في تطور لافت يثير أسئلة حول مستقبل أحد أهم المنشآت الحيوية في اليمن، شهد مطار صنعاء الدولي خلال الـ 24 ساعة الماضية نشاطًا جويًا كثيفًا وغير معتاد، تمثل في هبوط عدة طائرات متوسطة وكبيرة الحجم، مما أطلق موجة من التكهنات حول الأسباب الكامنة وراء هذه الحركة والدلالات المحتملة لها في ظل التطورات السياسية الراهنة.
كشف الناشط والمراقب الأكاديمي عبدالقادر الخراز، عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، عن رصد حركة جوية "نادرة" في مطار صنعاء. وذكر الخراز أن النشاط بدأ بشكل ملحوظ يوم الاثنين الماضي، حيث هبطت ثلاث طائرات على مدرج المطار خلال فترة زمنية لم تتجاوز ساعتين؛ كانت إحداها طائرة كبيرة الحجم، بينما كانت الطائرتان الأخريان متوسطتي الحجم.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث أضاف الخراز أن النشاط استمر صباح اليوم الثلاثاء، بهبوط طائرة كبيرة أخرى، مما يؤكد وجود تنسيق وجدولة لهذه الرحلات، وليس مجرد حركة عارضة.
يأتي هذا التطور على خلفية إغلاق مطار صنعاء الدولي، الذي يعتبر البوابة الجوية الرئيسية لملايين اليمنيين، أمام معظم الرحلات التجارية والدولية منذ عام 2016، كجزء من الإجراءات التي فرضها التحالف العربي بقيادة السعودية.
لذلك، أي حركة جوية بهذا الحجم تثير اهتمام المراقبين لعدة أسباب محتملة:
تسليم إنساني منسق: من المحتمل أن تكون هذه الطائرات جزءًا من عملية إغاثة إنسانية كبيرة، تنظمها جهات دولية مثل الأمم المتحدة أو الصليب الأحمر، لجلب إمدادات طبية أو غذائية عاجلة، خاصة في ظل تدهور الوضع الإنساني.
رسائل سياسية وبناء الثقة: قد تكون هذه الرحلات بمثابة "خطوات بناء ثقة" ضمن الجهود المبذولة لاستئناف عملية السلام. فإعادة فتح المطار جزئيًا أو كليًا يعتبر مطلبًا أساسيًا للحوثيين وأحد بنود التسويات السياسية المطروحة، وقد تكون هذه الرحلات بمثابة اختبار ميداني لإمكانية استئناف الحركة الجوية بشكل دائم.
اتصالات دبلوماسية سرية: لا يمكن استبعاد أن تكون الطائرات قد نقلت وفودًا دبلوماسية أو مسؤولين من أطراف إقليمية أو دولية ضمن مفاوضات غير معلنة تهدف إلى تقريب وجهات النظر حول حل الأزمة اليمنية.
تمهيد لإعادة فتح تجاري: رغم أن هذا الاحتمال يبدو الأقل ترجيحًا على المدى القصير، إلا أن مثل هذا النشاط قد يكون تمهيدًا لاستئناف بعض الرحلات التجارية المنظمة، وهو ما سيشكل تطورًا اقتصاديًا مهمًا.
في حين لم تصدر أي جهة رسمية، سواء كانت حكومية أو إقليمية أو دولية، بيانًا يوضح طبيعة هذه الرحلات، يبقى اليمنيون والمراقبون الدوليون يترقبون بفارغ الصبر كشف النقاب عن الغرض منها.
فإعادة فتح مطار صنعاء بشكل كامل لا تقتصر أهميتها على الجانب الإنساني فحسب، بل تعد مؤشرًا حقيقيًا على مدى جدية الأطراف المتنازعة في السير نحو السلام وإنهاء الحرب.
ويبقى مطار صنعاء الدولي، بشغله أو إغلاقه، مقياسًا لدرجة الحرارة السياسية في اليمن، وأي حركة فيه تقرأ على أنها أكثر من مجرد طائرات تهبط وترفع، بل هي رسائل ضمنية تحمل في طياتها آمالًا وتحديات لمستقبل بلد يعاني من أطول أزماته الإنسانية
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news