في مشهد متكرر يعكس حجم المعاناة التي يعيشها أبناء مديرية أفلح ومحافظة حجة بشكل عام، يشهد طريق "عقبة البيضاء-جياح" الجبلي الوعر، شللاً تامًا في حركة المرور وانقطاعات مستمرة، تحول حياة المواطنين إلى جحيم يومي. وتعود الأزمة إلى السبب ذاته الذي لا تجد له السلطات حلاً حتى الآن: تسرب المياه من صهاريج النقل المعروفة محلياً بـ"الوايتات".
شريان الحياة يتحول إلى شريان للموت
ويكتسب هذا الطريق أهمية قصوى كونه الشريان الرئيسي والوحيد الذي يربط مديريات الشرفين (الشرفين العليا والسفلى) التي تعاني من شح شديد في مصادر المياه، بمناطق تهامة الساحلية. ويضطر آلاف المواطنين يوميًا لخوض رحلة محفوفة بالمخاطر للنزول إلى تهامة وجلب المياه الصالحة للشرب عبر هذا الطريق، مما يرفع من كثافة حركة "وايتات" المياه الضخمة على المنحدرات الحادة للطريق.
وكشفت مصادر محلية وشهود عيان عن أن المشكلة الرئيسية تكمن في عدم تغطية صمامات التفريغ في هذه الصهاريج، مما يؤدي إلى تدفق المياه بشكل مستمر على الطريق أثناء رحلة الصعود الشاقة. تتسبب هذه الكمية من المياه في تحويل إطارات الشاحنات الثقيلة والبواقير إلى مجرد أقراص معدنية عديمة الجر على الأسفلت المبلل، ما يؤدي إلى فقدان السيطرة وانزلاقها بشكل مروّع، مما يعطل حركة المرور في كلا الاتجاهين ويخلق حالة من الذعر بين المسافرين.
خسائر فادحة وتهديد مباشر للأرواح
ولا تقتصر تداعيات هذه الظاهرة على إزعاج المسافرين وتعطيل مصالحهم، بل تمتد لتشمل خسائر اقتصادية فادحة نتيجة تأخر وصول البضائع والمواد الغذائية، وإعاقة حركة الأفراد الذين قد يكونون في حالات طبية طارئة. والأخطر من ذلك، هو التهديد المباشر للحياة والممتلكات. ففي كل مرة تنزلق فيها شاحنة أو "بواقير"، يتم قطع الطريق لساعات قد تصل إلى نصف يوم أو أكثر، في ظل غياب أي بدائل أو طرق فرعية.
نداء استغاثة
وفي ظل هذا الواقع الكارثي، تصاعدت أصوات المواطنين والنشطاء الإعلاميين في المنطقة، مناشدة الجهات المختصة في محافظة حجة والمديرية، بالتحرك الفوري والعاجل لوضع حد لهذه المعاناة المتكررة قبل وقوع كارثة إنسانية.
وطالبوا بضرورة إيجاد حلول جذرية وعملية، أبرزها:
إلزامية تغطية الصمامات:
تحديد آلية إلزامية لكافة "وايتات" المياه بتغطية صمامات التفريغ بشكل محكم يمنع أي تسرب.
نقاط تفتيش دائمة:
إنشاء نقاط تفتيش ثابتة عند مدخل الطريق للتأكد من التزام السائقين باشتراطات السلامة قبل بدء الصعود.
فرض غرامات رادعة:
تطبيق نظام غرامات على المخالفين لضمان عدم تكرار الظاهرة.
ويبقى الأمل معقودًا على استجابة سريعة من قبل السلطات المحلية، لإنقاذ هذا الشريان الحيوي وضمان عودته إلى عمله الطبيعي في خدمة أبناء المنطقة الذين يعتمدون عليه اعتمادًا كليًا في تلبية أحوج احتياجاتهم وأهمها، المياه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news