ويهدف المجلس، الذي يُنتظر أن يضم قادة دوليين وإقليميين، إلى الإشراف على نزع سلاح الفصائل الفلسطينية وإعادة الإعمار، وسط تباينات حادة في المواقف الفلسطينية والإسرائيلية.
وفي ظل تسريبات حول هيكل المجلس واستبعاد شخصيات مثل رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، يقدم خبراء فلسطيني وإسرائيلي قراءتين متوازيتين تعكسان عمق الخلافات.
تتزايد التساؤلات حول مرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه الكشف عن تشكيلة "مجلس السلام" مطلع العام المقبل، في إطار خطة تهدف إلى إدارة القطاع مؤقتاً تحت تفويض أممي.
رؤية فلسطينية: وصاية دولية وربط نزع السلاح بانتهاء الاحتلال
قال حسام الدجني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة، في حديث لبرنامج "الظهيرة" على سكاي نيوز عربية، إن "الجدل حول الشخصيات المشاركة في مجلس السلام—بما في ذلك استبعاد توني بلير—ليس نقاشا فلسطينيا في جوهره، بل انعكاس لصراع نفوذ بين قوى إقليمية ودولية فاعلة".
وأضاف الدجني أن "الفلسطينيين، بمختلف فصائلهم، لا ينظرون إلى أسماء المبعوثين بقدر اهتمامهم بطبيعة المجلس، وبكونه غير خاضع لوصاية خارجية، ومحدد زمنيا ليؤول في النهاية إلى إدارة فلسطينية خالصة للملف".
وشدد على "ضرورة انفتاح المجلس على منظمة التحرير والسلطة والفصائل كافة، باعتبار ذلك شرطا لعمله بسلاسة وتحقيقه هدف التأسيس لسلام حقيقي ينهي الاحتلال ويعيد إعمار غزة ويضبط الخروقات الإسرائيلية".
وكشف الدجني أن مناقشات أجراها مع مقربين من الإدارة الأمريكية في الدوحة بينت أن واشنطن تعتمد مقاربة "مرحلية"، محذراً من أن إسرائيل تسعى إلى "صفقة تستهدف نزع سلاح حماس وإنهاء المقاومة، مقابل تطبيع واسع النطاق ومنحها سيطرة أمنية على غزة، دون تقديم أي ثمن سياسي أو الاعتراف بمسؤولية الاحتلال".
وأشار إلى أن خطة ترامب "ليست نقطة واحدة، بل حزمة من 20 بنداً"، مع خلافات دولية حول ملف السلاح، مقترحاً "توافق على إخفاء السلاح مؤقتا في مرحلة أولى، على أن يبت بمصيره لاحقا إذا تقدمت العملية السياسية".
ورأى الدجني أن "عامين من الحرب لم يحققا لإسرائيل أهدافها المعلنة: لم ينزع سلاح حماس، ولم تدمر الأنفاق، ولم تصف القيادات، بل اقتصر الإنجاز على قتل المدنيين وتدمير البيئة العمرانية".
وأكد أن "صعود حماس لم يكن نتيجة ظرف طارئ، بل نتاج انهيار مسار السلام وتهميش الحقوق الفلسطينية"، مشدداً على أن "تفكيك السلاح لن يكون ممكنا إلا إذا بادرت إسرائيل إلى الاعتراف بقراري 242 و338، ووقف الاستيطان، والقبول بدولة فلسطينية قابلة للحياة".
وقال الدجني إن "نجاح مجلس السلام مرتبط بتوافر نوايا سياسية حقيقية تتجاوز الحسابات الجيوسياسية والضغوط الأمنية، وتعترف بالحقوق الفلسطينية كاملة. أما دون ذلك، فستبقى كل المبادرات عرضة للفشل، وسيبقى السلاح والمقاومة نتيجة مباشرة لاستمرار الاحتلال لا سبباً له".
رؤية إسرائيلية: نزع سلاح حماس شرط أساسي لأي تقدم
من جانبه، قال يوحنان تسوريف، كبير الباحثين في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، إن "إسرائيل تتعامل بحذر مع التحركات السياسية الراهنة، انطلاقاً من قناعة بأن أي مسار لا يعالج مسألة سلاح حماس معالجة جذرية سيبقى بلا جدوى".
وأضاف أن "جوهر الطلب الإسرائيلي من الولايات المتحدة، ومن مختلف الأطراف المنخرطة في جهود التهدئة، هو وضع ضمانات واضحة تمنع استمرار السلاح بأيدي حماس، أو تحيد قدرته على التأثير في التوازنات الأمنية".
واستشهد تسوريف بتصريحات القيادي في حماس خالد مشعل الذي يؤكد أن "السلاح هو روح الحركة"، معتبراً ذلك "رفضا واضحا لأي مقترحات لنزعه أو تقييد دوره"، مما يجعل إمكانية تحقيق هدنة مستقرة "شبه مستحيلة".
ورأى أن "الأزمة ليست تقنية بل سياسية بنيويا، إذ ترى إسرائيل أن حماس تمثل قوة غير شرعية لا تخضع للممثل الرسمي للشعب الفلسطيني، أي السلطة الفلسطينية".
وأشار تسوريف إلى أن "حماس —ومعها فصائل أخرى— ساهمت في إضعاف معسكر السلام داخل إسرائيل وتعزيز التيار اليميني المتشدد" منذ فشل المفاوضات عام 2009.
وأعرب عن تقديره للجهود الأمريكية، لكنه أكد أن "نجاح أي مسار مرتبط بقدرة الولايات المتحدة على تقديم ضمانات أمنية صارمة تتعلق بالسلاح، وهو ما يشكل البند الأول في قائمة المطالب الإسرائيلية. وبدون ذلك، فإن فرص الاستقرار ستبقى ضعيفة".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news