نظم المركز الثقافي بسفارة الجمهورية اليمنية لدى جمهورية مصر العربية فعالية توقيع ومناقشة كتاب «ألغام اليمن السعيد: رحلة على الخطوط الأمامية للجحيم» للكاتب الصحفي حسين البدوي، الصادر عن دار العين للنشر في 333 صفحة، يوثق من خلالها المؤلف تجربته الميدانية داخل حقول الألغام في اليمن، كاشفًا جانبًا مظلمًا من آثار الحرب الممتدة على الإنسان والمكان.
وشهدت الفعالية حضور نخبة من الإعلاميين والمثقفين والمهتمين بالقضايا الإنسانية، وشارك في النقاش الكاتب الصحفي المصري مجدي الدقاق، رئيس تحرير مجلتي الهلال وأكتوبر سابقًا، والإعلامي والسياسي اليمني الدكتور عبدالحفيظ النهاري، فيما أدار اللقاء وقدمه المستشار الإعلامي بسفارة اليمن بالقاهرة بليغ المخلافي.
واستعرض المؤلف حسين البدوي خلفيات إنجاز الكتاب، معتبرًا أن الألغام التي زرعتها المليشيات خلال سنوات الحرب تمثل «إبادة صامتة» استهدفت الإنسان اليمني ومقومات حياته، مؤكدًا أن رحلته بين المناطق الملوثة بالألغام كانت صادمة منذ لحظتها الأولى، بدءًا من وصوله إلى مطار عدن الدولي، حيث اكتشف انتشار الألغام في مساحات واسعة منه.
وأوضح البدوي أن الألغام لم تميز بين البشر أو الطبيعة، وتسببت في كارثة إنسانية واسعة النطاق، ما استدعى توثيق هذه الجريمة بالصوت والصورة والشهادة الحية.
وبيّن أن الكتاب يقدم نموذجًا مختلفًا للعمل الصحفي الميداني في واحدة من أكثر البيئات تضررًا من النزاعات، مشددًا على أن ما ورد فيه يشكل وثيقة إنسانية ستظل حاضرة في النقاشات الدولية خلال السنوات المقبلة.
وأشاد بالدور الذي يقوم به مشروع «مسام» لنزع الألغام في اليمن، مؤكدًا أن فرق المشروع أسهمت في إنقاذ آلاف الأرواح، رغم التضحيات الكبيرة التي قدمتها، حيث سقط 30 شهيدًا من كوادر نزع الألغام، بينهم خمسة خبراء أجانب، خلال عمليات تطهير الأرض من هذا الخطر المزروع تحت التراب.
وأشار البدوي إلى أن فرق «مسام» تمكنت منذ منتصف عام 2018 وحتى اليوم من نزع ما يقارب 530 ألف لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة، بعضها مموه على هيئة صخور أو ألعاب أطفال أو حقائب نسائية، إضافة إلى تطهير أكثر من 75 مليون متر مربع من الأراضي اليمنية.
ولفت إلى أن المليشيات طورت الألغام بوسائل قاتلة، مستخدمة دواسات كهربائية تجعل أي وزن بسيط سببًا لانفجار مميت، في سلوك يعكس تعمد القتل لا مجرد إعاقة الحركة.
من جهته، أكد بليغ المخلافي أن زراعة الألغام في اليمن جرت على نطاق واسع ودون خرائط، ما ضاعف من حجم المأساة، معتبرًا أن كتاب «ألغام اليمن السعيد» قدم مادة توثيقية مهمة للباحثين والصحفيين، من خلال شهادات مباشرة للضحايا، وانتهى بتوصيات تسهم في الحد من تداعيات هذه الجريمة.
بدوره، تحدث مجدي الدقاق عن الجرأة المهنية للمؤلف، معتبرًا أن العمل يمثل سابقة في التحقيقات الصحفية، إذ انتقل الكاتب بنفسه إلى «حقول الموت» ليحول العمل الصحفي إلى شهادة حية على واحدة من أخطر الجرائم المعاصرة، محذرًا في الوقت ذاته من خطورة الألغام الفكرية والاجتماعية التي لا تقل تهديدًا عن الألغام الأرضية.
وأشار الدكتور عبدالحفيظ النهاري إلى دلالة عنوان الكتاب، الذي يعكس مفارقة مؤلمة بين صورة «اليمن السعيد» وواقع الألغام القاتل، مؤكدًا أن هذا السلاح يترك آثارًا ممتدة لعقود بعد توقف الحروب، ويقوض فرص التنمية والاستقرار.
وتطرق إلى الاتفاقيات الدولية التي تحظر الألغام، والقوانين التي تجرم زراعتها، مستعرضًا الجهود المحلية والدولية لنزعها، وفي مقدمتها دور مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ومشروع «مسام»، مشددًا على أن أي حديث عن إعادة الإعمار يظل مرهونًا بإزالة الألغام وتقليص ضحاياها.
يُذكر أن كتاب «ألغام اليمن السعيد» شارك مؤخرًا في عدد من المعارض الدولية، بينها معارض الرياض وعمان والشارقة والكويت والعراق وجدة الدولية للكتاب، ومن المقرر أن يشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب خلال الفترة من 21 يناير إلى 3 فبراير 2026م.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news