في وقت أعرب فيه المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، عن تقديره العميق لجهود سلطنة عمان ودورها كـ "مساحة موثوقة للحوار"، تصاعدت أصوات يمنية ناشطة تنتقد هذا الدور، وتتهم مسقط بالانحياز الصريح إلى جماعة الحوثيين، وتوفير الغطاء السياسي لهم، مما يثير تساؤلات حول حيادية الوساطة العمانية في أحد أكثر النزاعات تعقيداً في المنطقة.
جاءت تصريحات غروندبرغ على هامش مشاركته في "خلوة مسقط للوساطة"، حيث شدد في بيان رسمي على أن "الوساطة المحايدة تظل أداة قوية لحل النزاعات المعقدة مثل النزاع في اليمن"، مقدماً شكره للسلطنة على استضافتها وتوفيرها منصة للحوار يُنظر إليها دولياً على أنها ضرورية لاستمرار المسار السياسي.
ولم تقتصر أهمية الزيارة على حضور المنتدى، بل شملت أيضاً سلسلة من اللقاءات الثنائية المهمة التي أجراها غروندبرغ، التقى خلالها بوزير خارجية سلطنة عُمان بدر بن حمد البوسعيدي، ووزير خارجية إيران عباس عراقجي، ووزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبدالعزيز الخليفي.
وتركزت هذه المحادثات، بحسب مكتب المبعوث، على "آخر التطورات في اليمن والمنطقة، وضرورة تنسيق الجهود الإقليمية لدعم المسار السياسي".
ويُنظر إلى هذه اللقاءات كدليل على المكانة المحورية التي تحتلها عمان في المشهد اليمني، حيث تتمتع بعلاقات جيدة مع مختلف الأطراف، بما في ذلك إيران، الحليف الرئيسي للحوثيين، مما يجعلها جسراً للتواصل يصعب الاستغناء عنه في نظر المجتمع الدولي.
في المقابل.. اتهامات بالانحياز وتقويض السلام
على الطرف الآخر، تثير هذه الجهود الرسمية حفيظة شريحة واسعة من الناشطين والمعارضين السياسيين اليمنيين، الذين يرون في الدور العماني تقويضاً لفرص السلام الحقيقي.
وقال ناشط يمني رفض الكشف عن اسمه خوفاً من الانتقام: "عمان لم تكن يوماً وسيطاً نزيهاً، بل هي شريك استراتيجي للحوثيين. استضافتها للحوار ليست سوى واجهة لتوفير غطاء سياسي للانقلابيين، وتمكينهم من المناورة والتهرب من الضغوط الدولية لوقف انتهاكاتهم الإنسانية."
وأضاف الناشط : "كلما ضاقت الخناق على الحوثيين دولياً، كانت مسقط هي المنفذ الذي يتنفسون منه. الثناء الدولي على دورها يرسل رسالة خاطئة مفادها أن الانحياز لطرف على حساب آخر هو وساطة مقبولة."
واتهم مراقبون سياسيون سلطنة عمان باستغلال علاقاتها مع جميع الأطراف لفرض رؤيتها التي تضمن بقاء نفوذها، وليس بالضرورة تحقيق سلام عادل وشامل يستند إلى قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية.
ويؤكد هؤلاء المنتقدون أن أي عملية سلام حقيقية تتطلب وسيطاً حقيقياً ومحايداً، لا يربطه بالحوثيين تحالف استراتيجي أو مصالح مشتركة، على حد قولهم، مما يجعل من "خلوة مسقط" مجرد تمرين دبلوماسي لا يغير من الواقع الميداني شيئاً.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news