كشفت صحيفة
نيويورك تايمز
الأميركية، في تحقيق موسع نُشر يوم الأربعاء، عن مخطط تقوده شخصيات عسكرية وأمنية بارزة كانت تنتمي إلى نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، يهدف إلى زعزعة استقرار الحكومة السورية الجديدة والسعي للإطاحة بها، في محاولة لاستعادة النفوذ والسيطرة على أجزاء من البلاد، وعلى رأسها الساحل السوري.
وأوضح التحقيق أن هذه التحركات تأتي بعد مرور عام على سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، حيث يعمل عدد من القادة العسكريين والمخابراتيين السابقين من خارج سوريا على إحياء تمرد مسلح، مستفيدين من شبكاتهم القديمة وعلاقاتهم الإقليمية والدولية. وأشارت الصحيفة إلى أن أحد هؤلاء القادة يقود في الوقت نفسه حملة ضغط سياسي داخل واشنطن، في مسعى لإعادة تشكيل المشهد السوري من بوابة الأقليات.
وبحسب التحقيق، تسعى مجموعة من الجنرالات السابقين إلى فرض سيطرتهم على الساحل السوري، الذي يُعد معقلًا للطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد وكثير من رموز نظامه السابق. ورغم عدم وضوح حجم التهديد الفعلي الذي قد يشكله هذا التحرك على الحكومة السورية الحالية، إلا أن الاتصالات والوثائق التي اطلعت عليها الصحيفة أظهرت تصميمًا واضحًا لدى هؤلاء القادة على استعادة نفوذهم المفقود.
تفاصيل التمويل والتجنيد
استند التحقيق إلى مواد متعددة، شملت وثائق ومراسلات ونصوصًا تم اعتراضها أو قرصنتها، إضافة إلى مقابلات، جرى التحقق منها بالتنسيق مع مسؤولين سوريين. وأشار إلى أن سهيل حسن، القائد السابق للقوات الخاصة، وكمال حسن، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، يقفان في صدارة هذا المخطط.
وأظهرت الوثائق أن القائدين عملا على توزيع الأموال، وتجنيد مقاتلين، وتأمين أسلحة ومعدات، رغم فرارهما إلى موسكو برفقة الأسد في ديسمبر 2024. ووفقًا للتقارير، لا يزال سهيل حسن قادرًا على التنقل، حيث التقى متعاونين معه في كل من لبنان والعراق.
ورغم نفي كمال حسن أي دور له في التحضير لتمرد مسلح، فإن التحقيق أشار إلى استمرار تواصله مع عناصر من النظام السابق. كما كشفت مراسلات منسوبة إلى سهيل حسن، أُرسلت في أبريل الماضي، عن خطط للعودة إلى سوريا، وتضمنت معلومات دقيقة عن أعداد المقاتلين والأسلحة المتوفرة في قرى الساحل السوري.
وبحسب تلك الرسائل، جرى حصر أكثر من 168 ألف مقاتل محتمل، من بينهم نحو 20 ألفًا مزودين بأسلحة رشاشة. كما أظهرت الوثائق أن أحد الجنرالات السابقين في الفرقة الرابعة أكد توزيع نحو 300 ألف دولار كرواتب للمقاتلين، وطلب تمويلًا إضافيًا لشراء معدات اتصالات بقيمة 136 ألف دولار.
كما انضم الجنرال محمد الحصوري، القائد السابق للقوات الجوية، إلى هذه الشبكة، حيث أبدى عدد من الطيارين استعدادهم للمشاركة في أي تمرد محتمل، شريطة تأمين تكاليف إقامتهم ودعمهم اللوجستي.
شبكات الضغط والتأثير الدولي
وأشار التحقيق إلى أن كمال حسن ينشط في بناء شبكة تأثير سياسي عبر كيان يُعرف باسم “مؤسسة تطوير سوريا الغربية”، التي تقدم نفسها كمنظمة تُعنى بالدفاع عن الأقليات السورية. إلا أن الوثائق الأميركية التي اطلعت عليها الصحيفة تشير إلى أن المؤسسة تُستخدم كغطاء لممارسة الضغط السياسي في واشنطن، بهدف الدفع نحو إنشاء شكل من أشكال الحماية الدولية للطائفة العلوية.
وكشفت الوثائق أن المؤسسة استعانت بشركة ضغط أميركية لدعم تحركاتها، رغم نفي أحد المستشارين السابقين للرئيس الأميركي دونالد ترامب أي علاقة مباشرة له بهذه الجهود.
وفي ختام التحقيق، نقلت
نيويورك تايمز
عن دبلوماسيين سوريين قلقهم البالغ من أن حملات الضغط السياسي في واشنطن قد تشكل خطرًا أكبر من محاولات التمرد العسكري نفسها، إذ قد تمهد الطريق لدعوات دولية لإقامة منطقة شبه مستقلة في سوريا، ما يهدد وحدة البلاد ويعيد فتح أبواب الصراع من جديد.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news