يافع.. جغرافيا القمة وتاريخ القرار

     
صوت العاصمة             عدد المشاهدات : 45 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
يافع.. جغرافيا القمة وتاريخ القرار

تبدو اللحظات التاريخية في حياة الشعوب أحيانا وكأنها استعادة لوعي قديم، أو استنهاض لروح كانت تكمن خلف ستائر الزمن بانتظار إشارة القدر، والحقيقة أنني وجدت نفسي، وأنا أراقب تدفق تلك الحشود القادمة من "يافع" وهي تشق طريقها نحو ساحة العروض في خورمكسر، مدفوعا بضرورة الكتابة، ليس من باب الرصد الصحفي المجرد، وإنما من باب استنطاق المعنى الكامن خلف حركة البشر وصخب الهتاف.

فالمشهد الذي تجسد اليوم ليس مجرد موكب بشري له أول وليس له آخر، بل هو في جوهره كتلة حرجة من الإرادة، تقتحم فضاء الوطن لتعيد صياغة حقائق القوة على الأرض، فعندما تحضر يافع، فنحن لسنا بصدد حضور جغرافي لمديرية أو منطقة، بل نحن بصدد حضور الجنوب بكامل ثقله وتاريخه وعنفوانه، إذ يبدو أن هناك كيمياء خاصة تربط بين هذه الجبال الشاهقة وبين فكرة الحرية، تجعل من حضورها شعلة للاستقلال لا تقبل الانطفاء، وتجعل من حركتها زلزالا يقلب الموازين ويغير المناخ السياسي العام في المنطقة بأسرها.

لقد كانت يافع، ومنذ اللحظة الأولى لانطلاق الحراك الجنوبي، هي العمود الفقري الذي استندت إليه القضية، وهي الوقود الذي غذي نيران المطالبة بالحق الضائع، والحقيقة أن هذا الدور لم يكن وليد الصدفة، بل كان انعكاسا لصلابة بنيوية في الوجدان اليافعي الذي تشعبت جذوره في تراب الجنوب، فقدمت التضحيات تلو التضحيات، ولم تبخل يوما بدم أو مال، بل ذهبت إلى أقصى مدى في التمسك بالحق الجنوبي، إيمانا منها بأن المساومة في قضايا المصير هي نوع من الانتحار التاريخي.

وعندما وصلت هذه الحشود اليوم لتلتحم بالمعتصمين في قلب عدن، فإنها لم تأت لتضيف رقما إلى سجل الحضور، بل جاءت لترجح الكفة، وتفرض واقعا جديدا يتجاوز كل الحسابات التقليدية، فالمعادلة التي كانت تظن بعض القوى أنها استقرت على حال معين، انكسرت اليوم تحت أقدام القادمين من القمم، والذين يحملون معهم إرث ردفان وكل ذرة رمل في الجنوب، مؤكدين أن الثمن الباهظ الذي دفعوه لم يكن ثمنا للانتظار، بل كان مهرا للحرية التي يراها هؤلاء قريبة ويراها غيرهم بعيدة.

إنني أزعم أن ما حدث اليوم في ساحة العروض هو بمثابة إعادة ضبط للبوصلة الوطنية، حيث استشعر كل جنوبي في تلك اللحظة معنى الفخر والاعتزاز، ليس تعصبا لمنطقة، بل إدراكا بأن القوة الحقيقية تكمن في هذا التلاحم العضوي بين الأرض والإنسان، وبين الجبل والساحل، وبين يافع والجنوب الكبير، وهو تلاحم يجعل من المستحيل تجاوز إرادة هؤلاء الناس، أو الالتفاف على تطلعاتهم التي صيغت بالدم والدموع واليقين المطلق بقدسية الهدف.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

المجلس الانتقالي يلوّح بتشكيل حكومة موازية ويضع شرطاً للتراجع

نيوز لاين | 687 قراءة 

تصريحات سعودية شديدة ضد الانتقالي وتطلق عليه هذا الوصف !

يمن فويس | 651 قراءة 

قرارات جمهورية نحو تغييرات وزراء ومسؤولين كبار في الدولة ومصدر رئاسي يؤكد الدعم السعودي نحو استعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية

المشهد الدولي | 564 قراءة 

ما وراء توقف صرف البطاقات الشخصية الذكية في الأحوال المدنية بعدن؟

المنتصف نت | 540 قراءة 

عاجل : عقب التحركات الاخيرة .. الجيش السعودي يشن قصفاً عنيفاً ومفاجئاً في هذه المناطق

العاصفة نيوز | 493 قراءة 

تصريح سعودي ناري ضد الانتقالي ويحمله هذا الامر الخطير

كريتر سكاي | 378 قراءة 

الجوازات السعودية تكشف القائمة السوداء الكاملة... هذه الفئات ممنوعة نهائياً من دخول المملكة!

نيوز لاين | 353 قراءة 

ضاحي خلفان يثير الجدل بتصريحاته عن انفصال الجنوب واستمرار حكم الحوثي لعشرين عاماً

نيوز لاين | 322 قراءة 

قوات الدعم الأمني الحضرمية تعلن عن أمر هام يخص منتسبي درع الوطن

يمن فويس | 312 قراءة 

اعلان سعودي عن الانفصال باليمن

العربي نيوز | 302 قراءة