جريمة دار الرئاسة فتحت الباب لاستهداف اليمن وأنهت واقع الدولة
قبل 13 دقيقة
مضى على محاولة اغتيال الرئيس علي عبد الله صالح أربعة عشر عامًا، عندما كان وقتها في جامع دار الرئاسة اليمني. تعرض الرئيس علي عبد الله صالح في ذلك الوقت لمحاولة اغتيال مع رجال وكبار قادة الدولة اليمنية، وكانت الجهة التي شاركت في هذه العملية والاستهداف هي قوى وأحزاب اللقاء المشترك، حيث لعبت دورًا سلبيًا بعد تلك الحادثة، وبعد تسليم الرئيس للسلطة من خلال انتخابات مبكرة. هذه القوى عبثت بالوطن منذ فشلها في الوصول إلى السلطة بعد انتخابات عام 2006.
استغلت هذه القوى المشتركة أحداث واحتجاجات الربيع العربي، المدعوم من الغرب وإسرائيل والقوى الاستعمارية، وقامت بهذه العملية الإرهابية البشعة والخطيرة في تاريخ اليمن السياسي الحديث، والتي أدت إلى إصابات مباشرة وخطيرة للرئيس، واستشهاد كوكبة من المسؤولين والعسكريين من كبار قادة الدولة، في عمل إجرامي خطير أثناء أداء صلاة الجمعة، في الجمعة الأولى من شهر رجب الحرام. لكن قدرة الله وحكمته شاءت أن ينجو الرئيس علي عبد الله صالح رغم تعرضه لجروح وحروق خطيرة، وخاب مخطط القوى المعادية للدولة والمؤسسات التي رفعت شعار إسقاط النظام، والتي كانت تريد كل ما هو سيئ.
لن ينسى التاريخ ولا الشعب اليمني تلك الجريمة، لأن الدم يجر الدم والعنف يولد العنف. وقد فتحت هذه الجريمة الشنيعة باب صراع لم ينته وتفكيكًا لواقع الدولة، وتم تدشين أعمال الانتقام والثأر السياسي التي لا تزال مستمرة حتى اليوم في ربوع اليمن.
هذا هو سلوك النشاط الإرهابي الذي يسعى إلى فرض التسلط، وتحالفت فيه جميع قوى الإسلام السياسي، وتقاسمت الأدوار في الانقضاض على الجمهورية، واغتيال وطن وشعب من أجل الوصول إلى السلطة بأي ثمن، وتحقيق أهدافها ومشاريعها الخبيثة، عبر مشاريع وهمية مريضة مثل إقامة "دولتي الخلافة والولاية" في انقلاب مكتمل الأركان على دستور الجمهورية وسيادة ووحدة اليمن.
لقد صنعت هذه الجريمة واقع استهداف الدولة وتفكيكها، وقدمت الدولة اليمنية على طبق من ذهب لتدخلات الخارج والإقليم، والتدخلات التي لم تنته في الشأن اليمني، وسلبت سيادته وقراره، بل دفعت باليمن إلى حالة من الفوضى والتمزق والشتات، وبروز مشاريع طائفية وفئوية قد تعيد اليمن إلى الماضي السحيق والظلامي، وصراعات وتقسيمات ما قبل ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر المجيدتين.
اليمنيون اليوم مطالبون باستلهام الدروس والعبر من تلك الجريمة السياسية وعدم تكرار الأخطاء. فمع تساهل النظام وإعاقة الإجراءات القانونية من قبل قوى حكمت لاحقًا، كان هذا خطأ كبيرًا، كما أنه يمثل تهربًا من معاقبة المجرمين بشكل جدي. وكان سبب هذا المماطلة هو وقوف أطراف كبيرة وشخصيات ذات وزن رفيع، بدعم من بعض الدول، خلف هذا الحدث الخطير، الذي يمثل أخطر معالم تهديد البلد ومخالف للقانون والدستور، وما شجع القوى الأخرى للانقلاب على الدولة والمجتمع وفرض إراداتها غير المشروعة.
كان من الأجدر، ولا يزال بالإمكان، ومن منطلق حماية الدولة اليمنية، أن تتحمل القوى والأحزاب التي اشتركت في هذه الجريمة تبعات ما جرى وظروف ما تسببت به حتى اليوم من انهيار واقع الدولة. وكان من الواقعي تطبيق قانون العزل السياسي عليها، فمثل هذه الجريمة يجب أن تدار ومعاقبة من قام بها محليًا ودوليًا حتى لا تتكرر.
فالحوار في واقعنا اليمني لم يكن الخيار المناسب، فقد اعتاد التاريخ اليمني المعاصر أن اليمنيين عندما يتحاورون دائمًا، يختارون الحرب للانقلاب على تلك الحوارات.
لكن يظل الخيار أمام اليمنيين في بناء دولة ومؤسسات وطنية، لأنها الضامن الوحيد لبقاء الدولة وسيادة القانون والدستور والعدالة المنشودة.
"رئيس مركز مداري للدراسات والأبحاث الإستراتيجية
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news