مسعود عمشوش
تبيّن ردود فعل أبناء اليمن، الذي أصبح في مطلع القرن العشرين المملكة المتوكلية، ثم اختار لخمس سنوات فقط – بين سبتمبر ١٩٦٢ وفبراير ١٩٦8- نظاما جمهوريا مدعوما من عبد الناصر باسم الجمهورية العربية اليمنية التي أصبحت بعد ذلك مزيجا من الملكية الإمامية والجمهورية، تجاه ما يحدث في حضرموت والمهرة أنهم فعلا إماميو الهوى، ولا علاقة لهم بالنظام الجمهوري الذي رضوا بإجهاضه في فبراير 1968، وعودة الأماميين الزيديين الذين يتربعون فوق كرسي الحكم في صنعاء.
وذلك على الرغم من تباين وجود عدد كبير من السنيين في جنوب ذلك اليمن، أقصد إب وتعز والتربة. واللافت اليوم أن عددا كثيرا من هؤلاء السنيين جنوب الجمهورية العربية اليمنية - حتى في تعز- باتوا يؤكدون أنهم زيود.
ومن المؤسف أن هذا الميل الإمامي الزيدي لا ينحصر في الساسة العامة، بل أنه منتشر حتى بين أوساط النخب المثقفة. وهذا يذكرنا بالطريقة التي وظف فيها الإمام أحمد بن حميد الدين سنة 1939 أدباء صنعاء لتأييد اعتراضه على اتفاقيتي المعاهدة التي وقعها سلاطين حضرموت حينذاك مع بريطانيا وإلزامهما باستشارة الحاكم البريطني في عدن في كل كبيرة وصغيرة.
ومن المستغرب فعلا ألا نسمع صوت مثقف أو كاتب أو إعلامي في صنعاء أو تعز يعارض ما تقوم به الإمامة في صنعاء اليوم.
ومن الغريب تجاهلهم لحقيقة أن النظام في صنعاء ظل صامدا رغم حصار الحديدة يعتمد أساسا على ما كانت تصله من أسلحة متطورة عبر منفذ شحن شرقي المهرة وبالطريق الذي يمر عبر صحراء ثمود ووادي حضرموت والخشعة والعبر، أي عبر المناطق التي توزعت فيها ألوية المنطقة الأولى، التي نتمنى أن يتم الإسراع في تفكيك ما تبقى منها. فهي لم تكن ترتبط إلا اسميا لنظام العليمي.
وسبق أن أكدت على ذلك مرات عدة، لعل آخرها ما ذكرته قبل شهر واحد في مقالي حول (حورة في مفترق الطرق)، والذي كتبت فيه: "بعد 1990 سارع علي عبد الله صالح بالاستيلاء على الأراضي الزراعية الواسعة التي تقع شرقي حورة وشيّد فيها معسكرات غير معلنة وقام بتشييد الطريق السريع الذي يربط صنعاء بسيؤن وثمود والمهرة والذي يمر شمال حورة. وشكل ابتعاد هذا الطريق عن مركز حورة ضربة كبيرة للمدينة التي لم تستفد كذلك من المقاهي العجيبة والغريبة التي فتحت في منعطف بن عيفان في شمالها الشرقي. واليوم تعد جولة بن عيفان جمهورية ليس لها على ما يبدو علاقة فعلية بمركز حورة وربما بحضرموت بشكل عام".
واليوم عادت جولة بن عيفان ومقهى بن عيفان وكل جمهورية بن عيفان إلى أحضان حضرموت.
وأتمنى أن تعمل نخب صنعاء اليوم شيئا لاستعادة ما بدأه المشير عبدالله السلال. بدلا من التباكي على حضرموت.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news