الجنوب العربي: من حسم الخيار إلى تمكين القـرار

     
عدن تايم             عدد المشاهدات : 35 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الجنوب العربي: من حسم الخيار إلى تمكين القـرار

يمرّ المشروع التحرري للجنوب العربي بمنعطف تاريخي حاسم، تُختبر فيه إرادة شعب، وثبات قيادة، وصلابة مشروع؛ فبعد مسيرة نضالية طويلة، تشرّب قيادته وشعبه الوعي الثوري والسلمي والكفاحي، لم يعد الجنوب حبيس المطالب أو رهين الانتظار؛ بل تحول، بإجماع شعبي وقيادة واعية، من مرحلة حسم الخيار الوطني نحو الاستقلال، إلى مرحلة تمكين هذا القرار على الأرض، والسير بها داخل الأورقة الدبلوماسية والسياسية في الوعي الإقليمي والدولي حتى يعلن دولته الجنوبية المستقلة الفيدرالية كاملة السيادة.

لطالما كان الجنوب ثابتًا على أهدافه، صامداً في ثوابته، راسخًا في مبادئه وقيمه الوطنية المؤمنة بعدالة قضيته المصيرية: قضية الحرية والكرامة واستعادة الدولة كاملة السيادة، غير أن تلك الرحلة لم تكن معبدة بالورود، بل كانت سجلًا حافلًا بالتضحيات والفداء، أثمرت بمقتضاها يقينًا راسخًا بأن الاستقرار الحقيقي والتحضر لا يتحققان إلا بموازاة استعادة الحق، ومكافحة مخاطر الإرهاب والتطرف والفساد والتهريب، وهو ما أثبتت القوات المسلحة والأمنية الجنوبية كفاءتها فيه؛ لتجعل من الجغرافيا الجنوبية صمام أمان للمشروع التحرري الجنوبي والعربي بأكمله.

وهذا المشروع التحرري الذي يقوده المجلس الانتقالي الجنوبي بتفويض شعبي واضح، منحه الشعب قاطبة للرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي – ليصبح صاحب الحق الشرعي في تمثيل إرادة شعب الجنوب – حكمة تحريك متجهات المعركة، سواء نحو الحرب مع مليشيا الحوثي الإيرانية، أو نحو السلام، بناء على معطيات المصلحة العليا للجنوب.

لقد فشلت تبريرات الحروب الجانبية التي حاولت بعض الأطراف الإخوانية والقوى المتماهية مع المليشيات الحوثية تحميل الجنوب تبعات عجزها وفشلها في مواجهة الحوثي في صنعاء، وتحويل المعارك جنوبًا لتكون ذريعة للخروج من مأزق المواجهة الحقيقية. كما قال الرئيس الزبيدي بوضوح: "من يريد تحرير صنعاء واجتثاث الحوثي، فالجنوب سندًا وعونًا ولا ولم ولن نسمح أن تصبح محافظات الجنوب مسرح للمعارك الجانبية" قاصدًا تلك الأجندات الإخوانية التي تريد تفتح معارك في المناطق المحررة للتهرب من مسؤولياتها الوطنية تجاه صنعاء. وهي المعركة الإعلامية والسياسية الخادمة لأجندات إخوانية معينة، التي حاولت ن خلاله تشويه هذا الموقف الوطني الثابت.

لقد وصلت قضية شعب الجنوب العربي إلى نقطة اللاعودة، حيث باتت فكرة البقاء في إطار الوحدة اللعينة مصدرًا للحروب والمشاريع التدميرية لدول الإقليم، لسبب جوهري يتحمله قادة النظام السابق في اليمن الشمالي، ممن تهاوَنوا أو تواطأوا، فسلموا العاصمة صنعاء والبلد بكل مؤسساته ومعسكراته للحوثي، ثم حاولوا تحويل معركة التحرير إلى "شماعة" لخلق حروب جانبية على الجنوب، لتبرير فشلهم وتحميل الجنوبيين تبعات عجزهم.

إن مطالبة الجنوبيين بحقهم المشروع في التحرير والاستقلال ليست نقطة ضعف، بل هي مصدر قوة يؤسس لواقع جديد، يصبح معه الجنوب القادر على إدارة مواجهته الخاصة مع جميع التهديدات، سواءً كانت حوثية أو إخوانية.

والدليل على هذه القدرة، النجاحات العسكرية والأمنية الباهرة التي حققتها القوات الجنوبية في جبهات متعددة: من القضاء على خلايا الإرهاب، إلى تأمين السواحل والحدود، وقطع دابر عمليات تهريب السلاح والمخدرات. وهذه الإنجازات جعلت من الجنوب ركيزةً للأمن والاستقرار، ليس على مستواه فحسب، بل على مستوى المصالح الدولية والإقليمية في أمن البحر الأحمر والممرات الدولية الحيوية، مما أكسبه اهتمامًا ودعمًا دوليًّا

وإقليميًّامتزايدًا.

وبهذا، فإن الجنوب العربي اليوم، وقد صنعت تضحيات أبنائه مسارًا مضيئًا لا يُطفأ، ومشروعًا وطنيًّا لا يُخترق، ولن يتراجع عن قرار الاستقلال الناجز؛ لأنه يدرك جيدًا أن أي تراجع أو تأجيل يعني البديل هي الفوضى وتمكين الإرهاب، وأن الخلاص الوحيد يكمن في مشروع جنوبي يعبّر عن الإرادة الشعبية التي حسمت خيارها، ورفضت الوصاية عليها من اليمن الشمالي إلى الأبد.

لقد تجاوز الجنوب مرحلة المطالبة بتحرير الأرض، وانتقل إلى مرحلة التمكين الفعلي عليها، وتصللح المهمة التاريخية الملقاة على عاتق القيادة الرشيدة برئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي اليوم، هي الحذر الشديد من أي اتفاقيات أو مسارات تُحاك في الخفاء ضد إرادة الشعب، أو تحاول بعض الأطراف الدولية تقليص حجم الإنجازات الجنوبية، ودفع قضيته إلى ذيل أجندة الأولويات، فالاستفادة من خبرات الماضي، وأبرزها اتفاق الرياض، وما تعلمت منه قياداتنا الجنوبية من دروس في المماطلة والتسويف وعدم الجدية. وأي تراجع محتمل عن استعادة الدولة الجنوبية، أو تأجيلها دون جدولة زمنية محددة، سيؤدي حتمًا إلى مخاطر أمنية وإنسانية جسيمة.

إن الشعب الجنوبي، الذي خرج في اعتصامات مفتوحة يوميًا؛ ليؤكد تفويضه المطلق للرئيس عيدروس الزبيدي، فهو على ثقة برئيسه الذي عاده فهو لم ولن يتنازل قيد أنملة عن تطلعاته؛ لأن الرئىيس الزبيدي هو الوعد الذي لا يُخون، والعهد الذي لا يُنقض، ولن يرضى إلا باستقلال كامل السيادة للدولة الجنوبية، التي ستكون، باعتراف المجتمعين الدولي والإقليمي، الضامن والحليف الاستراتيجي الأمثل لحماية المصالح والممرات الحيوية، وعلى رأسها باب المندب.

من هذا المنطلق، فإن على المجتمع الدولي والإقليمي أن يدرك أن أي مبادرة أو تسوية أو طرح سياسي يتجاوز حقيقة قضية الجنوب العربي الكامل – بزصفها دولة بحدودها التاريخية، وهويتها، وعملتها، وعلمها، وشعبها الذي له الحق في تقرير مصيره – هو مسار عقيم، لا يصدر عن قراءة واقعية؛ فالجنوب العربي انتزع موقعه من على الأرض وبين الشعوب. وما يُنتظر الآن هو الاعتراف الرسمي بهذا الواقع؛ لأنه يمثل بوابة الحل السياسي الشامل والاستقرار الدائم للمنطقة بأسرها. ومن هنا فالجنوب قد حسم خياره، وها هو اليوم يمكّن قراره، بقيادة أركانه وشعبه، نحو غدٍ جديد يلوح في الأفق.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عاجل : صدور قرارات سعودية مفاجئة وغير متوقعة

صوت العاصمة | 1484 قراءة 

ترتيبات غير معلنة لصياغة رئاسة جديدة لليمن

عدن تايم | 1225 قراءة 

استعدوا جيدًا .. الزبيدي يعد أبناء ‘‘ذمار’’ بمفاجأة وشيكة.. ويوجه تهمة خطيرة للشرعية!!

المشهد اليمني | 897 قراءة 

الداعري يكشف عن مراحل استعادة استقلال الجنوب ونوع العملة الجنوبية المتوقعة

مراقبون برس | 780 قراءة 

حشود قبلية من أبناء حضرموت تنضم إلى قوات درع الوطن وسط تصعيد عسكري

المجهر | 731 قراءة 

عاجل: اول تحرك أمريكي لدعم البنك المركزي بعدن

كريتر سكاي | 698 قراءة 

استنفار حوثي نحو الجنوب.. أنفاق وصواريخ ومعسكرات جديدة عقب قطع خطوط الإمداد

الأمناء نت | 641 قراءة 

خبراء القانون الدولي.. لا يستطيع المجلس الانتقالي الجنوبي إعلان الانفصال إلا عبر ثلاث خيارات كلها ضده

مأرب برس | 622 قراءة 

طائرات حربية تحلّق في أجواء محافظة حضرموت وتطلق قنابل تحذيرية

كريتر سكاي | 621 قراءة 

السعودية توقف سفيرها آل جابر عن مهامه على خلفية توترات المحافظات الشرقية

موقع الجنوب اليمني | 590 قراءة