ناقش تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" احتمالات التصعيد على الساحة اليمنية عقب العملية العسكرية التي شنها المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات العربية المتحدة في محافظة حضرموت الغنية بالنفط.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21 إن اليمن يشهد حربًا أهلية متعددة الأطراف منذ سنوات، حيث تسيطر جماعة الحوثي المدعومة من إيران على شمال البلاد ذي الأغلبية السكانية، بينما تسيطر عدة جماعات مسلحة، بالإضافة إلى الحكومة المعترف بها دوليًا، على مناطق مختلفة في الجنوب.
وقد سيطر المجلس الانتقالي الجنوبي هذا الأسبوع على معظم محافظة حضرموت، وهي محافظة شاسعة غنية بالموارد في شرق اليمن، تحدها المملكة العربية السعودية شمالًا، وتمتد إلى بحر العرب جنوبًا.
ووصف مسؤولون من المجلس الانتقالي الجنوبي هذا التقدم بأنه خطوة ضرورية "لاستعادة الأمن"، لكن العملية العسكرية تعد -وفقا للصحيفة- تصعيدًا كبيرًا يندرج ضمن مساعي المجلس لإقامة دولة مستقلة، وقد يُعيد إشعال حرب أهلية وصلت إلى طريق مسدود.
وأوضحت الصحيفة أن الصراع في اليمن أدى إلى تقسيم البلاد بين عدة أطراف متنازعة:
الحوثيون: جماعة مدعومة من إيران تسيطر على شمال اليمن حيث اقتحموا في 2014، العاصمة صنعاء وأجبروا الحكومة المعترف بها دوليًا على الفرار إلى جنوب اليمن.
الحكومة المعترف بها دوليًا ومقرها عدن: تُعتبر اسميًا السلطة الرسمية في جنوب اليمن، لكن صلاحياتها محدودة. يُسيطر عليها مجلس قيادة رئاسي مؤلف من ثمانية أعضاء، تختلف ولاءاتهم وأهدافهم.
المجلس الانتقالي الجنوبي: الفصيل الأقوى في جنوب اليمن. تأسس عام 2017 بدعم من الإمارات، وهدفه المعلن هو إقامة دولة مستقلة في جنوب اليمن.
وكانت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية قائمة هناك من عام 1967 إلى عام 1990، عندما اندمجت مع الجمهورية العربية اليمنية.
تحالف قبائل حضرموت: وهو تجمع قبائل محلية، يطالب بمزيد من الحكم الذاتي وحصة أكبر من عائدات النفط لأهالي حضرموت. يقود التحالف عمرو بن حبريش، لكن المجلس الانتقالي الجنوبي أعلن هزيمة قواته يوم الخميس.
وأكدت الصحيفة أن حضرموت خضعت في السنوات الأخيرة لسيطرة مجموعة من الجماعات المسلحة، بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الموالية للحكومة، المعروفة باسم قوات المنطقة العسكرية الأولى.
وفي كانون الثاني/ يناير، سيطر مقاتلون من القبائل مرتبطون بالسعودية على حقول النفط في المناطق الداخلية من المحافظة وقطعوا الإمدادات عن الحكومة، مطالبين بحصة أكبر من ثروة اليمن النفطية، وتحسين الخدمات المقدمة للسكان.
وأدى ذلك إلى انقطاعات واسعة النطاق للكهرباء هذا الأسبوع، ورأى المجلس الانتقالي الجنوبي في هذه اللحظة فرصة لتوسيع نفوذه.
وصرح عمرو البيض، أحد كبار مسؤولي المجلس الانتقالي، بأن التحرك جاء لتأمين إمدادات الطاقة في المنطقة وإغلاق طرق التهريب. وبحلول يوم الخميس، كان المجلس قد تحرك شرقًا إلى محافظة المهرة.
واعتبرت الصحيفة أن هذا التصعيد قد يؤدي إلى انهيار الوضع السياسي المستقر نسبيًا في اليمن، لكن اتجاهات التصعيد مازالت غير واضحة المعالم.
وفي مؤتمر صحفي عبر الإنترنت يوم الخميس، قال عمرو البيض إن المجلس الانتقالي يتشاور مع شركاء يمنيين ودوليين بشأن احتمال شن عملية برية منسقة ضد الحوثيين، وهو ما قد يؤدي إلى إشعال الحرب الأهلية مجددا في اليمن، وفقا للصحيفة.
وفي هذا السياق، يقول فارع المسلمي، الباحث المتخصص في الشؤون اليمنية بمعهد تشاتام هاوس في لندن: "ربما يشعر الحوثيون بالقلق الآن لأنه أصبحت هناك أخيرا قوة في الجنوب تحت قيادة واحدة".
وأشارت الصحيفة إلى أن استيلاء المجلس الجنوبي الانتقالي على معظم محافظة حضرموت يكشف بوضوح تباين الأهداف بين السعودية والإمارات اللتين تحالفتا سابقًا ضد الحوثيين، معتبرة أن الأحداث الأخيرة تنذر بتآكل كبير في نفوذ السعودية في المحافظة لصالح الإمارات.
وأكدت الصحيفة أن حضرموت ترتبط بعلاقات عميقة بالسعودية، بسبب حدودهما المشتركة، مضيفة أن المملكة تدعم الحكومة المعترف بها دوليًا ومفهوم الدولة اليمنية الموحدة، لكن مصلحتها الرئيسية تتمثل في تعزيز أمنها وحماية حدودها غير المستقرة مع اليمن.
وترى الصحيفة أن الأهداف الإماراتية في اليمن تبقى غامضة، فرغم أن المسؤولين الإماراتيين يقولون إنهم يدعمون تطلعات الشعب اليمني، سواءً كان ذلك يعني دولة واحدة أو دولتين، إلا أن بعض المحللين يعتقدون أن أبوظبي تسعى إلى بناء منطقة نفوذ على طول الساحل الجنوبي لليمن بهدف السيطرة على طرق التجارة البحرية من خلال تأمين الموانئ والجزر الاستراتيجية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news