ثورة 2 ديسمبر .. صرخة اليمنيين ضد الظلام الحوثي، كسرت وهم السلالة وبداية بناء المستقبل الوطني
قبل 3 دقيقة
في مسيرة اليمن الحديث، تظهر لحظات تتجاوز الأحداث اليومية لتصبح علامات فارقة في الوعي الوطني والسياسي. يكشف الشعب فيها عن قوته وقدرته على حماية الدولة وهويتها، حتى في مواجهة الانقلابات المسلحة والهيمنة الفكرية. الثاني من ديسمبر كان إحدى هذه اللحظات. لم يكن مجرد يوم احتجاج عابر، بل إعلانًا صريحًا أن الشعب اليمني لن يسمح بتحويل الدولة إلى ملكية جماعية لعصابة مسلحة، وأن الجمهورية ليست شعارًا يمكن طمسه، بل عقد وطني يحفظ حقوق المواطنين ويؤكد مسؤولياتهم تجاه وطنهم.
الميليشيا الحوثية، منذ سيطرتها على صنعاء، سعت بلا هوادة إلى فرض نموذج استبدادي يقوم على احتكار السلطة وإعادة إنتاج الماضي بصياغة مغلقة، مستغلة مؤسسات الدولة والتعليم والإعلام لترويج الولاء القسري. المدارس والجامعات تحولت إلى مختبرات لتلقين الجيل الجديد أفكارًا مغلقة، والإعلام صار منصة لإضفاء شرعية مزيفة على سيطرتها.
في مواجهة هذه المحاولات، ظهر المؤتمر الشعبي العام، إلى جانب نخبة المثقفين والصحفيين والفاعلين الوطنيين، كحائط صد ضد تغول السلالة والهيمنة الفكرية، مؤكدًا أن التعليم والمعرفة والسياسة ليست أدوات للابتزاز العقائدي أو للتسييس القسري، بل أركان أساسية لحماية الدولة وهويتها.
ثورة الثاني من ديسمبر لم تكن مجرد رفض للانقلاب، بل كانت صرخة وطنية حاسمة تقول: لن نسمح لأحد أن يسلب الدولة، ولن نرضى بأن يُكتب التاريخ وفق مصالح فئة ضيقة تسعى للاحتكار بالقوة والخداع. أعادت هذه اللحظة الروح الوطنية إلى قلب اليمن، وجددت العهد مع قيم الجمهورية والدولة المدنية، مؤكدة أن الشعب هو صاحب القرار الأخير، وأن القوة الوحشية لا تُشرّع الحق ولا تحل محله.
كما كشفت الانتفاضة عن صراع فكري عميق بين مشروعين متناقضين: مشروع دولة وطنية تقوم على المواطنة المتساوية وحقوق الجميع، ومشروع سلالي مغلق يسعى لاحتكار السلطة وإعادة إنتاج الماضي بأساليب أكثر قسوة وتسلطًا. حاول الحوثيون فرض عقيدتهم على الجميع واستغلال التعليم والإعلام لصناعة جيل تابع بلا إدراك أو حرية، إلا أن الشعب اليمني رفض أن يكون تابعًا لأوهام السلالة، وأكد أن مشروع السلالة لا يقف أمام قوة الوعي الوطني والإرادة الشعبية. الثورة لم تكن مجرد مقاومة بالقوة، بل كانت مقاومة فكرية وسياسية تؤكد أن الفكر الوطني قادر على مواجهة كل محاولات السيطرة والإقصاء.
الأهم أن الثاني من ديسمبر أسس لمرحلة جديدة أنتجت مسارًا أدى إلى ظهور قوى سياسية وعسكرية منظمة، قادرة على مواجهة الانقلاب ومقاومة أي محاولة للهيمنة بالقوة. هذه القوى ليست مجرد أدوات رد فعل، بل قاعدة لوعي جماعي جديد رسخ في نفوس اليمنيين إدراكهم أن مقاومة الانقلاب ممكنة، وأن المستقبل يُصنع بالإرادة والمثابرة مهما طال الزمن. أصبح الشباب والمرأة والنخب السياسية والمدنية شركاء في صناعة هذا المستقبل، مؤكدين أن السلطة ليست امتيازًا لفصيل مسلح، بل حق للشعب بأكمله، وأن الجمهورية والقانون والعدالة هي الركائز التي تبني الدولة القوية.
ظهور هذه القوى وتجدد النشاط السياسي والمجتمعي أعطى درسًا قاسيًا للحوثي: الشعب اليمني لا يُرهب، ولا يُخضع، ولا يُغش. كل محاولاته للسيطرة على الدولة والمجتمع بالفكر والإكراه فشلت، لأن المواطن أصبح واعيًا، والمجتمع مدركًا أنه جزء من منظومة وطنية أكبر، وأن المقاومة الفكرية والسياسية جزء من المقاومة الوطنية المستمرة. الثاني من ديسمبر أصبح رسالة واضحة لكل اليمنيين ولكل العالم: عصابة الحوثي مجرد سراب، ومشروعها السلالي إلى زوال، والمستقبل الحقيقي يصنعه الشعب وحده، بإرادته وعزيمته ووعيه الوطني الذي لن تسممه أي خرافة أو وهم.
اليمن ،اليوم، ومعه المؤتمر الشعبي العام وكل القوى الوطنية الحقيقية، يقف صفًا واحدًا ضد مشاريع السلالة المغلقة، وضد كل محاولات الحوثي لتسييس التعليم أو التحكم بالمؤسسات أو طمس الهوية الوطنية. الثورة أكدت أن الشعب اليمني لن يركع أمام عصابة مسلحة، وأن المقاومة الوطنية والفكرية والسياسية هي الضمانة الحقيقية لاستمرار الدولة وصون مستقبل الأجيال. الثاني من ديسمبر سيبقى يوم الكرامة الوطنية والفكر الحر والمقاومة المستمرة، يوم أكد أن الشعب اليمني قادر على مواجهة الظلام الحوثي، وإسقاط مشروع السلالة المغلقة، وبناء دولة مدنية قوية قائمة على العدالة والمواطنة وسيادة القانون، وطن حر ومستقبل مضيء لأجيال اليمن القادمة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news