الازمة اليمنية تدخل منعطفا خطيرا مع تطورات الاحداث في جنوب وشرق البلاد
دخل اليمن في ديسمبر الجاري، منعطفا خطيرا جديدا يضاف الى منعطف فوضى 2011 وانقلاب الحوثيين في 2014، وذلك باجتياح قوات المجلس الانتقالي المحافظات الشرقية الغنية بالنفط والتي تشكل نصف مساحة اليمن الجغرافية.
كان ذلك حدثًا فارقًا على مسار الأزمة اليمنيّة، التي دخلت، من خلاله، منعطفًا جديدًا يُفضي إلى تحول مختلف، يهدد الجغرافيا والديمغرافيا اليمنية، ويرفع مستوى التهديد متعدد الاوجه للاقليم والعالم الى جانب التهديد الذي يشكله تحالف الارهاب بين الحوثيين والقاعدة والاخوان.
تحولات عميقة تهدد مسار الاحداث
وتشكل الاحداث المتطورة والمتسارعة في جنوب الوطن، تحولات خطيرة ومؤثرة على مسار العملية السياسية والاوضاع الاقتصادية والمعيشية المتدهورة، الى جانب تهديدها للنسيج الاجتماعي اليمني.
ويرى مراقبين للشأن اليمني، تلك التطورات التي انتقلت من المناطق الشرقية الى العاصمة المؤقتة للبلاد عدن، بانها ستزيد من ضعف الشرعية المعترف بها دوليا، وتمنح عصابة الحوثي الايرانية عوامل بقاء وقوة وذرائع لتفجير الاوضاع الميدانية للهروب من اوضاعها الداخلية.
في المقابل فشلت الشرعية المعترف بها دوليا في احتواء جميع التداعيات التي شهدتها المناطق المحررة، نتيجة انحراف مسارها واهدافها المتمثلة بتحسين الاوضاع المعيشية للمواطنين ووقف التدهورات الاقتصادية والمالية، واستعادة الدولة بالسلم او الحرب من الحوثيين المدعومين من ايران والمصنفين في قوائم الارهاب، الى اللهث وراء المصالح الذاتية والخاصة.
ولم تجد الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي وحكومته، امام التطورات الاخيرة سوى المغادرة إلى العاصمة السعودية؛ واستمرار تواتر تصريحات الرفض والتنديد والتلويح بالضغوط الدولية لمواجهة احداث المناطق الشرقية، في الوقت ذاته واصل الانتقالي الذي استغل الفراغ السياسي بعد مغادرة الشرعية والحماية العسكرية لها عدن، فرصة لتعزيز نفوذه في عدن وجميع المناطق الجنوبية المحررة.
ويواصل الانتقالي عملية إعادة انتشار لوحداته وعناصره، مُسيطرًا على كافة المؤسسات الحكومية، وفي مقدمتها القصر الرئاسي، واسقاط رمزيات الدولة، وصولا الى اعلان وزرائه ومسؤوليه المنخرطين في اطار الشرعية وفقا لاعلان الرياض التنصل عن الشرعية وتأييد تحركات الانتقالي.
تحركات معلنة وشبيه لما حدث بصنعاء
ويؤكد المراقبين بان تطورات الاحداث في المناطق الشرقية والجنوبية للبلاد، لم تكن خفية عن الجميع خاصة التحالف العربي بقيادة السعودية والامارات، او بعيدة عن اللاعبين الدوليين في الازمة اليمنية على راسهم الولايات المتحدة وبريطانية والامم المتحدة، الذين لم يصدر عنهم اي ردود فعل واضحة تجاه ما يجري.
وحسب المراقبين ان ما يجري جنوبا وشرقا، يشبه الى حدا ما جرى في صنعاء عام 2014 حيث سلمت البلاد والدولة لجماعة الحوثي من نظام الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة الاصلاح، حيث عمل رشاد العليمي على تقويض الشرعية في المناطق المحررة اذ اتاح الفرصة للانتقالي ليتصدر المشهد.
تداعيات الاحداث محليا
تؤكد الاحداث المتسارعة في المناطق الجنوبية والشرقية، على ذهاب الاحداث نحو تطورات محلية متعددة تتلاقى مع المصالح الاقليمية والدولية، ستلقي بتداعياتها على اليمنيين في مختلف المجالات خاصة الاقتصادية والمعيشية.
ووفقا للمراقبين، ستشكل تلك الاحداث بداية جديدة لمرحلة تصعيد عسكري في مختلف المناطق بما فيها المحررة التي تتمركز فيها قوات عسكرية متعددة الاهداف، فضلا عن استغلالها من قبل الحوثي كطرف معادي لليمنيبن، او كشريك مع التنظيمات الارهابية. بمعنى ان الاوضاع مرشحة للانحدار نحو الاقتتال.
ويتخوف المراقبين من تطور الاحداث في المحافظات الجنوبية لليمن، لتخلق بؤر صراع محلية فيها على خلفيات تاريخية، فضلا عن تحول حالة السخط الحالي إلى تكوين نعرات مناطقية تنتهي إلى تعاظم حالة الكراهية التي ولظتها احداث سابقة.
ارتفاع التهديد الامني خارجيا
ومن خلال تداخل احداث الازمة اليمنية مع الأجندات الإقليمية، فان التطورات الاخيرة ستكون لها عواقبه وخيمة على امن المنطقة وفي مقدمتها الملاحة الدولية، فجميع المؤشرات تؤكد ان الامور تمضي نحو ذلك.
ولا يستبعد المراقبين، من تطبيق بعض الاطراف استراتيجية تصعيد تنتقل تدريجيا من العامل المحلي الى الاقليمي والدخول في مغامرة تكتيكية ومحازفة لفرض اجندتها، او للهروب من اوضاعها كما هو الحال بالنسبة للحوثية او جناعة الاخوان انطلاقا من الاوضاع التي اوجدها الانتقالي.
ومع غموض المواقف الاقليمية والدولية وقبلها المحلية، يتوقع ان التطورات في المشهد الجنوبي لن تتوقف عند هذا الحد، لكنها ستتجه نحو فرض سلطة أمر واقع بهدف توجيه رسالة يريد الانتقالي إيصالها للخارج أولاً بانه لم يعد محكوماً بمنطق الشراكة السياسية، بل بمنطق السلطة المكتملة، ما سيعجل بتحركات اقليمية معززة بالقوة والعقوبات لاحتواء الازمة الحالية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news