في تطور لافت ومؤشر على تصاعد الخلافات الداخلية داخل مليشيات الحوثيين، كشف عضو بارز في المجلس السياسي التابع للجماعة، النقاب عن فضيحة تتعلق بعمليات الإخفاء القسري التي تطال النساء في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرتهم.
وجاءت التصريحات النادرة من سلطان السامعي، الذي يُعد من الوجوه المعروفة داخل الحركة، عبر منشور على منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، حمل نبرة غاضبة ومستنكرة، موجهة انتقاداً لاذعاً لفصائل أمنية في جماعته، واصفاً ممارساتها بـ"العيب"، وهي كلمة تحمل في ثقافتها وزناً أخلاقياً واجتماعياً كبيراً.
فوضى أمنية وانتهاك صارخ
وأكد السامعي في منشوره، الذي أثار جدلاً واسعاً، وجود حالة من الفوضى واللامسؤولية داخل الأجهزة الأمنية التابعة للحوثيين، مشيراً إلى أن عشرات القضايا المتعلقة باحتجاز نساء لم يتم الكشف عن مصيرهن أو الجهة التي تقف وراء احتجازهن.
وقال السامعي بشكل صريح:
"نحن في صنعاء نتابع قضايا محتجزات من النساء ولم نستطع معرفة أي جهاز يحتجزهن"
، مما يعكس حجم الانقسام والفوضى التي تسود المؤسسة الأمنية للجماعة، وحتى عنفها الذي لا يفرق بين خصومها وأبناء جلدتها.
ولم يكتفِ السامعي بكشف هذه الممارسة، بل وجه نداءً عاجلاً ومستنكراً في مواجهة قادة الأجهزة الأمنية، قائلاً:
"عيب عليكم ما ترتكبونه بحق هذا الشعب، أطلقوا الأبرياء"
. وهذا الموقف يُعتبر تحدياً مباشراً لسياسة القبضة الأمنية التي تتبعها الجماعة، ويكشف عن معاناة حتى أعضائها من تجاوزاتها.
مقارنة محرجة لصالح الحكومة الشرعية
ولزيادة الطين بلة، أجرى السامعي مقارنة بين الوضع في مناطق الحوثي والمناطق الخاضعة للحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، مؤكداً أن التعامل مع قضايا المحتجزين في مناطق الحكومة كان أكثر شفافية واحتراماً للإجراءات.
واستدل السامعي بتجربته الشخصية، قائلاً إنه قبل سنوات "أُوكل إليه التواصل مع جهات في تعز لإطلاق امرأة محتجزة، وتم الإفراج عنها بعد التنسيق مع السلطات هناك". هذه المقارنة، وإن كانت غير مباشرة، تضع حكومة الحوثيين في موقف أسوأ من خصومها، الذين يتهمونهم دائماً بالفوضى وانعدام القانون.
خلفية: حملة قمع واسعة
وتأتي هذه التصريحات الصادمة في وقت تشهد فيه المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وعلى رأسها صنعاء، حملة قمع أمنية واسعة النطاق. وقد طالت هذه الحملة عشرات النساء، من بينهن موظفات في منظمات أممية ودولية، وناشطات في مجال المجتمع المدني.
وتستخدم المليشيات الحوثية ذريعة "التجسس" و"التواصل مع جهات خارجية" لتبرير هذه الاعتقالات التي تتم دون إذن قضائي وبدون الكشف عن أماكن الاحتجاز، مما يضع عائلات الضحايا في حالة من القلق والترقب الدائم.
دلالات وتداعيات
يكشف كشف سلطان السامعي عن عدة أمور مهمة:
تصاعد الخلافات الداخلية:
يدل على وجود تيار داخل الحركة يعترض على سياسات القمع الأمني المتزايدة ويدرك تداعياتها السلبية على صورة الجماعة.
انهيار هيبة الدولة:
يؤكد عدم وجود مركزية أو قرار موحد داخل الأجهزة الأمنية الحوثية، حيث تعمل كل جهة بشكل شبه مستقل.
تدهور حقوق الإنسان:
يسلط الضوء على الوضع المأساوي لحقوق الإنسان، وخصوصاً حقوق المرأة، في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث أصبحت النساء هدفاً سهلاً للاختطاف والإخفاء.
يُتوقع أن تزيد هذه التصريحات من الضغط الدولي على جماعة الحوثيين، خاصة فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان ومعاملة العاملين في المنظمات الدولية، كما قد تفتح الباب أمام مزيد من الانشقاقات والاعتراضات داخل الحركة على سياساتها القمعية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news