اليمن على شَفَا جُرُفٍ هارٍ - ١ .. (شرعية الدولة ووحدتها بين التآكل والسقوط)

     
المنتصف نت             عدد المشاهدات : 76 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
اليمن على شَفَا جُرُفٍ هارٍ - ١ .. (شرعية الدولة ووحدتها بين التآكل والسقوط)

اليمن على شَفَا جُرُفٍ هارٍ - ١ .. (شرعية الدولة ووحدتها بين التآكل والسقوط)

قبل 1 دقيقة

تمرّ اليمن بلحظة سياسية بالغة الحساسية، لم تعد فيها الأزمة محصورة في صراع على السلطة، بل باتت تمسّ جوهر الدولة نفسها. فالمعركة اليوم تدور حول بقاء الإطار السياسي الجامع، أو الانزلاق نحو تفريغه من مضمونه، في ظل ضعف الشرعية، وتعدد مراكز النفوذ، وتعارض المشاريع التي تتغذى على هشاشة الدولة أكثر مما تسعى إلى إنقاذها. وفي هذا السياق، قد لا تبدو الدولة خيارًا مثاليًا، لكنها تظل الخيار الوحيد الممكن في مواجهة الفوضى.

إن الشرعية، بصيغتها القائمة، تعاني ضعفًا بنيويًا في القرار والقدرة على فرض الهيبة، وهو خلل لا يمكن إنكاره أو القفز عليه. غير أن هذا الضعف، مهما بلغ، لا يسقط الشرعية كإطار سياسي جامع، ولا يبرر السعي إلى تجاوزها أو تفريغها لصالح سلطات الأمر الواقع. فإضعاف الشرعية لا يقود إلى بديل وطني أكثر كفاءة، بل يفتح المجال أمام منطق القوة والسلاح، ويعيد إنتاج اللادولة بأشكال مختلفة.

صحيح أنّ مجلس القيادة الرئاسي، بوصفه نتاج تسوية سياسية اضطرارية، لم يتمكن حتى الآن من تحويل التوافق إلى سلطة قرار موحدة. وقد انعكست التباينات الأيديولوجية والجهوية داخله على فاعلية الدولة ورمزيتها، وأضعفت قدرته على توحيد المؤسسات، وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية. ومع ذلك، فإن محدودية أداء المجلس أو عجزه لا يمنح أي طرف شرعية القفز فوق الدولة أو مصادرتها، لأن البديل في هذه الحالة لن يكون إلا فراغًا سياديًا بالغ الخطورة.

وفي الحقيقة، أمام هذا الضعف الداخلي، لا يمكن إعفاء التحالف العربي من جزء من المسؤولية، بوصفه فاعلًا مؤثرًا في المشهد اليمني منذ سنوات. فغياب الضغط الجاد منه لإعادة توحيد القرار السياسي، والتراخي في فرض مسار واضح لبناء مؤسسات الدولة، ولا سيما المؤسسة العسكرية، أسهم في إطالة أمد التشرذم، وفتح المجال أمام قوى الأمر الواقع لتكريس نفوذها خارج إطار الدولة.

وبموازاة استهداف الشرعية، تتعرض الوحدة اليمنية لضغوط متزايدة عبر خطاب سياسي مدعوم بتحركات على الأرض تسوّق التفكيك بوصفه حلاً واقعياً للأزمة. غير أن هذا الطرح يتجاهل حقيقة جوهرية مفادها أن الوحدة لم تفشل بذاتها، بل فشل ممثلو الدولة في إدارتها بعدالة وكفاءة. كما أن الدفع نحو فك الارتباط في ظل حرب مفتوحة، ودولة منقوصة السيادة، ومؤسسات غير مكتملة، لا يمثل حلاً سياسيًا، بل مقامرة تهدد بإعادة إنتاج الصراع على أسس أكثر تعقيدًا وتشظّيًا.

الأخطر في المشهد الراهن هو تزامن ضعف الشرعية مع تصاعد مشاريع التفكيك، وهو ما يترك اليمن بلا مظلة سياسية جامعة، وبلا مرجعية قادرة على ضبط التناقضات. لأنه في ظل غياب الدولة وانهيار رمزيتها، لا تنتصر القضايا، بل تنتصر موازين القوة، ولا تُحل المظالم، بل يُعاد تدويرها في صراعات مفتوحة. ولهذا، تظل الدولة، رغم هشاشتها، أقل كلفةً من بدائلها، وتبقى الوحدة، رغم اختلالاتها، أضمن من تشظّي بلا سقف أو أفق.

وما يجب التنويه إليه أن الدفاع عن الدولة لا يعني بأي حال من الأحوال تبرئة السلطة من أخطائها أو تبييض صفحتها، ولا تجميل الفشل القائم، بل يعني التمسك بالإطار الوحيد القابل للإصلاح. كما أن التمسك بالوحدة لا يعني إنكار المظالم، بل نقل معالجتها من منطق الكسر السياسي إلى منطق التسوية الوطنية، عبر شراكة حقيقية، ولا مركزية عادلة، وترتيبات سياسية واقتصادية تعالج جذور الأزمة لا أعراضها.

ختامًا، يقف اليمن ،اليوم، أمام مفترق حاسم، يتآكل فيه كيان الدولة تحت ضغوط متعددة، ما يجعل الشرعية والوحدة في قلب الاستهداف لا على هامشه. ويوجب علينا بالتالي التشبث بالدولة، رغم هشاشتها، وهذا التمسك ليس دفاعًا عن واقع مأزوم أو ارتضاءً به، بل اختيارًا عقلانيًا يوجبه الحس الوطني لتفادي السيناريو الأسوأ.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

تصريحات سعودية شديدة ضد الانتقالي وتطلق عليه هذا الوصف !

يمن فويس | 985 قراءة 

قرارات جمهورية نحو تغييرات وزراء ومسؤولين كبار في الدولة ومصدر رئاسي يؤكد الدعم السعودي نحو استعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية

المشهد الدولي | 917 قراءة 

أول مؤسسة حكومية في عدن تعلن الحياد وترفض الانضمام للانتقالي

بوابتي | 901 قراءة 

تطورات مثيرة.. طارق يتحالف مع ‘‘الزبيدي’’ ويوجه دعوة للمسؤولين.. وتوقف اجتماعات مجلس القيادة وتحرك غربي عاجل

المشهد اليمني | 729 قراءة 

اعلان سعودي عن الانفصال باليمن

العربي نيوز | 686 قراءة 

قرارات رئاسية مرتقبة تشمل تغييرات واسعة في الحكومة بدعم سعودي لتعزيز الاستقرار شرق البلاد

نيوز لاين | 652 قراءة 

التحالف يستدعي قيادات عسكرية يمنية بارزة لإعادة هيكلة مرتقبة في خارطة النفوذ

موقع الجنوب اليمني | 643 قراءة 

تحركات عسكرية مفاجئة للانتقالي الجنوبي تربك المشهد الأمني في حضرموت

نيوز لاين | 453 قراءة 

قوات الدعم الأمني الحضرمية تعلن عن أمر هام يخص منتسبي درع الوطن

يمن فويس | 447 قراءة 

البنك المركزي يؤكد حياده واستقلاليته ويحذر من المساس بالنظام المصرفي ويقر موازنته للعام المالي 2026

حشد نت | 420 قراءة