الجنوب يولد من جديد
عدن تستعرض جاهزيتها العسكرية… وسيئون تكسر رواية الانقسام في لحظة توتر حضرمية
ذكرى 30 نوفمبر تتحول إلى منصة سياسية توحد الجنوب وتعيد رسم موازين المشهد
حضرموت من قلب التوتر ترسل رسالتها: المشروع الجنوبي حاضر… ومحاولات التشتيت تتلاشى
الانتقالي يمسك بزمام المبادرة: الفعاليات المتزامنة تؤكد تماسك القرار الجنوبي
عروض عدن ومهرجانات سيئون… موجتان في اتجاه واحد يعيدان تثبيت معادلة الجنوب الموحد
حضرموت تثبت حضورها: سيئون تعيد صياغة المعادلة وتفشل مشاريع المناورة
وعاد الزمان وعادت عدن
الأمناء / تقرير – غازي العلوي :
شهدت العاصمة عدن ومدينة سيئون حدثين استثنائيين حملَا رسائل سياسية وعسكرية وشعبية عميقة، تزامنًا مع الاحتفال بالذكرى الـ58 لعيد الاستقلال المجيد في 30 نوفمبر.
في هذا الحدث الهام ، بدا الجنوب هذا العام أكثر حضورًا على مستوى الفعل السياسي والعسكري، وأكثر حرصًا على توجيه رسائل واضحة تعيد رسم توازنات المرحلة في ظل التطورات المتسارعة، خصوصًا في حضرموت التي تعيش لحظة توتر غير مسبوقة. وقد شكّلت فعاليتا عدن وسيئون لوحة سياسية موحّدة أكدت أن الجنوب يتحرك بإرادة واحدة رغم محاولات التشويش ومحاولات استغلال الظروف الراهنة لإرباك المشهد.
في عدن كان المشهد مهيبًا
في عدن، كان المشهد مهيبًا منذ اللحظة التي وقف فيها الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي في ساحة العروض، يوجه التحية للوحدات العسكرية التي اصطفّت بانتظام يعكس حجم التطور الذي بلغته المؤسسة العسكرية الجنوبية.
في عدن، حيث القلب السياسي والعسكري للجنوب، حمل العرض العسكري الذي أقامته قيادة القوات المسلحة الجنوبية احتفاءً بالعيد الـ58 للاستقلال الوطني 30 نوفمبر، في ساحة العروض بالعاصمة عدن ، صورة دقيقة عن مستوى التنظيم والجاهزية التي وصلت إليها القوات المسلحة الجنوبية.
هذا الاستعراض جاء في وقت تحاول فيه بعض الأطراف إعادة خلط المشهد الأمني أو التشويش على حالة الاستقرار، ليمثل ردًا عمليًا بأن القوات الجنوبية تمسك بالأرض والمشهد وتتمتع بجاهزية عالية للدفاع عن المشروع الوطني.
ووجّه الرئيس الزُبيدي، في مستهل العرض الذي استهل بالسلام الوطني الجنوبي، تحية عسكرية للوحدات العسكرية والأمنية المشاركة، إيذانًا بانطلاق العرض المهيب، الذي جسّد مستوى الجاهزية العالية والانضباط القتالي والمهني للقوات المسلحة الجنوبية، وعكس ما تحققه من تطور في البناء والتنظيم والانضباط.
ويرى مراقبون بأن حضور الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي على رأس الفعالية لم يكن مجرد بروتوكول، بل إشارة واضحة إلى أن القيادة الجنوبية تتحرك بثقة في لحظة تتشابك فيها التحديات وتتصاعد فيها محاولات إرباك المشهد ، كما أن العرض بحد ذاته جاء كسرد بصري يثبت أن المؤسسة العسكرية الجنوبية ليست فقط قادرة على حماية الأرض، بل تمتلك عنصر الانضباط الذي يمنحها الشرعية والقدرة على فرض الاستقرار.
من سيئون ..
حضرموت تقول كلمتها
في المقابل، كانت سيئون ترسل رسائل مكملة ولكن باتجاه مختلف. فمن وسط التوترات السياسية والأمنية التي تشهدها وادي حضرموت، خرجت الجماهير لتعلن أن المحافظة ليست ساحة مفتوحة للمشاريع المضادة ولا رهينة لأي محاولات خارجية لفرض واقع جديد.
المهرجان الجماهيري في سيئون، بتوقيته ومضمونه وحجمه، بدا بمثابة تفكيك لادعاءات القوى التي تحاول الإيحاء بأن حضرموت متمايزة أو متباعدة عن المشروع الوطني الجنوبي. لقد أعاد المشهد تثبيت حضرموت في مربع الشراكة السياسية، لا الهامش أو المساومة.
دلالات تزامن الفعاليات
: الانتقالي يمسك بزمام المبادرة
الربط بين فعاليتي عدن وسيئون يكشف أن الجنوب لم يعد يتعامل مع المحافظات كمربعات منفصلة، بل كجبهة واحدة تمتد من العاصمة إلى آخر حدود الجنوب. فالمشهد الجنوبي هذا العام يتميز بتزامن الجهود بين القيادة السياسية والتشكيلات العسكرية والمكونات الاجتماعية، كأن هناك قرارًا واضحًا بتحويل ذكرى الاستقلال إلى حالة سياسية موحدة لا مجرد احتفال موسمي.
المراقبون رأوا في هذا التزامن أن المجلس الانتقالي الجنوبي يمسك بزمام المشهد، سياسيًا وعسكريًا وشعبيًا، وأنه استطاع في مرحلة مليئة بالضغوط أن يعيد توجيه البوصلة ويظهر أن الجنوب ما يزال كتلة واحدة قادرة على مواجهة التحديات، وأن الاعتبارات الوطنية تتقدم على أي حسابات ضيقة أو محاولات شق الصف.
وتتسع دائرة الرسائل مع استعداد محافظات أخرى — كأبين، ولحج، والضالع، وشبوة، وسقطرى — لتنظيم فعاليات مشابهة خلال الأيام القادمة، بعضها جماهيري وبعضها رمزي أو عسكري، في تأكيد إضافي على أن الحالة الوطنية الجنوبية تعيش لحظة تماسك لا تتكرر كثيرًا في تاريخ الصراعات والمراحل الانتقالية. هذه الفعاليات المتوقعة ستشكل امتدادًا طبيعيًا لموجة الحضور الشعبي التي بدأت في حضرموت، وستضيف عناصر دعم جديدة للموقف السياسي الجنوبي في ظل حراك إقليمي ومحلي تسعى فيه أطراف لانتزاع أوراق النفوذ في الجنوب.
خمس رسائل مهمة
من الناحية التحليلية، بحسب مراقبون ومتابعون للشأن السياسي في الجنوب يبدو أن الجنوب يستخدم ذكرى الاستقلال هذا العام كمنصة لتوجيه خمس رسائل رئيسية:
الأولى، التأكيد بأن المجلس الانتقالي ما زال صاحب اليد العليا سياسيًا وعسكريًا، مهما تعددت محاولات تعطيل دوره.
الثانية، أن حضرموت جزء أصيل من المشروع الجنوبي ولن تكون نقطة كسر أو فجوة يستثمر فيها الآخرون.
الثالثة، أن القوات المسلحة الجنوبية باتت أكثر تنظيمًا واستعدادًا من أي وقت مضى.
الرابعة، أن الشارع الجنوبي ما زال يمنح شرعيته للمجلس الانتقالي ويقف إلى جانب مسار الاستقلال الثاني.
والخامسة، أن الجنوب يتعامل الآن ككتلة واحدة تتوزع فعالياتها بين الميادين والساحات والقطع العسكرية، في رسائل متوازنة تجمع بين القوة والسياسة والحضور الشعبي.
حدث يتجاوز رمزيته التقليدية
إن اقتران فعاليات عدن وسيئون بالفعاليات المنتظرة في بقية المحافظات يجعل من ذكرى الاستقلال هذا العام حدثًا يتجاوز رمزيته التقليدية، ليصبح إعادة تثبيت للمشهد الجنوبي كقوة موحدة ومتماسكة في لحظة هي الأخطر منذ سنوات. ومع كل عرض عسكري، وكل حشد جماهيري، وكل ساحة تُرفع فيها راية 30 نوفمبر، يتأكد أكثر فأكثر أن الجنوب يكتب رسالته القادمة بنفسه، بعيدًا عن تأثيرات القوى التي حاولت طويلاً أن تحدد له اتجاهه.
وهكذا، لم يكن الاحتفال هذا العام مجرد وفاء لذكرى النصر على الاستعمار البريطاني في 1967، بل خطوة جديدة نحو تثبيت معادلة الاستقلال الثاني، وتأكيد أن الجنوب، رغم كل الضغوط والتوترات، يمضي بثبات نحو استعادة دولته وهويته السياسية على أسس راسخة وإرادة لا تلين.
عدن وسيئون... رسائل مزدوجة في توقيت حساس
عكست فعاليات عدن وسيئون في الذكرى الـ58 للاستقلال وحدة الإرادة الجنوبية، وقوة الحضور المؤسسي الشعبي والعسكري، وثبات المشروع الوطني بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي.
وفي وقت تكثر فيه التحديات السياسية والأمنية، جاءت هذه الرسائل لتؤكد أن الجنوب اليوم أقوى، أكثر تنظيمًا، وأن بوصلته الوطنية ثابتة نحو استكمال مشروع التحرر وبناء الدولة الجنوبية المنشودة.
الرئيس الزُبيدي يستذكر شهداء الجنوب العربي
وضع الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، صباح أمس الأحد، إكليلًا من الزهور على النصب التذكاري لشهداء الجنوب العربي في مديرية التواهي بالعاصمة عدن، وذلك بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى الـ58 لعيد الاستقلال الوطني 30 نوفمبر.
وعقب مراسم وضع إكليل الزهور، التي حضرها الأمين العام للأمانة العامة لهيئة رئاسة المجلس الأستاذ عبدالرحمن شاهر، واللواء الركن علي أحمد البيشي قائد القوات البرية الجنوبية، واللواء الركن صالح علي حسن رئيس العمليات المشتركة، وقف الرئيس القائد، دقيقة حداد لقراءة الفاتحة على أرواح شهداء الجنوب العربي، تقديرًا لتضحياتهم البطولية في سبيل الدفاع عن أرض الجنوب وشعبه، سائلا المولى عز وجل أن يتغمدهم بواسع رحمته وغفرانه وأن يسكنهم فسيح جناته.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news