قالت مصادر تجارية واقتصادية في صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين إن الجماعة تجري منذ سنوات تغييرات واسعة في بيئة الأعمال تهدف إلى تعزيز نفوذها الاقتصادي عبر دعم فاعلين تجاريين جدد مرتبطين بها، في حين تراجع دور شبكة التجار التقليديين.
وتشير المصادر إلى أن الإجراءات لم تعد تقتصر على الجبايات والقيود الأمنية، بل تحولت إلى سياسة اقتصادية منظمة تشمل التأثير في حركة الاستيراد وتوجيه النشاط التجاري لضمان مصادر دخل مستقرة للجماعة.
وبحسب معطيات جمعتها «الشرق الأوسط» السعودية، حاولت الجماعة في وقت سابق استقطاب كبار رجال الأعمال، لكن ضعف استجابة هؤلاء دفعها إلى تمكين مجموعات تجارية جديدة ومنحها امتيازات في الاستيراد والتصنيع، مع تشديد الإجراءات الجمركية والضريبية على المستوردين التقليديين.
وقال ثلاثة رجال أعمال للصحيفة، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لأسباب أمنية، إن الجماعة شجعت خلال السنوات الماضية على إنشاء ورش ومعامل صغيرة يديرها مقربون منها لإنتاج سلع استهلاكية، من بينها شواحن الهواتف وبعض الأدوات الكهربائية والملابس ومستلزمات السباكة. وأضافوا أن تقليص استيراد عدد من الأصناف بحجة “دعم المنتج المحلي” تسبب في نقص واسع في المعروض، مؤكدين أن اليمن يعتمد على الواردات لتغطية أكثر من 90 بالمئة من احتياجاته.
قدرة إنتاجية محدودة
مصادر اقتصادية مستقلة قالت إن معظم ما يسمى “إنتاجًا محليًا” يعتمد على خردة يعاد تدويرها أو على مواد مستوردة بالكامل، مشيرة إلى أن جهودًا لإحياء نشاط صهر الخردة لم تحقق نتائج بسبب محدودية الكميات المتوفرة ورغبة التجار في تصديرها للاستفادة من فارق الأسعار.
وأصدرت وزارات في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليًا قرارات تمنع استيراد سلع تقول إن إنتاجها المحلي يغطي الطلب، في حين يقول تجار ومستهلكون إن هذه التغطية غير موجودة فعليًا.
قائمة متزايدة من السلع الممنوعة
وقالت مصادر تجارية إن قرارات المنع أو التقييد شملت الألبان السائلة، الحليب المنكّه، الشعير، المياه المعدنية، المناديل الورقية، الإسفنج الجاهز، الأعمدة الحديدية، مواسير الحديد المجوف، ومنتجات الهناجر، إضافة إلى الخناجر التقليدية (الجنابي). كما فُرضت قيود إضافية بعد رفع سعر الدولار الجمركي بنسبة 100 بالمئة، شملت معجون الطماطم والعصائر المعلبة والسكر المكرر والبقوليات والحلاوة الطحينية والعبوات البلاستيكية والسيراميك والحقائب النسائية.
ويقول تجار إن هذه الإجراءات أدت إلى ارتفاعات حادة في الأسعار ونقص مستمر في عدد من السلع الأساسية.
ترتيبات اقتصادية طويلة الأمد
ويرى خبراء اقتصاديون أن السياسات الحالية تهدف إلى بناء نفوذ اقتصادي طويل الأمد للجماعة من خلال التحكم بحركة السلع ومنح مزايا تجارية لحلفائها، وهو ما قد يوفر لها مصادر تمويل مستقرة تعزز موقفها في أي ترتيبات سياسية مستقبلية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news