غداً يطلّ علينا 30 نوفمبر، اليوم الذي انكسر فيه آخر قيد من قيود الاحتلال البريطاني عن الجنوب، اليوم الذي نهض فيه شعبٌ أعزل ليقول للعالم: هنا أرضٌ لا تُستباح، وهنا شعبٌ لا يُهزم. إن ذكرى الغد ليست مجرد تاريخ، بل روح تسري في دم كل جنوبي وصرخة فخر تتجدد مع كل عام.
ويا أبناء الجنوب الكرام… أرفع إليكم تهنئتي الخالصة في هذا اليوم العظيم. أنا، حسان المطري، أبارك لكم ذكرى الجلاء، وأقف بكل احترام أمام صمودكم وثباتكم عبر السنين. فالغد هو يوم من لا ينسى تضحيات الأبطال الذين قدّموا حياتهم ليحيا الجنوب حرّاً عزيزاً.
لكن بينما نستعد للاحتفال غداً، فإن الحقيقة المؤلمة لا يمكن أن نُدير لها ظهورنا. الجنوب يعيش أياماً قاسية، وأزمة خانقة تضيق على الناس في كل تفاصيل حياتهم. الغلاء ينهش الجيوب، وانقطاع الخدمات يرهق الأعصاب، والهمّ بات رفيقاً يومياً لكل بيت. فرحة الغد لا تنسينا ما نحن فيه… لكنها تمنحنا القوة لنقف مجدداً.
وبحسب آخر الإحصاءات الدولية، أصبحت بلادنا ثاني أفقر دولة في العالم، وهذا الواقع ينعكس بعمق على الجنوب وأهله. الفقر لم يعد رقماً، بل وجعاً على الوجوه، وقلقاً في العيون، وصبراً لا ينتهي. ولا يمكن لأي مناسبة — مهما عظمت — أن تحجب حقيقة المعاناة التي يعيشها الناس اليوم.
ومع كل هذا الظلام، نحن نواصل العمل بكل ما نستطيع في مجال الفلك والعلوم، لنرفع شأن بلادنا بين الأمم، ونثبت أن الجنوب وأهله قادرون على العطاء والإبداع، وأنهم ليسوا مجرد ضحايا الظروف، بل شعب يساهم في نهضة حضارية وعلمية. ومع ذلك، يبقى نور الله هو النور الذي لا ينطفئ. نرفع أيدينا إليه بثقة، فهو القائل: إن مع العسر يسراً. ونسأله أن يجعل الفرج قريباً ويجبر كسور وطننا العزيز.
وفي يوم الغد، 30 نوفمبر، أقول لشعبي الجنوبي: كل عام وأنتم أصلب من الجرح، وأقوى من المحنة. احتفلوا بإرثكم العظيم، وتمسّكوا بإيمانكم، واحملوا الأمل كراية لا تسقط. فالتاريخ يشهد أن الجنوب لا يُهزم… والشعوب التي تحفظ كرامتها لا تعرف المستحيل، وبعون الله سيأتي الفرج ويُرفع شأن وطننا بين الأمم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news