كشفت مصادر مطلعة أن قرارات ما تُسمّى بتشجيع المنتج الوطني، التي تتخذها المليشيات الحوثية في صنعاء، تحوّلت إلى أداة لتمكين اقتصادها الخاص واحتكار السوق، حيث تذهب نحو 75% من الإعفاءات الضريبية والجمركية لصالح منشآت ومعامل مرتبطة بالاقتصاد الحوثي الطائفي، على حساب رأس المال الوطني والمستهلكين.
وأوضحت المصادر أن الزيادات الأخيرة في الرسوم الجمركية والضريبية على الملابس والأحذية المستوردة، والتي رُوّج لها باعتبارها دعمًا للإنتاج المحلي، جاءت رغم علم الجهات المعنية بأن معامل الخياطة المحلية لا تلبي احتياجات السوق ولا أذواق المستهلكين في صنعاء ومحيطها.
واعتبرت أن الهدف الحقيقي من هذه الإجراءات هو إقصاء المستوردين وتمكين معامل تابعة للجماعة عبر تسهيلات وإعفاءات واسعة.
وقال مصدر في وزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار بصنعاء إن توطين صناعة الملابس يتطلب بنية إنتاجية متكاملة تبدأ بزراعة القطن وتوطين صناعة النسيج، وهو ما لا يتوافر حاليًا.
واعتبر أن الحديث الرسمي عن التوطين “زوبعة إعلامية” لتبرير احتكار السوق والحصول على تمويلات وإعفاءات، مشيرًا إلى أن “الوطني” في هذه المعامل يقتصر على العامل اليمني منخفض الأجر، فيما تُستورد المواد الخام والآلات بالكامل بإعفاءات تصل أحيانًا إلى 75%.
وكشف مصدر خاص اطّلع سابقًا على توجهات الاحتكار أن غالبية الإعفاءات الممنوحة بذريعة تشجيع الإنتاج المحلي تصب في صالح منشآت مرتبطة بالجماعة، وأن فكرة “التوطين” التي يشرف عليها قياديون سابقون في وزارة الصناعة والتجارة تهدف إلى تبييض الأموال المُجباة وتمكين الاقتصاد الخاص بالجماعة من السيطرة على حصة كبيرة من السوق، عبر رفع الرسوم على المستوردين وتعقيد إجراءاتهم ودفعهم للخروج.
وفي السياق ذاته، أفاد مصدر في مصنع الغزل والنسيج بصنعاء بأن إعادة تشغيل المصنع جاءت للاستفادة من بنيته التحتية والحصول على موازنات تحت مسميات الصيانة والتأهيل، مؤكدًا أن المصنع تحوّل فعليًا إلى معمل خياطة، بينما ظلت خطوط النسيج قديمة ومتهالكة وتحتاج إلى تحديث شامل.
أما في ملف القمح، فأكد مصدر في مؤسسة تنمية وإنتاج الحبوب أن زراعة القمح في الجوف لا تغطي أكثر من 5% من احتياج السوق، وأن سعر المنتج المحلي أعلى من المستورد، لافتًا إلى وجود اختناقات تموينية متعمدة لتصريف مخزون القمح المحلي. كما أشار إلى مصادرة مساحات واسعة من الأراضي ومنحها لنافذين مقابل توريد نسب إلى الوعاء الإيرادي الخاص بالجماعة.
وبيّن مصدران مطلعان على حسابات مزارع القمح أن كثيرًا من تلك المزارع تُدار بعقود من الباطن لصالح نافذين، بعد الاستحواذ على أموال عامة ومساعدات دولية تحت يافطات التمكين الاقتصادي، مؤكدين أن الفساد وسوء الإدارة وغياب الإرشاد الزراعي فاقم فشل عدد من المشاريع.
وتحدثت المصادر عن صراع متصاعد داخل الجماعة بين نافذين في استيراد القمح ومستثمرين في مزارع الجوف، بسبب ضغوط لشراء القمح المحلي مرتفع السعر، ما أسهم في أزمات تموينية وارتفاع الأسعار، كما حدث في سبتمبر الماضي.
وبحسب المصادر، فإن مساعي تأسيس اقتصاد حوثي خاص تحت لافتة تشجيع المنتج المحلي بدأت تُحدث ارتدادات داخلية، مع بروز مراكز نفوذ اقتصادية تتصارع على الإعفاءات والحصص السوقية، وهو ما ينذر بتأثيرات سلبية على تماسك الجماعة، وقد ظهرت ملامحه في الخلافات حول شحنات القمح عبر ميناء الصليف ومنع شركات مطاحن من الاستيراد، بينها شركة المحسن التي حمّلت وزارة الاقتصاد مسؤولية أي أزمة محتملة في السوق.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news