تعيش جامعة إب على وقع أزمة أكاديمية غير مسبوقة، عقب تفجر اتهامات خطيرة تتعلق بتفشي ممارسات غش منظم وتدخلات إدارية داخل برنامج ماجستير القانون (الدفعة الأولى)، في مشهد وصفه أكاديميون بأنه يشكل تهديداً مباشراً لنزاهة التعليم العالي، ويضرب في عمق مصداقية المؤسسة الجامعية.
وأفادت مصادر أكاديمية وطلابية متطابقة بأن الامتحانات في برنامج الماجستير خرجت عن إطارها الأكاديمي المعتاد، بعدما شهدت بعض القاعات تجاوزات واضحة للوائح المعتمدة، تمثلت في تقديم تسهيلات استثنائية لطلاب محددين، الأمر الذي أخلّ بمبدأ العدالة وتكافؤ الفرص بين الدارسين.
وبحسب المصادر، فقد سُجلت حالات متكررة لسماح القائمين على الامتحانات لبعض الطلاب بمغادرة القاعات خلال سير الاختبار، بذريعة أعذار مختلفة، قبل إعادتهم بعد فترات وجيزة، وسط شبهات قوية باستغلال تلك الفترات للاطلاع على إجابات معدّة مسبقاً خارج القاعات، في ممارسات تكررت في أكثر من مادة دراسية.
وأشارت المصادر إلى أن تصاعد الشكاوى دفع إدارة الجامعة ونيابة الدراسات العليا إلى تنفيذ نزولات مفاجئة لعدد من قاعات الامتحانات، في محاولة لاحتواء الجدل المتصاعد والتحقق من صحة الاتهامات.
ولم تقتصر الأزمة على الغش وحده، إذ كشفت الشهادات عن تدخلات مباشرة من قبل بعض الطلاب في مجريات العملية الامتحانية، شملت الاعتراض على نماذج الأسئلة، ومغادرة القاعات بشكل جماعي احتجاجاً، دون أن تواجه هذه التصرفات أي إجراءات رادعة.
ويربط أكاديميون هذا الوضع بوجود غطاء سياسي وأمني حوثي وفر الحماية للمتورطين، في ظل انتماء عدد من الطلاب النافذين إلى مليشيا الحوثي أو نشاطهم ضمن ما يسمى بـ«الملتقى الطلابي» الذي أنشأته الجماعة داخل جامعة إب، إلى جانب وجود عناصر أمنية مرتبطة بها، ما عزز نفوذهم داخل الكلية.
وأدت هذه التطورات، وفقاً للمصادر، إلى حالة استياء واسعة في أوساط أعضاء هيئة التدريس، حيث قرر بعضهم التوقف عن التدريس احتجاجاً على ما وصفوه بإفراغ العملية التعليمية من مضمونها العلمي.
وفي محاولة لسد العجز، لجأت إدارة الكلية إلى الاستعانة بأساتذة من خارج المحافظة، وتحديداً من صنعاء، وسط تساؤلات متزايدة بشأن معايير اختيارهم، حيث تشير معلومات أكاديمية إلى أن الانتماء والولاء للجماعة شكلا عاملاً حاسماً في عملية الاستقطاب.
وحذر مختصون في الشأن الأكاديمي من أن استمرار هذه الممارسات من شأنه تقويض الثقة في مخرجات التعليم العالي، وتحويل برامج الدراسات العليا إلى إجراءات شكلية تفتقر إلى القيمة العلمية، مؤكدين أن تجاهل هذه الانتهاكات سيؤسس لأزمة أعمق يصعب معالجتها مستقبلاً.
وفي ظل تصاعد الغضب داخل الأوساط الجامعية، جدد أكاديميون وطلاب مطالبهم بفتح تحقيق مستقل وشفاف، بإشراف جهات أكاديمية محايدة، للكشف عن ملابسات ما جرى ومحاسبة المتورطين، مشددين على أن إنقاذ سمعة جامعة إب يتطلب تحركاً عاجلاً ومسؤولاً قبل خروج الأزمة عن السيطرة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news