كتب/ مناف الكلدي
منذ آخر انتخابات برلمانية في اليمن عام 2003، توقّف الزمن عند مجلس النواب الذي فقد صلته بالشعب والدولة، بينما تغيّرت خارطة البلاد جذرياً. فثلث أعضائه غيّبهم الموت، وثلث آخر يقبع في صنعاء تحت سيطرة الحوثيين بما فيهم رئيس المجلس يحيى الراعي، فيما تبقّى الثلث الأخير موزعاً بين عواصم العالم. فبأي وجه يتحدث مجلسٌ بلا حضور؟ وأي شرعية تبقى لمجلس ميت لا يمارس مهامه ولا يملك القدرة على الانعقاد، بل تحوّل إلى لافتة تُستخدم في الصراع السياسي لا أكثر؟
وحتى لو سلّمنا — جدلاً — بشرعية هذا المجلس المنتهي، فإن ما صدر عنه مؤخراً لا يحمل أي مشروعية قانونية. فالقانون رقم (1) لسنة 2006 بشأن اللائحة الداخلية المنظمة لعمل المجلس ينص بوضوح على أن أي بيان أو قرار لا يُعتد به ما لم يصدر داخل جلسة رسمية مكتملة النصاب وفي دورة انعقاد طبيعية أو استثنائية. وما دام ذلك لم يحدث، فإن البيان مجرد رأي أفراد لا يمتلكون سلطة تمثيل المؤسسة التشريعية.
اقرأ المزيد...
الدفاعات الجوية الجنوبية تتصدى لمسيرات معادية بسماء عدن
11 ديسمبر، 2025 ( 12:36 صباحًا )
قائد لواء بارشيد يعلق على دعوات الانسحاب من حضرموت: نحن في أرضنا.. وعمليات التقدم مستمرة حتى آخر الحدود
11 ديسمبر، 2025 ( 12:26 صباحًا )
بات واضحاً أن من يقف وراء بيان المجلس لا يهدف لحماية الدولة أو القانون، بل يسعى لتوجيه مؤسساتها لخدمة أجندات حزبية ضيقة، بعد أن عجز عن ممارسة دوره الحقيقي أو الدفاع عن قضايا الوطن.
بيان مجلس النواب اليوم هاجم التحركات العسكرية للقوات المسلحة الجنوبية واعتبرها “أحادية ومخالفة لاتفاق الرياض”. وهنا يبرز السؤال المنطقي:
ألم ينص اتفاق الرياض على خروج قوات المنطقة العسكرية الأولى من وادي حضرموت وإحلال قوات أمنية من أبناء حضرموت بدلا عنها؟
فأين كان مجلس النواب عندما بقيت هذه القوات في مواقعها لسنوات دون تنفيذ بنود الاتفاق؟
المجلس نفسه عاد للحديث عن “اتفاق نقل السلطة” معتبراً أن تحركات القوات الجنوبية تخالفه. ونتساءل هنا مرة أخرى: لماذا صمت المجلس أمام أكثر من 700 قرار منفرد اتخذه رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي دون تشاور؟ ولماذا لم يُصدر بياناً حين تجاهل العليمي قرارات مجلس القيادة الخاصة بحضرموت، وعرقل تنفيذها بشكل واضح وما زال إلى يومنا يعرقل ويرفض تنفيذ أي من القرارات الخاصة بحضرموت والتي سبق إن تم إصدارها؟
الأسئلة كثيرة، والحقيقة واحدة: المجلس لا يتحرك إلا عندما تمس مصالحه أو مصالح الجهات التي تتكئ عليه.
نقول لمجلس النواب المنتهي إن القوات الجنوبية تحركت في وادي حضرموت لإنهاء خطر إرهابي عاش الجميع تبعاته. فالإخوان هناك وفروا بيئة حاضنة للتطرف، وكانت النتيجة سلسلة عمليات استهدفت التحالف وضباطه. كما أن الوجود الحوثي في المنطقة لم يعد سراً، فالكثير من عناصر الأولى ينحدرون من محافظات حاضنة للحوثي ويجاهرون بانتمائهم للحوثي جهارا ومؤخرا مع تحرير قواتنا لوادي حضرموت وجدت الكثير من شعارات الحوثي في تلك المعسكرات، وإذا عدنا بالذاكرة إلى العام الماضي عندما قام أحد أفراد المنطقة الأولى بقتل جنود سعوديين في هاربا إلى مناطق الحوثي وهذا يؤكد صوابية ما نطرحه وما كانت تقوله قواتنا الجنوبية ليل نهار ولكن مجلس النواب الميت لا يسمع أو لا يريد أن يسمع.
كذلك الحال في المهرة، الحكاية مشابهة: فعندما اعتقل محور الغيضة القيادي الحوثي “الزايدي”، سارعت مجاميع الحريزي للدفاع عنه، بينما الدولة — بالشرعية — لم تحرك ساكناً، بل تركت تلك الجماعات تنمو وتتمدد.
نؤكد مرة أخرى أن القوات الجنوبية لم تتحرك بحثاً عن نفوذ أو سلطة، بل لأنها قوة مسؤولة أمام شعبها. لا يمكن أن ترى المليشيات تقمع أبناء حضرموت وتغلق عيونها. ولا يمكن أن تقف متفرجة أمام تهريب السلاح للحوثيين عبر المهرة، بينما الدم الجنوبي يدفع الثمن على الجبهات.
هذه معركة أمن قومي جنوبي قبل أن تكون تحركاً عسكرياً. فمن حق الجنوب أن يحمي أرضه وحدوده وأمنه من الإرهاب والاختراق الحوثي، ومن واجبه أن يضرب بيد من حديد كل من يعبث باستقراره.
ختاما نقول: إن كان لمجلس النواب معركة فليكن ميدانها صنعاء لا عدن، والحوثي لا القوات الجنوبية.
فمن شردكم ونهب مؤسسات الدولة وأهان نوابكم هو الحوثي، لا الجنوب الذي احتضنكم وأمّن لكم ملجأ وفضاءً للتعبير.
لا يصح أن تصمتوا أمام من أخرجكم من بيوتكم بالقوة، ثم تستقووا على من منحكم أرضاً آمنة.
ويا من يتحدث باسم الشرعية.. فلتكن شرعيتكم في المواقف لا في البيانات.
ويا غريب، كن أديب.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news