شهدت محافظة حضرموت شرق اليمن، التي كانت تعتبر نموذجاً للاستقرار النسبي، تصاعداً خطيراً في وتيرة التوتر، بعد أن وجه عمرو بن حبريش، رئيس ما يسمى "حلف قبائل حضرموت"، اتهامات جارمة لقوات "النخبة الحضرمية"، متهماً إياها بالخيانة العظمى ومهدداً قياداتها وعناصرها بالتشريد من ديارهم، في تطور ينذر باندلاع صراع مسلح بين أقوى القوى العسكرية المحلية في المحافظة.
جاءت التصعيدات الخطيرة عبر خطاب لزعيم حلف قبائل حضرموت عمرو بن حبريش، حيث بدى فيه غاضباً وهو يوجه كلامه مباشرة لقيادات وأفراد النخبة الحضرمية. واتهمهم بالتستر على ما أسماه "أعمالاً إجرامية" و"خيانة للوطن"، دون أن يقدم تفاصيل دقيقة حول طبيعة هذه الأعمال، مما فتح الباب على مصراعيه للتأويلات والتحليلات حول دوافع هذا التحول الخطير في الخطاب.
ولم يقتصر الأمر على الاتهامات اللفظية، بل تجاوزه إلى تهديدات مباشرة وصريحة، حيث قال بن حبريش مخاطباً قيادات النخبة: "في الغد سيصبحون مشردين في بيوتهم". وأضاف أنهم بتحولهم إلى "أداة لتمكين الغير ذوي الأطماع من بلادهم"، فقدوا شرعيتهم الشعبية وحقهم في البقاء، في إشارة واضحة إلى وجود أطراف خارجية أو إقليمية يسعى لاستغلال النخبة لتحقيق أجنداتها في حضرموت الغنية بالنفط والموارد.
السياق العام والخلفية:
يأتي هذا التطور المقلق في ظل سباق محموم على النفوذ في حضرموت، التي تسيطر عليها حكومة اليمن المعترف بها اسمياً، ولكن على أرض الواقع تتقاسم القوى المحلية المدعومة من أطراف مختلفة السيطرة عليها. وتُعد "النخبة الحضرمية" قوة عسكرية مهنية وأمنية مدعومة من الإمارات، وتتمتع بشعبية واسعة بين سكان المحافظة لنجاحها في مواجهة تنظيم القاعدة والحفاظ على الأمن.
من ناحية أخرى، يمثل "حلف قبائل حضرموت" بزعامة بن حبريش تياراً قبلياً مسلحاً، يرى نفسه المدافع عن مصالح القبائل وسلطة الحكومة المحلية، وغالباً ما تكون تحالفاته متقلبة في ظل الصراع الأوسع نطاقاً في اليمن.
تُرجمت هذه الخلافات السياسية إلى تحركات عسكرية على الأرض، حيث أفادت مصادر محلية بأن كلا الطرفين يقوم بحشد قواته وأنصاره في مناطق نفوذهما، خصوصاً في مدينة المكلا العاصمة الإدارية للمحافظة ومنطقة وادي حضرموت، مما يرفع منسوب التخوف من احتمالية اندلاع مواجهات عسكرية عشوائية قد تدمر ما تبقى من مقومات الحياة في المحافظة.
التداعيات والمستقبل:
تمثل هذه الاتهامات والتهديدات خرقاً خطيراً للهشاشة الأمنية في حضرموت، وتضع السكان المحليين في موقف لا يحسدون عليه، حيث قد يجبرون على الاختيار بين هذه القوة أو تلك. كما أن أي صراع مسلح بين هذه القوى المنظمة من شأنه أن يخلق فراغاً أمنياً خطيراً قد تستغله الجماعات المتطرفة مثل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الذي لا يزال نشطاً في المناطق الصحراوية والجبلية بالمحافظة.
فيما تبقى الأنظار مسلطة على ردود فعل "النخبة الحضرمية" والقيادة السياسية في المحافظة، وعلى دور الوساطات المحلية والإقليمية لاحتواء الأزمة قبل أن تتحول إلى حرب مدمرة على أرض لم تتعاف بعد من ويلات الحرب الأوسع في اليمن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news