أفاد المركز الأمريكي للعدالة، الخميس 11 ديسمبر/ كانون الأول 2025م، بأن الهجوم الذي نفذته القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي على مدينة سيئون بمحافظة حضرموت (شرقي اليمن)، الأسبوع الماضي، أسفر عن مقتل 100 شخص من مختلف الأطراف بينهم مدني.
وأوضح المركز، في بيان اطلع عليه "بران برس"، أن التقديرات الأولية تشير إلى مقتل 34 من قوات الانتقالي، و17 من قوات حلف حضرموت، و24 من المنطقة العسكرية الأولى، إلى جانب قتيل مدني، مرجحاً ارتفاع الحصيلة نظراً لاستمرار توافد المعلومات من الميدان.
وأشار المركز إلى أن المواجهات، رغم محدودية انتشارها في بداياتها، ترافقت معها "انتهاكات جسيمة" ارتكبتها قوات الانتقالي، شملت اعتقال مدنيين، ونهب مقرات حكومية ومحال تجارية ومنازل مواطنين، خصوصاً المنتمين إلى المحافظات الشمالية.
وبحسب ما وثّقه المركز، فقد طالت الانتهاكات مدنيين وعسكريين، بينهم محتجزون نُقلوا إلى معتقلات مستحدثة أُفرج عن بعضهم، خصوصاً المنتمين إلى حضرموت، فيما أُجبر آخرون من أبناء المحافظات الشمالية على المغادرة، دون أن يتمكن المركز من معرفة مصير بقية المعتقلين.
ووفقاً للبيان، برزت الانتهاكات بشكل خاص خلال عملية اقتحام حضرموت، حيث أقدمت قوات الانتقالي على دخول مؤسسات الدولة بالقوة، والسيطرة على مقار حكومية وعسكرية من دون أي غطاء قانوني.
كما اقتحمت مقر المكتب التنفيذي لحزب الإصلاح وعبثت بمحتوياته، واعتدت على الحراس ونهبت مقتنيات شخصية، فيما اعتبره المركز "استهدافاً مباشراً للحياة السياسية"، معتبراً أن هذه الاعتداءات اتخذت طابعاً تمييزياً قائماً على الهوية الجغرافية.
وامتدت الاعتداءات إلى مداهمة منازل مسؤولين، بما في ذلك منزل وزير الداخلية ومنزل الوكيل الأول لوزارة الداخلية، كما داهمت تلك القوات منازل الجنود والضباط القريبة من المنطقة العسكرية الأولى، إضافة إلى نهب ممتلكات شخصية تخص الجنود وعائلاتهم.
وأضاف البيان أن قوات الانتقالي أجبرت بعض التجار على فتح محالهم بالقوة قبل تركها للعصابات لنهبها، كما اقتحمت دكاكين وبسطات صغيرة ونهبتها في وضح النهار، ووصل الأمر إلى نهب أغنام عدد من الأسر في منطقة الغرف بسيئون.
وأكد المركز الأمريكي خطورة الأفعال التي بلغت حد فتح مخازن الأسلحة والذخيرة وتركها للنهب، الأمر الذي يثير مخاوف حقيقية من أن يؤدي نهب الأسلحة إلى مفاقمة حجم الانتهاكات وزيادة احتمالات استخدامها في أعمال عنف جديدة، وخلق حالة من الفوضى.
كما اتهم المركز عناصر تابعة للانتقالي بنشر خطاب كراهية ذي طابع مناطقي، ما أسهم في زيادة التوتر والاحتقان الاجتماعي في محافظة عُرفت بالهدوء والاستقرار طوال سنوات الحرب.
وأعرب المركز الأمريكي للعدالة عن إدانته الشديدة لما وصفه بـ"الهجوم المنظم" الذي نفذته قوات الانتقالي القادمة من محافظات الضالع وأبين وشبوة وعدن، مؤكداً أن تلك القوات توسعت خلال الأيام الماضية في تنفيذ عمليات عسكرية في عدد من مديريات وادي حضرموت ومحافظة المهرة.
وحذّر المركز من أن استمرار هذا النمط من الاعتداءات يشكّل "تهديداً مباشراً للسلم الاجتماعي"، ويمسّ أسس التعايش بين اليمنيين، وقد يؤدي إلى اتساع دائرة العنف حال عدم اتخاذ إجراءات عاجلة لوقفها.
وأكد المركز أن هذه الاعتداءات تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، مشيراً إلى أن اتفاقيات جنيف تحظر استهداف المدنيين ونهب الممتلكات والاعتقال التعسفي، وأن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية يجرّم التمييز والاحتجاز غير القانوني.
ودعا المركز قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي إلى وقف الاعتداءات فوراً، وتحمل مسؤولية سلامة المختطفين، والإفراج عنهم دون قيد أو شرط، ووقف الانتهاكات المبنية على الهوية، وفتح تحقيق شفاف لمحاسبة المتورطين.
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي "رشاد العليمي" قد وجّه في 5 ديسمبر/ كانون الأول الجاري قيادة السلطة المحلية في محافظة حضرموت والجهات المعنية في الحكومة بتشكيل لجنة تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، والأضرار التي طالت المواطنين والممتلكات العامة والخاصة في حضرموت.
جاء ذلك بعد أيام من اجتياح قوات المجلس الانتقالي الجنوبي لمدينة سيئون، وفرض سيطرتها على المدينة ومطارها الدولي في وادي حضرموت (شرقي اليمن) عقب انسحاب قوات المنطقة العسكرية الأولى التابعة للحكومة الشرعية.
وفي أعقاب سيطرة قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي على عدد من المدن والمواقع العسكرية والحيوية في وادي حضرموت، برزت تقارير وشهادات محلية تتحدث عن انتهاكات طالت سكانًا مدنيين وعسكريين ينتمون لقوات الجيش الوطني.
وبحسب مصادر مدنية وعسكرية، شهدت المناطق التي تغيّر فيها ميزان القوة ممارسات شملت اقتحام منازل مدنية وتفتيشها بالقوة، ونهب ممتلكات خاصة وعامة، إلى جانب اعتداءات واعتقالات تعسفية بحق جنود وضباط من المنطقة العسكرية الأولى التابعة للجيش الوطني.
وفي موازاة ذلك، أظهرت شهادات محلية وحوادث موثقة عمليات نهب طالت ممتلكات مواطنين من أبناء سيئون وأخرى تعود لمقيمين من محافظات شمالية، وسط تسجيلات صوتية ومقاطع فيديو تؤكد تواصل بعض الضحايا مع عناصر الانتقالي للمطالبة بإعادة ممتلكاتهم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news