون سياسيون أن خطاب رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بات يحمل تناقضات واضحة، خصوصًا في طريقة تعاطيه مع ملف حضرموت من جهة، وملفات جرائم مليشيا الحوثي من جهة أخرى، مؤكدين أن هذه الازدواجية تفتح باب الشك حول الدوافع الحقيقية وراء بعض الدعوات للتدخل العسكري.
يشير محللون إلى أن العليمي طالب التحالف العربي بالتدخل العسكري في حضرموت تحت لافتة “حماية المدنيين”، بينما تؤكد الوقائع الميدانية أن الوضع في حضرموت لا يشهد انتهاكات واسعة ضد السكان، مقابل حالة استقرار أمني نسبي مقارنة بمراحل سابقة. ويعتبر هؤلاء أن توظيف ملف “حماية المدنيين” في سياق لا تبرره المعطيات على الأرض يثير تساؤلات حول الهدف السياسي من هذه الدعوة.
صمت أمام جرائم الحوثي في حجور ورداع والبيضاء
في المقابل، يلفت مراقبون إلى أن العليمي لم يُعرف عنه موقف مماثل أو تحرك علني حين اجتاح الحوثيون حجور، أو عندما تعرضت مناطق في رداع لنسف منازل مواطنين، أو حين شهدت البيضاء انتهاكات جسيمة. ويؤكد محللون أن غياب ردود الفعل الرسمية تجاه تلك الوقائع يعكس انتقائية في التعامل مع معايير حماية المدنيين.
حرب على الجنوب… وسلام مع الحوثي
ويرى محللون أن المفارقة الأبرز تتمثل في استدعاء العليمي التدخل العسكري باتجاه الجنوب المحرر، في الوقت الذي يتحدث فيه عن مسارات تهدئة وتفاهم مع مليشيا الحوثي. ويعتبرون أن هذا التناقض يرسل رسالة ملتبسة: تصعيد ضد الجنوب المستقر مقابل تليين الخطاب تجاه الحوثي المنقلب.
الشيعبي: التصعيد يخالف الجهود الدولية ويستهدف “الشريك”
وفي السياق ذاته قال رئيس تحرير موقع “سوث24” إياد الشيعبي، أن المجتمع الدولي يدعو إلى التهدئة ومواصلة المسار الدبلوماسي لمعالجة الأزمة، بينما يأتي تبنّي خيار التصعيد وفق استجابة لطلب قدمته “قيادة يمنية أخفقت طوال سنوات في إدارة الدولة”، معتبرًا أن ذلك “يتعارض مع الجهود الدولية الرامية إلى خفض التوتر”.
وأضاف الشيعبي أن “التعويل على نخب فشلت في إدارة مؤسسات الدولة، ومسؤولين ارتبط اسمهم بالفساد وسوء الإدارة، واستنادهم إلى تفويض يفتقر إلى المشروعية والتوافق الوطني، لا يمكن أن يشكل أساسًا لحل أو مدخلًا للاستقرار”، مشيرًا إلى أن هذه القوى غادرت عدن وتخلّت عن مسؤولياتها، ثم تحاول “تحويل مسار الصراع واستهداف الشريك الذي تحمل الأعباء الأكبر في حماية أمن الجنوب”.
كما شدد الشيعبي على أن من عجز عن إدارة شؤون محافظته الأصلية لا يملك—بحسب تعبيره—مشروعية سياسية أو أخلاقية لتهديد المدنيين في حضرموت أو أي محافظة جنوبية، محذرًا من أن أي تدخل يُوجّه ضد أهل الأرض والقوى التي تحميها “لا يمكن تفسيره إلا بوصفه مسارًا خطيرًا”.
وختم الشيعبي بالتعبير عن أمله في ألا تنجر المملكة العربية السعودية إلى ضغوط “نخب أثبتت التجربة عجزها عن فهم الجنوب واحترام قضيته”، وأن تستمر في دورها كعامل توازن وحكمة يسهم في معالجة جذور الأزمة لا تعقيدها.
ويؤكد محللون أن الجنوب “ليس ساحة لتصفية الحسابات”، وأن أمنه واستقراره يمثلان خطًا أحمر، محذرين من أن أي مقاربات تقوم على التهديد أو التدخل العسكري ستعيد إنتاج الأزمات بدل حلها، وتزيد من تعقيد المشهد بدل حماية المدنيين.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news