المثقف الشمالي ومأزق "الجنوب": قراءة في اغتراب الوعي وسقوط السردية

     
صوت العاصمة             عدد المشاهدات : 35 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
المثقف الشمالي ومأزق "الجنوب": قراءة في اغتراب الوعي وسقوط السردية

​بين "المركز" المتشبث بأوهام السيادة، وبين "الجنوب" الساعي لاستعادة هويته المسلوبة، تبرز معضلة المثقف والسياسي الشمالي كحلقة مفرغة من الإنكار والتعالي. إنها مشكلة تبدأ من "اللغة" وتنتهي عند "الموقف"، حيث يعجز العقل السياسي في صنعاء عن استيعاب أن الجنوب لم يعد "ملحقاً" جغرافياً، بل صار قضية وجودية ترفض الذوبان في قوالب المركزية القديمة.

​تنطلق أزمة هذا المثقف من "قداسة الزيف"؛ فقد شُيد وعيه على أن الوحدة قدرٌ إلهي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، متجاهلاً أن الوحدة في جوهرها هي "عقد قانوني وسياسي" سقط بطلقة الرصاص في صيف 1994. هذا الانفصام بين "الوحدة الحلم" و"الوحدة الواقع" جعل المثقف الشمالي يرى في أنين الجنوبيين "نشازاً"، وفي مطالبهم بفك الارتباط "خيانة"، في حين أن الحقيقة تكمن في أن "الدولة المسلوبة" هي التي تبحث عن استعادة أنفاسها من تحت ركام التهميش.

​ويتجلى هذا المأزق في "النظرة الأبوية" التي يمارسها السياسي الشمالي؛ فهو يرفض الاعتراف بنضوج التجربة السياسية الجنوبية، ويصر على تصوير الجنوبيين كقاصرين يحتاجون لـ "هداية" المركز أو كأدوات في رقعة شطرنج إقليمية. هذا الهروب من مواجهة "الحق الجنوبي" يُفضي بالضرورة إلى استدعاء شعارات براقة كـ "الدولة الاتحادية" و"المواطنة المتساوية"، لكنها في هذا السياق ليست سوى "مساحيق تجميل" لوجه قبيح من الهيمنة، يحاول القفز فوق استحقاق "تقرير المصير" كحق أصيل لشعب يمتلك تاريخاً سياسياً ومؤسسياً مستقلاً.

​إن الرباط الوثيق الذي يجمع شتات هذه الأزمة هو "الخوف من المواجهة الذاتية". يدرك المثقف الشمالي في قرارة نفسه أن فك الارتباط يعني نهاية "امتيازات المركز"، وتعرية الفشل في بناء دولة حقيقية في الشمال قبل الجنوب. لذا، يظل متمسكاً بـ "خريطة" صماء، بينما تغلي الأرض من تحته بهويات ترفض الإلغاء.

​خلاصة القول، إن الطريق إلى المستقبل لا يمر عبر "فرض الوحدة" بالقوة أو بالتضليل الثقافي، بل عبر "شجاعة الاعتراف". إن على السياسي والمثقف الشمالي أن يتحرر من "عقدة السيد" ليدرك أن استعادة دولة الجنوب هي البوابة الوحيدة لاستقرار الشمال نفسه. فالعلاقة السوية بين الجيران تبدأ حين يسلم كل طرف بمفاتيح بيته، لا حين يحاول أحدهما تأثيث بيته من أنقاض بيت الآخر.

​إنها دعوة للتحرر من "الارتباط القسري" في العقول، قبل أن يفرضه الواقع على الأرض بمزيد من الدماء والدموع.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

مسؤول في الانتقالي يهاجم السعودية ويشتم المغتربين اليمنيين فيها

بوابتي | 799 قراءة 

الإمارات تكشف موقفها الرسمي من مطالب انفصال جنوب اليمن ودعم الانتقالي

نيوز لاين | 616 قراءة 

هاني البيض يعلن موقفه من اعلان وزراء الانتقالي الأخير

يمن فويس | 608 قراءة 

علي ناصر محمد يخرج عن صمته ويعلن موقفه من التطورات المفاجئة في اليمن ويطلق تحذيرًا عاجلًا

المشهد اليمني | 606 قراءة 

 بيان رقم (1) من معاشيق قد يعلن الزبيدي (رئيسًا).. إعلامي عربي يتوقع هذا!!

موقع الأول | 596 قراءة 

عقب تصريحات النعماني بالتحالف مع الحوثي.. توافد أعداد كبيرة من القيادات السلفية المنضوية تحت «درع الوطن» للانضمام إلى القوات الجنوبية

العاصفة نيوز | 569 قراءة 

سياسي سعودي: عقوبات دولية كبيرة مرتقبة ضد الانتقالي.. وثلاث قيادات سيدفعون الثمن (الأسماء)

المشهد اليمني | 541 قراءة 

المجلس الانتقالي الجنوبي يصدر بياناً هاماً

يمن فويس | 531 قراءة 

تحرك دبلوماسي جديد: الانتقالي الجنوبي يعرض شراكة استراتيجية على إدارة ترامب

نيوز لاين | 506 قراءة 

حصانة الدولة اليمنية الدولية تفشل خطط فرض واقع انفصالي بالقوة في اليمن

المشهد اليمني | 373 قراءة