د/ عبد القادر الجنيد:
أنا شخص هادئ جدا.
ولست راديكاليا متطرفا في أي إتجاه.
أنا لا يخونني التعبير، وأعني كل ما أقول.
أنا فقط أشتغل عند اليمن.
شغل اليوم سوف يكون من خلال:
زيارة رئيس البرلمان لرئيس الانفصال
**
أولا: صورة رئيس البرلمان مع رئيس الانفصال
**
١- سلطان وعيدروس
*
سلطان البركاني، هو رئيس المجلس التشريعي لدولة الوحدة اليمنية.
عيدروس الزبيدي، هو رئيس الانفصال عن اليمن وقد طرد رئيس اليمن الشرعي من عدن ويتصرف على أنه رئيس دولة “الجنوب العربي”.
موضوعنا اليوم، ليس مهاجمة تاريخ سلطان البركاني في “تصفير العداد”، ولا مساندته قائد المخاء ضد تعز، ولا اختراقه الناعم لتعز لصالح محور الإمارات بالرغم من أن هذا كله موجود.
٢- نحن ورئيس البرلمان
*
المفروض، هو أن نتبادل الود والاحترام مع رئيس برلماننا.
والواجب عليه، هو أن يحمي وحدة اليمن.
سلطان البركاني، هو رئيس البرلمان اليمن الموحد وهذا يعني أن له حقوق عندنا بالإحترام وأن على عاتقه واجبات مقدسة نحونا لا يجب أبدا أن يفرط بها.
٣- رسائل الصورة
*
ما الذي نراه في الصورة؟
— زيارة رسمية لرئيس مجلس النواب إلى عدن.
— استقبال حار من عيدروس الزبيدي، رئيس كيان يعلن نفسه ممثلًا لمشروع انفصالي.
— جلسة موسّعة تضم قيادات عسكرية وأمنية جنوبية، ما يعطي اللقاء طابعا سياسيا-سياديا، لا بروتوكوليًا عابرا.
الصورة تقول:
هذا ليس لقاء مجاملة، بل اعتراف متبادل بالوزن.
٤- أين الإشكال السياسي؟
*
الإشكال ليس في الزيارة بحد ذاتها، بل في توقيتِها وموقعِها وسياقِها:
١- سلطان البركاني هو رأس السلطة التشريعية لدولة تقول إنها موحدة.
٢- عيدروس الزبيدي هو رأس مشروع يعمل – عمليا وخطابيا – على تفكيك هذه الدولة.
٣- اللقاء يتم: دون مظلة رئاسية يمنية واضحة،، ودون خطاب يذكّر بثوابت الدولة، وفي عاصمة “مؤقتة” تحولت إلى ساحة نفوذ إماراتي.
هنا يصبح السؤال مشروعا:
بأي صفة يذهب؟ وباسم من؟
**
ثانيا: موقع البركاني الحقيقي (السياسي لا الجغرافي)
**
نحن ندري بأن سلطان البركاني من ريف تعز من على بعد نصف ساعة بالسيارة من المدينة.
وندري أنه قريب جدا من طارق صالح، قائد محور أو كانتون المخاء.
وندري أنه- مع طارق صالح- من أركان مربع النفوذ الإماراتي الصريح العلني في تعز واليمن.
بالتالي:
البركاني لا يتحرك كـ”رئيس برلمان دولة”؛
بل كـفاعل داخل محور سياسي–إقليمي محدد.
**
ثالثا: ماذا يعني هذا للرئيس رشاد العليمي؟
**
بصراحة باردة، هذه الزيارة:
١- **تسحب ورقة شرعية من يد الرئيس.
٢- وتمنح الزبيدي:
**صورة “شريك دولة”
**واعترافا غير مباشر من مؤسسة سيادية.
٣- والأخطر:
**أن يتم هذا بينما الرئيس نفسه محاصر بالصمت والتردد والعزلة داخل الرياض.
**
رابعا: الخلاصة المكثفة لصورة سلطان مع عيدروس
**
١- البركاني لا يقف في صف الرئاسة، بل في صف توازنات ما بعد الدولة.
٢- الزيارة تعكس تفكك الشرعية من الداخل أكثر مما تعكس قوة الانتقالي.
٣- الإمارات تنجح مرة أخرى في جعل المؤسسات اليمنية تتحدث بلغتها هي، دون أن تنطق إسم أبو ظبي.
**
خامسا: الرمز البصري لانهيار المعنى الدستوري
**
ليست الصورة مجرد مصافحة بين شخصين، بل تصادم بين فكرتين:
رئيس برلمان دولة اسمها “الجمهورية اليمنية” يصافح، في عدن، رئيس كيان يقوم جوهر مشروعه على نقض هذه الجمهورية.
هنا، لا تنهار الدولة بالسلاح، بل بالصورة.
حين يقف رأس السلطة التشريعية لدولة موحدة أمام رأس مشروع انفصالي، دون نص دستوري، ولا مظلة رئاسية، ولا خطاب سيادي واضح، فإن المعنى الدستوري نفسه يتبخر.
هذه ليست مصافحة؛
هذه إعادة تعريف صامتة لماهية الدولة.
**
خامسا: هل يريد سلطان مصالحة عيدروس مع رشاد؟
**
هذا الطرح، لا يصمد.
هذه الزيارة ليست وساطة… بل خروج عن خط الرئاسة.
لماذا لا يمكن اعتبار الزيارة “مصالحة” مع الرئيس رشاد العليمي؟
فكرة أن سلطان البركاني ذهب ليُصلح بين عيدروس الزبيدي والرئيس رشاد العليمي غير قابلة للصمود سياسيا، للأسباب التالية:
١- البركاني لا يملك تفويضا دستوريا للوساطة بين الرئاسة وخصمها السياسي.
٢- لو كانت المهمة مصالحة؛ لكانت معلنة،، ولجاءت بموقف سيادي واضح من وحدة الدولة، أو على الأقل ببيان يربط اللقاء بالرئاسة.
لم يحدث شيء من هذا.
٣- ثم الأهم:
كيف يُعقل أن يكون وسيطا بين رئيس جمهورية ورئيس حركة تسعى عمليا إلى تفكيك الجمهورية نفسها؟
الزيارة لم تكن جسرا، بل انحرافا عن خط الرئاسة.
*
سادسا: هل معقول: صورة تهدم الدولة؟
**
هذه صورة تجعل محور الإمارات يحل محل الدستور.
هذه صورة تهدم فكرة الدولة.
لم تكن صورة مصافحة سلطان البركاني لعيدروس الزبيدي في عدن مجرد لقطة بروتوكولية، بل لحظة سياسية كثيفة الدلالة.
رئيس برلمان “الجمهورية اليمنية” يصافح، بلا التباس، رئيس كيان يقوم مشروعه السياسي على نقض فكرة الجمهورية نفسها.
هنا لا نتحدث عن اختلافات داخل الدولة، بل عن تصادم بين منطق الدولة ومنطق ما بعدها.
الدول لا تنهار دائما بالدبابات.
أحيانًا تنهار بالصورة، حين يفقد الدستور معناه دون أن يُلغى، وتتحول المؤسسات السيادية إلى أدوات حركة داخل محاور خارجية.
هذه المصافحة لم تكن فعل مجاملة، بل إعادة تعريف صامتة للدولة اليمنية.
**
سابعا: الخروج عن مزاج وروح تعز
**
سلطان البركاني، هو من أهالي تعز.
سلطان البركاني، رئيس البرلمان لم يخرج فقط عن خط الدولة،
ولا عن خط الرئيس رشاد العليمي (الرسمي على الأقل)،
ولكنه خرج عن مزاج وروح تعز.
المزاج الذي يعبر عن روح تعز، هو حب كل اليمن.
ماذا يعني أن تكون من تعز؟
*
١- يعني، أن تحب كل مكان في اليمن وأن تحافظ على وحدته.
٢- يعني، حتى أن تحب “صعدة” التي جاء منها الحوثي الذي يعيث في أرض اليمن فسادا.
٣- يعني، حتى أن تحب “سنحان”، التي جاء منها الرئيس صالح الذي حكم اليمن ٣٣ سنة وأدخلها في حروب ١٩٩٤ وحروب صعدة التي لم تقضي على الحوثية، وانهيار الطبقة المتوسطة التي تسببت اضطرابات ٢٠١١، وأنهى مسيرته بإدخال الحوثي إلى صنعاء.
٤- يعني، حتى أن تحب “الضالع” التي جاء منها عيدروس الزبيدي الذي يقوم الآن بتمزيق اليمن وإقامة دولة “الجنوب العربي”.
٥- أن تكون داخل مزاج وروح تعز، فإن هذا بالتأكيد يعني ألا تصدمنا بهذه الصورة مع عيدروس.
**
ثامنا: تعاظم نفوذ الإمارات في اليمن
**
الصف الأكثر تماسكا في اليمن ليس جغرافيا… بل ولائيا
في اليمن اليوم، أكبر الصفوف المتراصة ليست:
— شمالا مقابل جنوب،
— ولا وحدة مقابل انفصال،
— ولا تمرد حوثي مقابل شرعية.
بل صف واحد عريض يجمع:
الموالين لدولة الإمارات، حتى وإن بدوا خصوما في العلن.
الانتقالي الجنوبي + طارق صالح في المخاء + شخصيات
الشخصيات، محسوبة علينا أنها “شرعية” ولكنها تتحرك خارج منطق الدولة،
كلهم يختلفون تكتيكيا، لكنهم يلتقون عند نقطة واحدة:
القرار السياسي لا يُصاغ داخل الدولة اليمنية، بل خارجها.
كلهم يلتقون عند نقطة واحدة:
القرار السياسي النهائي لا يُصاغ في صنعاء ولا عدن ( ولا حتى في الرياض !!)،
… بل خارج اليمن— في أبوظبي على وجه التحديد.
خصوماتهم وظيفية،
أما ولاؤهم فـواحد.
وسلطان البركاني يتحرك داخل هذا الصف، لا خارجه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news