القليل من سيرة الرائد عبدالرحمن الشيباني

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 46 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
القليل من سيرة الرائد عبدالرحمن الشيباني

لا تزال الذاكرة العسكرية اليمنية تحتفظ باسم الرائد عبد الرحمن الشيباني كأحد أسمائها الملهمة، والذي استشهد  بصعدة في ابريل  1982 وهو على عتبة الأربعين من عمره ، دفعا  بهذا الاستشهاد  ثمناً لصلابته ومبدئه العسكري وانتمائه الوطني العالي، وهو يقارع قوتين غاشمتين، أضمرتا له الحقد الدفين.

ولد بقرية ( الحُمَاري) بوادي جنِّن بغرب بني شيبة  بمحافظة تعز في العام 1944م ، وينحدر من أسرة فلاحية مكافحة تعتمد على زراعة الأرض في موسم الأمطار، والقليل من أفراد الأسرة  سلكوا طريق الهجرة إلى عدن وسواحل شرق افريقيا مثل كثير من الأفراد، الذين ضاقت بهم الحياة بفعل الاستبداد والإفقار التي مارستها سلطة الامامة على أبناء المجتمع، ومن ضمن المهاجرين من الأسرة كان والد عبد الرحمن الذي استقر مطلع الأربعينات في منطقة التواهي  بمستعمرة عدن البريطانية، ولهذا حين أكمل الطفل المتقد تعليمة الأولي في كتاب القرية (مدرسة القُزحي)، التحق بوالده بعدن، وعمل معه في دكانه  بالقرب من الميناء النشط وقتذاك، وفي ذات الوقت التحق كطالب  بالمدرسة الأهلية بالمدينة، والتي كانت تستوعب الأطفال القادمين من المناطق الريفية ( من شمال اليمن ومناطق المحميات القريبة من المستعمرة)، والذين لا يستطيعون الالتحاق بالمدارس الحكومية  النظامية، التي كانت تشترط على الملتحقين بها أن يكونوا من مواليد المدينة، ولديهم وثائق ولادة رسمية (مخالق).

بعد أن أكمل عبد الرحمن تعليمه الأساسي في المدرسة الأهلية، انتقل لاستكمال دراسته المتقدمة  في مدرسة البادري بكريتر، في وقت كانت حالة المد القومي في أوجها، بفعل  الحضور الكارزمي لزعيم الآمة جمال عبد الناصر، وحالة الغليان في المدينة ضد المستعمر البريطاني وأدواته من أحزاب وكيانات، كانت تناصب العداء للمشروع القومي، بل وتحرض عليه وتتأمر على شخصياته الفاعلة  داخل المدينة ومحيطها.

في هذا الجو السياسي الصاخب ،وحالة الاستقطابات السياسية  للاتجاهات القومية واليسارية، تشكل وعي الشاب الصغير الذي كان يتقد ثورية وحماسا  ضد الاستعمار البريطاني في الجنوب اليمني المحتل، وضد النظام الكهنوتي المستبد والمنغلق في الشمال، ولم يجد في تفريغ شحناته وحماسه  في بداية الأمر سوى بالمشاركة  في المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية التي تنظمها  الأحزاب والنقابات، في كل مناسبة تستدعي ذلك.

في أواخر الخمسينات  كانت الوحدة المصرية السورية  بقاطرتها  السياسية (الجمهورية العربية المتحدة) هي الأنموذج الملهم لحالة التحول، وتحت لافتاتها نشطت الأحزاب القومية واليسارية التواقة لمشروع العروبة الكبير، فكان أن انظم الشاب عبد الرحمن لحزب البعث العربي الاشتراكي في أوج حضوره السياسي في اليمن وبعض الاقطار العربية، حين كان حليفا للنظام الناصري، وبواسطة الحزب تحصل الشاب على منحة دراسية في الكلية الحربية في القاهرة، حين كان الحزب يؤسس لجناحه العسكري إلى جانب تكويناته السياسية والنقابية النشطة، في إطار المؤتمر العمالي، وحزب الشعب الاشتراكي.

وصل الشاب إلى القاهرة في العام 1960، واستمر كطالب في الكلية لقرابة عام كامل، غير أن تسارع الأحداث ، وفشل حالة الوحدة المصرية السورية ، بقيام  مجموعة من الضباط البعثيين وبعض الاتجاهات السياسية المناوئة لعبد الناصر ونظامه بإعلان  حالة الانفصال، وما استتبع ذلك من تضييق الخناق على البعثيين في مصر جعلت الشاب يغادر القاهرة إلى دمشق، حيث التحق من جديد بالكلية الحربية في العاصمة السورية، بعد حركة  8آذار مارس 1962.

بعد تخرجه من الكلية التحق بالجيش العربي السوري ورابط في أكثر من جبهة قتالية حتى قيام حرب  حزيران/ يونيو 1967حيث تعين قائداً لسرية في أحد الألوية في القطاع  الجنوبي السوري الذي كان يمثل أحد أهم قطاعات الجبهة السورية المواجهة  للجيش الإسرائيلي،  وكان مقر قيادته في منطقة بانياس الجولان (أو بانياس الحولة) في الجزء الجنوبي الغربي من هضبة الجولان، ضمن محافظة القنيطرة السورية، عند ملتقى الحدود السورية-اللبنانية-الفلسطينية ، وقد كانت له بطولات نادرة وشجاعة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي حيث كان الشهيد ورفاقه يقوم بالإغارة وعمل الكمائن للقوات الإسرائيلية ويهاجمهم في مواقعهم.

وقد أشترك في العديد من المهام القتالية الاستطلاعية الليلية على الجبهة السورية الإسرائيلية ، وقد عرف عنه أيضا  تفوقه في الرماية، ولهذا شارك في العديد من المسابقات (لأمهر الرماة) على مستوى فصائل الجيش السوري وقد كان يحصل على مراكز متقدمة في هذه المسابقات .

حظي باحترام الضباط والأفراد الذين عمل معهم في القوات السورية،  سواء على جبهة القتال أوفي الوحدات العسكرية الداخلية  وحظي أيضا بتقدير الطلبة الذين قام بتدريبهم سواء في المواقع العسكرية أو المدارس والكليات العسكرية، كما كان له نشاط واضح في رابطة الطلاب اليمنيين في سوريا التي كان يسيطر عليها الطلاب القوميون إجمالاً وقتذاك.

في منتصف عام 1968 التقى عبد الرحمن الشيباني بأحد ضباط سبتمبر المعروفين وهو  حمود بيدر أثناء زيار الأخير لسوريا، بعد أن سمع كثيرا عن بطولاته في مواقع القتال على الجبهة السورية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي واقنعه بالعودة إلى اليمن و الالتحاق بجيش الجمهورية العربية اليمنية (سابقا) وايضا للاستفادة من خبراته القتالية والنظرية،  بعد أن أدى دوره القومي في الدفاع عن الأرض العربية كما ينبغي.

ونظرا لما قام به من دور فعال في حرب1967 ولما يتمتع به من حنكة عسكرية فقد عرض عليه  قادته  في الجيش السوري الاستمرار والبقاء ضمن وحدات الجيش السوري لكنه  فضل العودة إلى صنعاء ، لنقل خبراته بعد أن صار ملما بقواعد العلوم العسكرية وتقناتها الحديثة.

وفي منتصف 1969 عاد عبدالرحمن الشيباني إلى اليمن، وتم تعيينه أركان حرب سلاح الصاعقة،  وبعد فترة قصيرة  نقل الي الكلية الحربية  كمعلم ، و كان يدرِّس الطلبة  مادة (فنون القتال ،ومادة أسلحة الدمار الشامل) ، وبعدها تم ترقيته إلى كبير المعلمين في الكلية.

بقي في هذا الموقع لسنوات طويلة، وتتلمذ على يديه مئات الضباط الشبان، حتى العام 1977 حين تحصل علة  دورة عسكرية مكثفة في إحدى الأكاديميات العسكرية السعودية،  وبعد فترة قصيرة من عودته تحصل على دورة عسكرية متقدمة في الولايات المتحدة الأمريكية.

في  منتصف أكتوبر 1981 تولى مسؤولية رئاسة عمليات لواء السلام المرابط على الحدود بين صعدة والسعودية ، وفي منطقة حساسة جدا  يتجاذبها؛ نزعة السعودية التوسعية، ونشاط المهربين الواسع في منطقة البقع والذي عمل عبد الرحمن وقواته على سد منافذه، فكان أن تماهت الزغبتان ( رغبة التمدد والابتلاع السعودي ورغبة المهربين ) للتخلص من الرجل الشجاع.

يقول أمين اسماعيل الشيباني عن ذلك:

“خلال فترة عمله تصدى لكل محاولات السعودية للتمدد او اختراق حدودنا ، ومن ضمن أكثر مواقع النزاع وقتها بعض التباب الصخرية التي تميزت بموقعها العسكري الهام ، والتي حرص عبد الرحمن على التمسك بها وهو ما أدى بالإضافة الى تصدية لكل محاولات الاختراق الى نسج مؤامرة خبيثة أدت الى استشهاده مع 7 من رفاقه الجنود من أبناء مديرية حرف سفيان، في كمين غادر استهدفهم وهم في طريقهم الى مدينة صعدة  في 21 أبريل 1982.

ولشعورهم بالاعتزاز والتقدير لهذا الرائد الشجاع أطلق أبناء صعدة على تلك التباب (قُلل الشيباني) ولم يكن صدفة أن يكون الجبل المطل على منزل الشهيد في قريته بني شيبة تحمل قمته اسم (القلة) ، كما أنه ليس غريباً على الشهيد  وهو يغادر سوريا بعد خدمته الطويلة مع الجيش السوري طوال الستينات أن يخلف هناك تبة اسمها الى الآن ( تبة الشيباني) وهذا ما سمعته شخصيا من بعض الاخوة السوريين.”

يقول عبد الملك مفضل: “جبال قلل الشيباني ( والمنسوبه إلى البطل الشهيد عبدالرحمن الشيباني). هي عباره عن قمم لثلاثه مواقع مهمه تقع في شمال مديرية باقم وتبرز أهمية هذه السلسلة الجبلية كونها تقع في المنطقة المحاددة لعسير، فهي تطل على منفذ (علب) وتهيمن على الخط العام داخل عسير إلى منطقة “مندبة” التابعة لمديرية باقم محافظة صعدة من جهة الجنوب. كما أنها تهيمن من حيث موقعها العسكري على مناطق في عمق “ظهران الجنوب” من جهة الشمال”.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عاجل.. تصريح ناري لروسيا حول أحداث حضرموت والمهرة وبيان السعودية 

موقع الأول | 1128 قراءة 

تجدد القصف السعودي الليلة

كريتر سكاي | 1089 قراءة 

“رشاد العليمي” يتقدم بطلب لقوات التحالف باتخاذ كافة التدابير العسكرية لفرض التهدئة في حضرموت

بران برس | 1029 قراءة 

ورد الان.. بحضور 4 من أعضاء المجلس الرئاسي.. مجلس الدفاع الوطني يعقد اجتماع طارئ في الرياض

يني يمن | 711 قراءة 

تصريحات نارية لعلي ناصر رئيس اليمن الاسبق عن الأوضاع في البلاد

المشهد اليمني | 670 قراءة 

أول تعليق سعودي على بيان المجلس الانتقالي الجنوبي

موقع الأول | 553 قراءة 

بريطانيا تكسر صمتها.. تصريح مفاجئ لوزير الدولة البريطاني حول أحداث حضرموت والمهرة 

موقع الأول | 497 قراءة 

هجوم سعودي على بعض ممثلي القضية الجنوبية

كريتر سكاي | 495 قراءة 

بقرار من الرئيس الزُبيدي.. قيادي في المجلس الانتقالي يزف بشرى سارة

موقع الأول | 436 قراءة 

باعوم يفجرها ويؤكد عدم انسحاب القوات من حضرموت

كريتر سكاي | 408 قراءة