في مشهد يعكس حجم التردي الأمني والقضائي في مدينة عدن، تتحول قضية مقتل الشاب عمرو الباهزي إلى رمز لانتهاك الحقوق وسياسة الإفلات من العقاب التي تتبعها مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي.
لم تعد هذه القضية مجرد مأساة عائلية، بل أصبحت شاهداً صارخاً على عجز أو تواطؤ الأجهزة التي تديرها المليشيات في حماية أرواح المواطنين وتطبيق العدالة.
صدمة في العاصمة الجنوبية.. دم الشهيد يُباع بضمانة!
في خطوة أثارت استياء واسعاً وسط أهالي عدن، وفي ظل صمت مطبق من قبل السلطات الفعلية، تم الإفراج عن اثنين من المشتبه بهم الرئيسيين في مقتل الشاب عمرو الباهزي.
الإفراج، الذي تم بضمانات مالية بسيطة ودون أي تنسيق مع عائلة الشهيد، جاء كطعنة في ظهر كل من يطالب بالعدالة، ورسالة واضحة بأن أرواح أبناء عدن رخيصة في ظل الفوضى الأمنية التي تسيطر عليها المليشيات. هذا الإجراء يطرح علامات استفهام كبرى حول جدية التحقيقات ومدى استقلالية القضاء الذي تخضع له مقاليده للمليشيات.
الكارثة: دليل الدم يختفي من عين المكان!
ولكن المفاجأة الأكبر، والتي تكشف عن مدى التلاعب في مسار العدالة، تمثلت في اختفاء الدليل الحاسم الذي يمكن أن يفضح الجناة؛ الجزمة التي تحمل آثار دم الشهيد. هذا الاختفاء الغامض ليس مجرد إهمال، بل هو مؤشر خطير على وجود عملية منظمة لتعطيل سير العدالة وحماية المتورطين.
كيف يمكن لدليل بهذه الأهمية أن يضيع من مقر التحقيق في مدينة تخضع لسيطرة أمنية مشددة من قبل مليشيات الانتقالي؟ هذا السؤال يبقى عالقاً في أذهان الجميع، ويؤكد أن القضية تواجه مؤامرة حقيقية لطمس الحقيقة.
من جريمة فردية إلى سياسة ممنهجة
لم يعد سراً أن ما حدث في قضية عمرو الباهزي هو جزء من نمط متكرر من الانفلات الأمني والفوضى القضائية التي تعيشها عدن تحت سيطرة المليشيات. إن تساهلها مع المتهمين، والتلاعب بالأدلة، وغياب الشفافية، ليسا مجرد أخطاء فردية، بل هما نتاج سياسة منهجية تهدف إلى إضعاف هيبة القانون وفرض سياسة الأمر الواقع.
عائلة الباهزي وكل أبناء عدن يدركون أن السكوت على هذه الجريمة هو ترخيص لجريمات قادمة، فكما قالوا بمرارة: "اليوم عمرو، وغداً قد يكون أي شخص آخر".
وتطالب العائلة، ومعها كل الأصوات الحرة في عدن، ليس فقط بكشف ملابسات جريمة قتل ابنهم، بل بمحاسبة كل من تسبب في هذا التلاعب السافر، بدءاً من القيادات الأمنية التابعة للمليشيات وصولاً إلى كل مقصر في سلك القضاء. إنها معركة من أجل استعادة الحقوق، ومن أجل إثبات أن دماء أبناء عدن ليست مباحة لمليشيات الانتقالي وميليشياتها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news