في يوم تتسارع فيه التطورات على الأرض بوادي وصحراء حضرموت، يقترب الجنوب العربي من إغلاق واحدة من أعقد ملفات الصراع الأمني في المنطقة، مع تحقيق القوات الجنوبية سلسلة مكاسب ميدانية واسعة أعادت رسم خريطة السيطرة، وفتحت الباب أمام مرحلة جديدة من الاستقرار المرتقب.
أحرزت القوات المسلحة الجنوبية خلال الساعات الماضية تقدماً واسعاً في اتجاه سيئون ومحيط الوادي، بعد تأمين مواقع استراتيجية ظلت لسنوات تستخدمها الجماعات الإرهابية كمعابر آمنة لتمرير السلاح والمقاتلين.
كما أكدت مصادر عسكرية أن العمليات جرت بدقة وانضباط تكتيكي، واستهدفت طرق الإمداد ومواقع السيطرة التابعة للمنطقة العسكرية الأولى، التي كانت تشكل الغطاء الأكبر لتحركات القاعدة والحوثيين داخل حضرموت.
اقرأ المزيد...
الألعاب النارية تضيء سماء زنجبار احتفاء بانتصارات القوات الجنوبية في وادي وصحراء حضرموت
3 ديسمبر، 2025 ( 10:00 مساءً )
قواتِنا المسلحةِ الجنوبية تصدر بيان النصر لعملية المستقبل الواعد
3 ديسمبر، 2025 ( 9:55 مساءً )
هذا التقدم الميداني اعتُبر نقطة تحول في مسار معركة الوادي والصحراء، خصوصاً أنه ترافق مع حالة التفاف شعبي واسعة، وغطاء سياسي واضح من قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي.
“بيان المجلس الانتقالي “
وفي أول تعليق رسمي، رحب المجلس الانتقالي الجنوبي بالتقدم العسكري، مؤكداً في بيان أصدره اليوم أن “تحرير وادي حضرموت من بؤر الإرهاب ليس عملاً ظرفياً، بل ضرورة وطنية لحماية الأمن الإقليمي وقطع شريان الفوضى الذي استنزف الجنوب وشركاءه”.
وشدد البيان على أن الخطوات الحالية تأتي استجابة لإرادة أبناء حضرموت الذين طالبوا مراراً بإخراج القوى الوافدة وإحلال قوات جنوبية مهنية قادرة على تأمين الوادي.
” اجتماع الجمعية الوطنية.”
وخلال اجتماع استثنائي للجمعية الوطنية، أكدت قيادات المجلس أن العملية العسكرية تستند إلى شرعية شعبية وتنظيمية واضحة، مشيرة إلى أن بقاء الوادي تحت سيطرة قوى متطرفة ومتداخلة الولاءات شكّل لعقود تهديداً مباشراً للجنوب وللتحالف العربي.
ووصفت الجمعية الوطنية تحركات اليوم بأنها “خطوة مفصلية” نحو استعادة الأمن وبناء نموذج استقرار حقيقي في حضرموت.
كما توالت بيانات التأييد من قبائل وشخصيات اجتماعية في الوادي والصحراء، أكدت جميعها أن اللحظة الراهنة تمثل “فرصة تاريخية” لاستعادة السيطرة على مناطقهم ، بعد سنوات من النفوذ المفخخ الذي أتاحته المنطقة العسكرية الأولى.
وأعلنت العديد من الكيانات القبلية والمجتمعية دعمها الكامل للقوات الجنوبية، مؤكدة استعدادها لتقديم المساندة اللوجستية وتأمين طرق الإمداد.
إرث طويل من العنف والإرهاب .. الوادي يدفع الثمن الأغلى
وبالتزامن مع التقدم العسكري، أعادت الأحداث الراهنة تسليط الضوء على الإرث الدموي الذي شهدته حضرموت خلال السنوات الماضية، حيث ظل الوادي مسرحاً لهجمات إرهابية متلاحقة استهدفت القوات الجنوبية والسعودية على حد سواء.
فعام 2019 شهد سيئون هجوماً دموياً استُشهد فيه خمسة عسكريين سعوديين، بينهم قائد قوات التحالف في الوادي، بينما تكرر المشهد في 2020 داخل منطقة العبر بهجوم آخر أودى بحياة جنديين سعوديين في واحدة من العمليات التي نفذتها خلايا متطرفة مرتبطة بالحوثيين .. ثم جاءت حادثة عام 2024م داخل أحد معسكرات سيئون، عندما فتح جندي منسوب للمنطقة العسكرية الأولى النار على قوات سعودية، ما أدى إلى استشهاد ضابط وضابط صف، قبل أن يفر المهاجم الذي أكدت التحقيقات ارتباطه بتنظيمات إرهابية
وهذه السلسلة من الهجمات المترابطة كشفت عن عمق الاختراق الأمني داخل الوادي، وعن الدور الذي لعبته قوى النفوذ السابقة في تهيئة بيئة رخوة سمحت بتمدد خلايا داعش والقاعدة والحوثيين في آن واحد.
” تفكيك منظومة الفوضى وفتح باب الاستقرار في حضرموت “
ويرى محللون سياسيون أن العملية الجارية اليوم لا تمثل مجرد تحرك عسكري، بل إعادة صياغة شاملة للمعادلة الأمنية في الوادي، خصوصاً مع نجاح القوات الجنوبية في السيطرة على محاور الإمداد والتواصل بين الجماعات الإرهابية.
وتشير المعطيات إلى أن تفكيك هذه الشبكات سيحد من قدرة تلك الجماعات على إعادة التموضع أو تنفيذ عمليات انتقامية، مما يمهّد لمرحلة من الاستقرار الأمني الحقيقي في حضرموت بشكل خاص والجنوب العربي بشكل خاص .
” نحو حضرموت آمنة .. وإغلاق ملف طال انتظاره”
وبينما حققت القوات الجنوبية انتصارات على الأرض، تتعزز القناعة أن حضرموت تقف عند عتبة تحول تاريخي بعد عقود من التداخلات الأمنية والسياسية.
كما جعلت القراءات العسكرية والسياسية أن نجاح هذه العملية سيعيد رسم الخريطة الأمنية في المنطقة، ويمنح حضرموت فرصة لبناء نموذج إدارة مستقرة وفعّالة تعتمد على قوات جنوبية محترفة وقادرة.
ومع تلاقي الإرادة الشعبية والدعم السياسي والمكاسب العسكرية الميدانية ، وادي حضرموت اليوم يطوي صفحة طال انتظارها وإغلاقها، وفتح بوابة جديدة نحو مستقبل أكثر أمناً واستقراراً للجنوب والمنطقة بأسرها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news