رغم الإجماع الدولي على خطورتها .. تحذيرات من محاولات إعادة تأهيل جماعة الحوثي وإشراكها في العملية السياسية
مع تصاعد التحديات الأمنية والسياسية في اليمن، تتجه الأنظار نحو تحركات دولية وإقليمية توصف بأنها محاولة لإعادة رسم خريطة الصراع، عبر الدفع نحو مسارات سياسية قد تمنح جماعة الحوثيين موقعًا جديدًا في المشهد، رغم التحذيرات المتزايدة من خطورة مشروعها على الأمن الإقليمي والدولي.
وفي ظل هذا المشهد المتقلب، تبرز مخاوف من أن بعض المبادرات التي تُطرح تحت شعار "السلام" قد تتحول إلى بوابة لإعادة تأهيل الجماعة وتمكينها، على الرغم من الإجماع الدولي الواسع على أن الحوثيين يشكلون واحدًا من أخطر التهديدات التي تواجه اليمن والمنطقة.
وفي الوقت الذي أجمع فيه المجتمع الدولي على خطورة مشروع جماعة الحوثيين على اليمن والمنطقة والعالم، وعلى ضرورة وضع حدٍّ عسكري لهذا التهديد المتسع يومًا بعد آخر، برزت أصوات تحاول القفز فوق هذا الإجماع الدولي عبر بوابة "السلام"، مستخدمة خطاب التهدئة لإعادة تأهيل الجماعة وإدماجها في العملية السياسية، رغم سجلها الطويل في الانقلاب والعنف ورفض أي تسوية حقيقية.
وتحذّر مصادر سياسية من أن هذه التحركات تُعد محاولة لشرعنة جماعة مسلحة تُعد، بحسب تقارير الأمم المتحدة والدول الكبرى، خطرًا إقليميًا ودوليًا يهدد الملاحة العالمية ويقوض الأمن الإقليمي، مؤكدة أن الحديث عن السلام بمعزل عن إنهاء القدرات العسكرية للحوثيين يمثل التفافًا على المسار الدولي الذي يرى في الجماعة ذراعًا إيرانية تستخدمها طهران لتوسيع نفوذها في المنطقة.
وتشير المواقف الدولية المتشددة—خصوصًا من الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول العربية—إلى أن استمرار الحوثيين كقوة مسلحة خارج إطار الدولة لم يعد مقبولًا، وأن أي عملية سياسية يجب أن ترتكز على تفكيك القدرات العسكرية للجماعة وإنهاء تهديدها للأمن القومي اليمني وللممرات البحرية الاستراتيجية.
وفي المقابل، تسعى بعض الأطراف، وفق مراقبين، إلى تقديم الحوثيين كشريك سياسي يمكن إشراكه في مستقبل اليمن، متجاهلة حقيقة أن الجماعة لم تُظهر منذ انقلابها عام 2014 أي استعداد للالتزام بمبادئ الدولة أو القانون أو التعايش السياسي، بل واصلت التصعيد العسكري والاعتقالات والتضييق على الحريات ونهب مؤسسات الدولة.
وفي السياق ذاته، يرى مراقبون أن الاجتماعات الثلاثية التي عقدت مؤخرًا في طهران بين السعودية وإيران والصين تعكس توجهًا متناميًا لدى هذه الأطراف لدفع جماعة الحوثي نحو مسار سياسي يمنحها حضورًا في مستقبل اليمن تحت مظلة "الحل السلمي"، رغم سجلها الحافل بعرقلة المفاوضات ورفض العملية التفاوضية طوال السنوات الماضية.
ويشير هؤلاء إلى أن الحديث المتكرر عن "دعم الحل السياسي الشامل" يُستغل اليوم كمدخل لإعادة دمج الجماعة وإضفاء شرعية عليها، في وقت ما تزال فيه إيران تزود الحوثيين بالسلاح والتقنيات العسكرية التي أطالت الحرب ورسخت الانقلاب، بينما تتحرك الصين كغطاء سياسي يسعى لتثبيت الجماعة ضمن أي ترتيبات مقبلة.
ويؤكد الخبراء أن تجاهل هذا الواقع ومحاولة فرض الحوثيين كطرف سياسي طبيعي يحمل مخاطر جسيمة، إذ يعيد إنتاج الصراع بدلًا من إنهائه، ويُساهم في إضفاء شرعية على جماعة ترفض السلام الحقيقي وتستثمر في الحرب لفرض مشروع طائفي مدعوم من إيران.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news