حين تتحدث عن حزنك والأسباب التي جعلتك تشعر بالحزن .. وحين تبدو حزيناً منكسراً أمام الآخرين .. وحين تكتب منشوراً في وسائل التواصل الإجتماعي يتحدث عن حزنك .. وحين تضع صورة أو عبارة يفهم من يشاهدها أنك حزين .. فأنت تستدعي الحزن بشكل كبير وبوفرة زائدة وتعزز ما لديك من حزن بحزن إضافي أنت في غنى عنه …
لا يستطيع أحداً منا ان لا يحزن !! فالحياة بتفاصيلها تعج بالأحزان .. والأحزان منتشرة في كل مكان مع اختلاف مسبباتها .. فالحزن يترافق مع فرح أو يأتي قبله أو بعده .. ولا حياة بلا أحزان فلو كانت كذلك لن نعرف الحزن ولن نعرف الفرح .. فالحزن يجعلنا نعرف الفرح والعكس صحيح الفرح يجعلنا نعرف الحزن .. وهما من تضاد الحياة .. فالحياة بتفاصيلها كلها أضداد وفيها صراع تلك الأضداد .. فمن الظلام يولد النور ومن النهار يولد الليل والعكس من الليل يولد النهار .. وفي الحياة ورد وعبيره وشوك وجراحه .. وفيها أيضاً محبة وكراهية .. حقد وتسامح … إلخ . إلخ من الأضداد التي تتكون منها الحياة …
ولكن هناك فرق كبير بين ان نحزن وبين ان نضاعف تلك الأحزان .. بين أن نحزن وأن نعزز ذلك الحزن بالمزيد منه بإستدعائنا للحزن من خلال الكتابة عن اسبابه وشرحها أو بالسماح للحزن أن يعيش معنا ونتعايش معه اوقات طويلة وربما ايام وشهور والبعض يجعل حياته كلها أحزان … فهو بذلك يجعل الحزن دائماً رفيقه في حياته فيتغلب عليه الحزن ويتسلط عليه .. فلم يعد يشعر بإي فرح حتى وأن وضع وسط الأفراح وفي قلبها .. فلا تجده إلا منزوياً هارباً من الفرح ليعيش مع احزانه فقد اصبحت أحزانه مسيطرة عليه …
الحزن الطبيعي يأتي ويذهب ليحل بدلاً عنه الفرح .. ولكل شيء في حياة الإنسان وقت للفرح وقت وللحزن وقت وحتى للغضب وقت وللسعادة وقت وللبكاء وقت وللراحة وقت وللفقر وقت وللغنى وقت .. والغنى غنى النفس وليس غنى المال .. وينبغي على الإنسان المسلم أن يترقى في مراتب الدين من الإسلام الى الإيمان ومن الإيمان الى الإحسان وأن يعطي لكل لذي حق حقه . يعطي للفرح حقه وللحزن حقه وللإسلام حقه وللإيمان حقه وللإحسان حقه ولكل شيء في الحياة يعطيه حق .. فلا إفراط ولا تفريط .. لا حزن دائم ولا فرح دائم … وإنما الإعتدال وكل شيء بيد الإنسان يستطيع أن يوازن ايامه وحياته ويخلق التوازن .. ويستطيع العكس يلخبط أيامه وحياته …
فكل شيء يستطيع الإنسان أن يجعله حالة عابرة .. مثل الحزن يجعله حالة عابرة تأخذ وقتها وترحل لتستمر الحياة … فالله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم يذم الحزن وينهي عنه برغم أن المواقف التي وردت في الأيات القرأنية هي من أشد بواعث الحزن والهم والغم … يقول تعالى :
{ولا تخافي ولا تحزني إنّا رادّوه إليك..}
{فناداها من تحتها ألا تحزني…}
{إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا}
{ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلَون إن كنتم مؤمنين}
(لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى)
والخلاصة : لا مفر ولا منجاة من الحزن . فالخزن حالات ملازمة لحياتنا .. فلا حياة بدون أحزان .. فقط علينا أن نستوعب الأحزان ونعطيها وقتها الطبيعي وان لا نجعلها تسيطر على مشاعرنا .. نتعايش معها لتأخذ وقتها الطبيعي ثم ترحل .. وأن لا نجعل الحزن يسيطر علينا ويصبح ضيف دائم في حياتنا فإنه سيسبب لنا الكثير من الامراض المزمنة وفي مقدمتها القلب والضغط والعقل والنفس والسكر .. وسيهدم صحتنا وانفسنا معاً .. وعلينا أن نتذكر أن سائر الأنبياء والمرسلين والمصلحين والعلماء والمبدعين قد اصابهم الحزن ولكنهم تعاملوا مع الأحزان بوقتها فأخذت وقتها وذهبت.
والسلام ختام.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news