تتصاعد التوترات في محافظة حضرموت اليمنية على وقع تحشيد واسع لقوات تابعة لميليشيا الانتقالي الجنوبي، تم استقدامها من مناطق مثل الضالع وأبين، ما أثار مخاوف واسعة من تكرار سيناريوهات عنيفة مشابهة لما وقع في الفاشر بالسودان، حيث استخدمت مليشيات مدعومة من قوى خارجية عمليات قصف جوي وحصار مكثف ضد المدنيين.
وأفاد نشطاء حقوقيون ومحليون بأن التحشيد يأتي في سياق محاولة فرض مشروع سياسي يُطلق عليه "الجنوب العربي"، وهو ما يرفضه أبناء حضرموت بشكل جماعي، ويعتبرونه تهديداً لهويتهم الوطنية ووحدة اليمن.
وقال الناشط سعيد النهدي: "صدى الفاشر يسمع اليوم في حضرموت، هذه ليست مواجهة عادية، بل حرب نفوذ مُمَهَّدة بخطة استراتيجية مُجرَّبة".
وأضاف أن حضرموت باتت على حافة معركة حاسمة، حيث تتركز خطوط التماس حول مسألة السيادة والهوية، مشدداً على أن "الخطوط الحمراء في حضرموت أطولها وأكبرها وأغمقها احمراراً".
وأشار النشطاء إلى أن التحشيد العسكري الأخير يشمل دفع قوات تعزيز من عدن والظالع، إضافة إلى استقدام شخصية يُعرف بـ"أبو علي الحضرمي"، الذي عاش في لبنان لأكثر من 16 عاماً، وتمت إقامته هناك بدعم إماراتي، وتم تعيينه كقيادة لقوات الدعم الأمني التي تُعتبر جزءاً من التشكيلات العسكرية التي تُستخدم في تنفيذ المشاريع الأمنية والاستراتيجية للإمارات في الشرق اليمني.
وأكد الناشط سهيل العولقي أن نفس السيناريو يتكرر في حضرموت، كما حدث في عدن وأبين وشبوة وسقطرى، حيث "تمت تعبئة ميليشيات استقدام من محافظة أخرى لفرض مشروع خارجي لا يُمثّل إرادة السكان". وأضاف: "عدن لم تسقط إلا حين دفعت الإمارات بمجاميع مسلحة من الضالع، وبالمثل، حضرموت اليوم تواجه نفس الخطر، لكنها ليست مستعدة للخضوع".
في سياق متصل، أشار محمد طلان إلى أن "شرارة الأزمة في حضرموت لم تأتي من فراغ"، موضحاً أن تصريحات عيدروس الزبيدي الأخيرة، التي وصفها بـ"المُوتور"، وتهديداته الصريحة للحاضرين، ورفعه إصبعه في وجوههم خلال خطابه في المكلا، كانت "السبب المباشر لإشعال فتيل التوتر".
وأوضح أن محاولة فرض مشروع الجنوب العربي بالقوة، وإعادة تجارب الماضي، لن تُثمر سوى "مزيد من الصراع وتعميق الانقسام"، متسائلاً: "من يُريد أن يُعيد تذكير حضرموت بذكريات القمع والاستبداد؟".
وأبرز النشطاء أن مجلس القيادة الرئاسي، الذي يُفترض أنه يمثل السلطة الشرعية، يُظهر تفاعلاً محدوداً مع الأزمة، ما يشير إلى تواطؤ ضمني أو تجاهل مقصود، في حين أن الأوضاع على الأرض بلغت ذروة التوتر، واليد على الزناد، والمخاوف من تصعيد عسكري كبير ما لم يتم التدخل الفوري لوقف التحشيد.
وأكدت مصادر محلية أن قبائل حضرموت رفضت مشاريع التبعية، وطالبت بحماية ترابها من أي تدخل خارجي، معتبرة أن "هذا التحشيد ليس خطاباً سياسياً، بل إعلان حرب معلنة".
وأضافت المصادر: "حضرموت ليست عدداً من الحدود المفتوحة، بل أرض تاريخية وثقافية، وشعبٌ لا يقبل بالإهانة أو التجزئة من قبل أي قوة خارجية".
وفي الوقت الذي لا يزال فيه الوضع مفتوحاً على كل الاحتمالات، تُعدّ حضرموت أمام فرصة تاريخية، وفقاً لبعض المحللين، لمواجهة التبعية، وكسر سلطة التحالفات الخارجية، والدفاع عن هويتها بقرارٍ شعبيٍّ وحُرٍّ.
وأشارت تقارير إلى أن أي تصعيد عسكري قد يُفضي إلى نزوح جماعي، ودمار مدني، ما يُنذر بكارثة إنسانية إذا لم تُتخذ خطوات عاجلة لتفادي الانزلاق نحو الصراع المفتوح.
وأكدت مصادر محلية أن "الشعب الحضرمي، بوعيه ووعيه التاريخي، لن يسمح بتكرار مجازر الماضي"، مطالبة المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم من تدخلات الإمارات في شؤون اليمن، لا سيما في حضرموت التي تُعدّ من أبرز مناطق الشرق المحرّكة للصراع.
وأشارت التقارير إلى أن الأزمة في حضرموت ليست فقط مسألة سياسية، بل تمس بوجود شعب، وتاريخ، ومستقبل، و"لا يمكن لأي قوة أن تُفرض هويته على هذا الشعب"، حسب قول النشطاء.
وأكدت مصادر مطلعة أن "الزمن الذي تُفرض فيه القرارات بالقوة قد انتهى"، وإن حضرموت "ستكون المفاجأة التي يُحسب لها حسابها في كل مسرح سياسي يهم اليمن".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news