دعوة غوتيريش لتسوية شاملة.. نافذة دولية تمنح الجنوب العربي حق تقرير المصير

     
صوت العاصمة             عدد المشاهدات : 134 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
دعوة غوتيريش لتسوية شاملة.. نافذة دولية تمنح الجنوب العربي حق تقرير المصير

في لحظة سياسية دقيقة، تتشابك فيها التحولات الميدانية مع إعادة تشكيل الأولويات الإقليمية والدولية، جاءت دعوة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى التوصل لـ«تسوية شاملة تلبي تطلعات جميع اليمنيين»، لتفتح بابا واسعًا أمام قراءة جديدة للأزمة، تتجاوز الحلول التقليدية التي حكمت مقاربات الحل خلال السنوات الماضية، وتعيد الاعتبار للقضايا المؤجلة، وفي مقدمتها قضية شعب الجنوب.

ليست هذه الدعوة في سياقها الزمني والسياسي ، مجرد تصريح دبلوماسي اعتيادي، بل تعكس إدراكا متناميا داخل أروقة الأمم المتحدة بأن الصراع بات أعقد من أن يُختزل في ثنائية “حكومة معترف بها وأن الحديث عن “تطلعات اليمنيين” يحمل في طياته اعترافًا ضمنيا بتعدد الإرادات السياسية والهويات الوطنية داخل الجغرافيا اليمنية، وهو ما يشكّل تحوّلًا مهمًا في الخطاب الأممي.

وفي بيان الأمم المتحدة فتح المجال أمام مقاربة شاملة تعترف بأن ما جرى منذ عقود لم يكن مجرد صراع على السلطة بل أزمة هوية سياسية فشلت فيها محاولات الدمج القسري للجنوب وبناء الشراكات غير المتكافئة.

في هذا السياق، يبرز شعب الجنوب كأحد أبرز التعبيرات عن هذه “التطلعات”، بعد أن عبّر وعلى مدى سنوات طويلة، وبوسائل سلمية وجماهيرية، عن رغبته الواضحة في استعادة دولته وحقه في تقرير مصيره، بعيدا عن صيغ الوحدة اليمنية المشوؤمة التي أثبتت عجزها عن إنتاج دولة عادلة أو شراكة حقيقية.

"إرث ثلاثة عقود من الفشل"

منذ ما يزيد على ثلاثين عاما، تراكمت الشواهد على إخفاق تجربة الوحدة اليمنية المشوؤمة في تحقيق الاستقرار والتنمية والعدالة وتحولت تلك الوحدة، في ممارساتها، إلى إطار للإقصاء والتهميش، وأنتجت سلسلة من الحروب والصراعات، كان الجنوب فيها ساحة مفتوحة للخسائر السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

هذا الفشل البنيوي لم يكن عارضا، بل نتيجة طبيعية لصيغة اختلت فيها موازين الشراكة، وغابت عنها الإرادة السياسية لبناء دولة مواطنة متساوية ومن هنا، فإن أي تسوية لا تنطلق من تشخيص جذري لأسباب الصراع، وفي مقدمتها فشل الوحدة اليمنية بصيغتها القائمة، ستظل حبيسة إعادة تدوير الأزمة، مهما تغيّرت عناوينها أو رعاتها.

"من مطلب شعبي إلى قضية سياسية متكاملة"

لم تعد قضية الجنوب العربي، اليوم، شعارا عاطفيا أو مطلبا نخبويا محدود التأثير، بل تحولت إلى قضية سياسية مكتملة الأركان، تستند إلى قاعدة شعبية واسعة، عبّرت عن نفسها في الفعاليات الجماهيرية والاعتصامات المفتوحة، وفي حضور سياسي منظم يتمثل بالمجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي، بوصفه حاملا سياسيا يعكس تطلعات أبناء الجنوب.

إلى جانب ذلك، برزت الإرادة الجنوبية على المستوى الأمني والعسكري، من خلال قوات جنوبية لعبت دورا محوريا في مكافحة الإرهاب، وتأمين مناطق استراتيجية، وحماية الممرات الدولية، فضلا عن إدارة فعلية للواقع في معظم محافظات الجنوب العربي وهذه المعطيات مجتمعة تجعل من الجنوب طرفا فاعلا في أي معادلة سلام، لا ملفا ثانويا يمكن ترحيله أو إلحاقه بتسويات جزئية.

"الشرعية الدولية وحق تقرير المصير"

تتلاقى تطلعات شعب الجنوب مع مبادئ راسخة في القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وعلى رأسها حق الشعوب في تقرير مصيرها وهذا الحق، الذي طالما جرى الالتفاف عليه تحت ذرائع الحفاظ على “وحدة الدول”، بات اليوم جزءا من النقاش الدولي حول النزاعات الممتدة، خصوصًا عندما تتحول الوحدة إلى مصدر دائم للصراع لا إلى إطار للحل.

من هذا المنطلق، يمكن النظر إلى دعوة غوتيريش بوصفها مدخلا سياسيا وقانونيا لإعادة إدراج قضية الجنوب ضمن مسار تفاوضي واضح، يفضي إلى حل عادل ومستدام، بدلًا من فرض حلول فوقية أثبتت التجربة أنها لا تنتج سوى هدن هشة وأزمات مؤجلة.

لا ينفصل استقرار الجنوب العربي عن أمن المنطقة والعالم فالجغرافيا الجنوبية تمثل شريانًا حيويًا للملاحة الدولية، وعقدة استراتيجية في واحدة من أكثر مناطق العالم حساسية كما يشكّل الجنوب خط دفاع متقدم في مواجهة التنظيمات الإرهابية والتهديدات العابرة للحدود، وعامل توازن إقليمي في ظل تحولات أمنية متسارعة.

من هنا فإن دعم المجتمع الدولي لمسار يفضي إلى استعادة الدولة الجنوبية لا يخدم تطلعات شعب الجنوب فحسب، بل يحقق مصالح أمنية واستراتيجية أوسع، وهو ما يمنح القضية الجنوبية وزنا إضافيًا في أي نقاش دولي جاد حول مستقبل السلام في المنطقة.

كما تفتح دعوة الأمين العام للأمم المتحدة الباب أمام مقاربة مختلفة للأزمة، مقاربة تعترف بتعدد التطلعات وتقرّ بحق الشعوب في اختيار مستقبلها وبالنسبة لشعب الجنوب، تمثل هذه الدعوة فرصة سياسية حقيقية، تتطلب استثمارا ذكيا على المستوى الدبلوماسي، وخطابًا مسؤولًا يربط بين الإرادة الشعبية والشرعية الدولية.

كما إن الخروج من عنق الزجاجة الذي فرضته الوحدة اليمنية المشوؤمة لم يعد خيارا أحاديا أو طرحا عاطفيا، بل بات ضرورة سياسية لتحقيق سلام حقيقي ومستدام، قائم على الاعتراف بالواقع لا إنكاره، وبالتعدد لا الإقصاء.

كما أصبح تجاهل قضية شعب الجنوب أمرا غير ممكن في معادلة الحل .. فأي تسوية لا تضع قضية شعب الجنوب العربي في صلبها ستظل قاصرة، وعرضة للانهيار عند أول اختبار.

كما ان تمكين شعب الجنوب العربي من ممارسة حقه في تقرير مصيره، واستعادة دولته بإرادة شعبية وقرار دولي موثوق، يمكن أن يشكّل الطريق الأقصر نحو إنهاء الصراع وبناء استقرار دائم، ليس في الجنوب وحده، بل في المنطقة بأسرها.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

رسميًا.. الجيش اليمني يعلن عن ”انقلاب عسكري” جديد على الشرعية

المشهد اليمني | 1311 قراءة 

مكتب الرئاسة يصدر بيانًا حول الزبيدي.. وهذا أبرز ما ورد فيه

نيوز لاين | 839 قراءة 

توقعات بإستهداف يطال هذه المناطق اليمنية خلال الساعات القليلة القادمة ودعوة للمواطنين إلى أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر

نيوز لاين | 491 قراءة 

خطوة سياسية بارزة للعليمي من قلب حضرموت

نيوز لاين | 456 قراءة 

شاهد| المجلس الانتقالي يفتح خزائن اليمن للولايات المتحدة

يمن إيكو | 433 قراءة 

خارطة انتشار جديدة.. قوات (درع الوطن) تواصل انتشار قوات درع الوطن بحضرموت (صور)

موقع الأول | 412 قراءة 

شاهد موقف الرئيس العليمي من وساطة الشيخ البركاني بين الحكومة ومليشيا الانتقالي الجنوبي

المشهد الدولي | 406 قراءة 

المستشار الرئاسي بدر باسلمه يكشف سبب تمدد الانتقالي الى حضرموت والمهرة

يمن فويس | 341 قراءة 

قوات الجيش اليمني تعلن عن موقفها من الأحداث الأخيرة في حضرموت والمهرة

يمن فويس | 265 قراءة 

اول صورة لقيادة الإصلاح التي قتلت بتفجير تعز

كريتر سكاي | 259 قراءة