نعى اليمنيون بشكل واسع، الشيخ الداعية المهندس محمد المقرمي، الذي وافته المنية أثناء استعداده لصلاة فجر اليوم الأربعاء في مكة المكرمة.
وأعلن نجله (إبراهيم) وفاة والده، الداعية المعروف محمد المقرمي.
اشتهر الشيخ المقرمي بأسلوب يجمع عمق المعرفة وبساطة الروح، وقدرة لافتة على الجمع بين القرآن والحديث في رؤية واحدة تكشف المعاني الدقيقة واللطائف التي لا تُرى في كتب التفسير التقليدية، وكان يُبدّد الغموض ويستخرج من النصوص "معاني لا تراها في كتاب".
كما كان حضوره الدعوي مؤثراً في المساجد والمنصات الرقمية، حيث قدّم محاضرات ودروساً أصبحت مرجعاً لطلاب العلم والباحثين.
محطات من حياة الشيخ المقرمي:
- مهندس طيران مدني: بدأ حياته العملية كمهندس متخصص في الطيران المدني، حيث قضى فترة طويلة من حياته منشغلا بالآلات والمحركات والهندسة البحتة.
آ - واجه في مساره المهني (في اليمن) نظام ترقيات حوله من مسار "خبير هندسي" إلى "عمل إداري ومكتبي"، وهو ما رآه في البداية تجميدا لمهاراته الهندسية، حيث أصبح وقته فارغا ومقتصرا على توقيع الأوراق.
آ - استثمر وقت الفراغ الكبير الذي خلفته الوظيفة الإدارية في التأمل في السماء والكون، مما ولد لديه تساؤلات وجودية عميقة نقلته من عالم "الماكينة والمادة" إلى عالم "الروح والملكوت".
من الهندسة إلى التدبر
- انتقل بذهنية المهندس المنظمة إلى دراسة القرآن الكريم، باحثاً عن إجابات لأسئلة الوجود (من أنا؟ ولماذا خُلقت؟).
- التفرغ للقرآن: كرس سنوات طويلة كما ذكر الراحل -في مقابلة له على موقع أكاديمة علوم الدولية بموقع يوتيوب- للتنقل بين المشائخ وكتب التفسير، حتى وصل إلى قناعة بضرورة الغوص المباشر في تدبر الآيات.
آ - فلسفة "التدبير": اشتهر بطرحه العميق لمفهوم "التدبير الإلهي" انطلاقا من الآية "وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ"، حيث صاغ ما أسماه "قانون التدبير العملي" الذي يجمع بين: النية، التفكير المكتمل، الاستشارة، الاستخارة، ثم السعي المتوكل.
آ أبرز أفكاره وطروحاته:
آ - علاج الشتات العقلي: ركز في دروسه على معالجة "الشتات" الذي يعاني منه الشباب المعاصر، داعيا إلى وحدة الموضوع والتركيز كمنهج قرآني.
آ - فلسفة الرزق: قدم رؤية متميزة لمفهوم الرزق تفصل بين "السعي" كواجب، و"النتيجة" كتدبير إلهي، مصححا المفاهيم المادية البحتة حول العمل والكسب.
آ - الارتقاء الإيماني: كان يرى أن القرآن كتاب "هندسة بشرية" يأخذ بيد الإنسان من مرتبة "الإسلام" إلى "الإيمان" ثم "الإحسان" و"التقوى" عبر خطوات عملية وسلوكية.
آ نشاطه الدعوي:
آ - تحول إلى داعية ومحاضر في المساجد، حيث تميز أسلوبه بالجمع بين المنطق العقلي (خلفيته الهندسية) والنص الشرعي، مما جعله قريباً من عقول الشباب والمثقفين.
آ - حل ضيفا على منصات تعليمية مثل "أكاديمية علوم الدولية" لتقديم خلاصة تجربته في التدبر، آخرها حلقة بودكاست نشرت في تاريخ 21 نوفمبر 2025م
وزارة الأوقاف تنعي المقرمي
نعت وزارة الأوقاف والإرشاد، اليوم، الداعية والشيخ المهندس محمد المقرمي، الذي وافته المنية، اليوم الاربعاء، بعد مسيرة دعوية وتربوية مشرّفة امتدت لعقود.
وعبر بيان النعي عن بالغ الأسى والحزن بهذا المصاب الجلل..مشيراً إلى أن الفقيد قدّم خلال مسيرته نموذجًا مُلهِمًا للداعية الذي اهتدى بنور القرآن، وسار في دربه الدعوي مستمسكًا بالمنهج القرآني في تهذيب النفوس وتعظيم محبة الخالق في القلوب.
وقال البيان " أن الفقيد برغم تخصصه في هندسة الطيران، فقد جعل من وقته وجهده وقفًا على خدمة الدعوة والتربية الإيمانية، فانتفع بوعظه الكبار والصغار، واقتربوا من القرآن الكريم بفضل قدرته على تبسيط معانيه، وإحياء روح التدبر فيه، وتقديمه نموذجًا راقيًا للداعية المعتدل الذي يجمع بين العلم والمعرفة والرفق والحكمة".
وأضاف البيان "ان الفقيد كان متفانيًا في مشاركاته وتعاونه مع البرامج الدعوية ومع أنشطة وزارة الأوقاف في مجالات الإرشاد والتوجيه الديني، والتي تسعى إلى ترسيخ الوسطية والاعتدال، وتعزيز الأخلاق الفاضلة، ونشر ثقافة السكينة والطمأنينة بين الناس".
ووعدت الوزارة بالعمل على نشر تراثه الدعوي والتربوي في إطار سعيها الدؤوب لتعزيز منهج الوسطية والاعتدال.آ
وعبر البيان عن أحر التعازي لأسرة الفقيد وطلابه ومحبيه..متضرعاً إلى الله العلي القدير أن يغمره برحمته، ويشمله بعفوه ويجزيه خير الجزاء على ما قدّم من علم ونصح وإصلاح، وأن يجعل جهوده في ميزان حسناته، ويرفع درجته في الفردوس الأعلى مع عباد الله الصالحين.
وأتس أب
طباعة
تويتر
فيس بوك
جوجل بلاس
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news