قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي كَيۡدَ ٱلۡخَآئِنِينَ ﴾ — آية 52 من سورة يوسف.
شاهدنا جميعًا عبر قنوات التلفاز الفضائية كيف كانت نهاية الخائن الفلسطيني ياسر أبو شباب قائد مليشيات أبو شباب المسلحة التي موّلها و سلّحها الاحتلال بأحدث العتاد، وزوّدها بالمال، وأغدق عليها العطاء، وذلك لقتل أبناء وطنه والتنكيل بهم، ولمحاربة المقاومين للاحتلال اللعين. وقد أدّى دوره القذر على أكمل وجه، بل تفنّن وفاقَ الاحتلال في الإجرام والانحطاط، وعاون الاحتلال بكل خِسّة. فقد أتقن القتل والتنكيل بالفلسطينيين حتى تجرد من كل قيم المروءة والشرف، ووصل به الحال أن يختطف نساءً فلسطينيات ويسلمهن للاحتلال.
كانت نهاية ياسر أبو شباب نهاية بشعة ومستحقة لمنحط خائن؛ فقد مات ضربًا وركلًا بالأحذية على أيدي أبناء العشائر الفلسطينية الشريفة التي رفضته ونبذته. ولم يَحْمِه الاحتلال ولا المليشيات التي شكّلها من وطأة الركل والرفس والدهس بالأحذية التي لا شك أنها أنظف وأشرف منه بكثير.
سجل لنا التاريخ عبر مراحله نهايات مخزية ومهينة للخونة، بدءًا من أبي رغال الذي دلّ أبرهة الأشرم الحبشي عام الفيل على طريق الكعبة لهدمها بعد أن رفضت العرب جميعًا أن تدلّه. فمات في المغمس قرب عرفات أثناء رحلة أبرهة لغزو مكة وهدم الكعبة، وتُوفي بمرض عضال. ومن يومها أصبح قبره رمزًا للخيانة، ورجمه الناس بالحجارة، وهو أصل عادة رجم الشيطان في الحج حتى يومنا هذا.
وهناك قصة وخيمة للخيانة عندما رفض نابليون بونابرت مصافحة ضابط نمساوي خائن ساعده في دخول النمسا، وساعده في النصر على بلده. كان الضابط يطمح لمصافحة نابليون، فطرح له نابليون صرّة المال وردّ عليه بازدراء بعبارته الشهيرة: «أنا لا أُصافح الذين يخونون أوطانهم». فالخائن لا يستحق الاحترام.
ونبقى مع نابليون، ونسجل قصة خائن آخر لاقى مصيرًا مخزيًا، وهو المعلم يعقوب، رجل قبطي مصري ساعد الفرنسيين في حملتهم على مصر. ووصل به الأمر أن كوّن ميليشيا عسكرية من أقباط مصر لمعاونة المحتل الفرنسي؛ إذ جمع شبان القبط وحلق لحاهم، وزيّاهم بزي مشابه لعسكر الفرنساوية، وقاد فصيلًا قبطيًا هزم قوة مملوكية مصرية. فكتب الجنرال جاك فرانسوا مينو إلى بونابرت يقول: «إني وجدت رجلًا ذا دراية». لكن في النهاية انتصر المصريون وخرجت الحملة الفرنسية من مصر مهزومة، وخرج معها الخائن المعلم يعقوب. وبعد يومين من ركوبه السفينة الفرنسية أصيب بالحمّى ومات إثر إسهال حاد، ورُميت جثته في البحر.
ومن الخونة المشهورين في التاريخ الذين كانت نهايتهم وخيمة ابن العلقمي وزير الخليفة العباسي المستعصم؛ إذ رتّب مع هولاكو قتل الخليفة واحتلال بغداد، على أمل أن يسلمه هولاكو إمارة المدينة. لكن هولاكو أهانَه، وأُهين أيضًا على أيدي الجنود التتار بعد دخولهم، ومات غمًا في قلّة وذِلّة.
وأخيرًا شاهدنا جميعًا لحظة سقوط كابول مجددًا بأيدي طالبان، وخروج المحتل الأمريكي منها مهزومًا ذليلًا يجر أذيال الخيبة بعد عشرين عامًا من الاحتلال في أغسطس 2021م. وشاهدنا اللقطات الصادمة والمروعة التي بثتها وسائل إعلام أفغانية وعالمية لأولئك المواطنين الأفغان الذين تعاونوا مع المحتل الأمريكي، والذين سقطوا جثثًا فوق المنازل بعد تشبثهم بإطارات طائرة أمريكية غدرت بهم وتخلّت عنهم ورفضت أن تقلّهم، فأقلعت من مطار العاصمة كابل تاركةً وراءها الخونة الذين تعاونوا معها ضد وطنهم.
فهل يعتبر الخونة من الجنجويد ومن المرتزقة في كافة البلاد العربية الذين باعوا أوطانهم للمحتلين مقابل حفنة من المال وعَرَضٍ زائلٍ من الحياة الدنيا؟
ليقرؤوا التاريخ جيدًا ويتعظوا، وليعلموا أن الخيانة لا تُفيد أبدًا، وأن عاقبتها وخيمة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news