في رسالة وصفت بأنها الأكثر حدة وقوة، وجه الصحفي والكاتب ياسر اليافعي نداء استغاثة وتحذيرًا مدويًا، طال فيه كل القوى الفاعلة في البلاد، من مسؤولين وناشطين وقيادات مجتمعية، داعيًا إلى وقفة جادة وحاسمة لإنقاذ ما تبقى من مؤسسات الدولة التي يعتبرها "عرضة للعبث والتجاذبات الشخصية"، محذرًا من أن بوادر الانهيار التي تلوح في الأفق قد تتحول إلى واقع مظلم يدوم لعقود إذا لم يتم تدارك الأمر فورًا.
تفاصيل الخبر:
"إهانة مباشرة" للمؤسسات السيادية
استهل اليافعي رسالته بنقد لاذع للوضع المتردي في عدد من القطاعات الحيوية، واصفًا ما يحدث في الجامعات والمحاكم والمنظومتين التعليمية والقضائية بأنه "تجاوز خطير وغير مسبوق".
وأكد أن هذه المؤسسات، التي من المفترض أن تمثل الحصن المنيع للدولة وحامية للعدالة والعلم، قد تحولت إلى ساحات للصراعات الشخصية والتدخلات التي لا مبرر لها.
وقال اليافعي في تصريحات له: "إن ما نشهده اليوم ليس مجرد خلافات بسيطة، بل هو إهانة مباشرة لمؤسسات كان يفترض أن تبقى شامخة فوق التجاذبات والانتماءات الضيقة". وأضاف بلهجة جازمة: "التاريخ لن يرحم من عبث بجامعة أو محكمة أو مستشفى أو أي قطاع خدمي يمس حياة الناس اليومية".
"مرحلة التصحيح قادمة والملفات ستُفتح"
ولم يكتفِ اليافعي بتشخيص الوضع، بل نظر إلى المستقبل محذرًا من أن مرحلة الضعف الراهنة، مهما طالت، هي مجرد "عاصفة عابرة" لن تمنع قيام "مرحلة تصحيح" حتمية. وأكد أن هذه المرحلة ستكون شاملة وستطال كل من ساهم في تدهور الأوضاع.
"المرحلة الراهنة بما فيها من ضعف وانهيار قد تكون مؤقتة، لكنها لن تستمر إلى الأبد"، بحسب اليافعي، الذي أكد أن "مرحلة التصحيح ستأتي لا محالة، وسيتم حينها فتح كل الملفات المغلقة، وكشف كل الانتهاكات التي طالت مؤسسات الدولة، ومحاسبة كل من ساهم في هذا العبث".
انتقاد لاذع "للصمت" و"التشتت"
وجّه اليافعي نقده أيضًا إلى الحركة النشطية في البلاد، معتبرًا أن "عزوفها وتشتتها" يمثل خذلانًا للمواطن الذي يعاني في صمت. واستغرب عودة الكثير من الناشطين إلى حالة التشتت والخلافات بعد فترة وجيزة من الاصطفاف الوطني الذي لوحظ عند تفاقم أزمة ارتفاع الأسعار وتجاوزات بعض الجهات.
واعتبر أن "ترك المواطن اليوم يواجه بمفرده جشع التجار وارتفاع تكاليف المعيشة هو خطأ استراتيجي يعمّق من معاناته اليومية، ويضعف أي جهد مستقبلي لبناء جبهة داخلية قوية قادرة على الضغط من أجل التغيير".
"اتجار بمعاناة المرضى": فضح مزاعم فساد في قطاع الأدوية
ووقف اليافعي طويلاً أمام ما وصفه بـ"الأمر المؤلم والمخزي"، والمتمثل في المزاعم التي تتداولها الأوساط المهتمة حول تورط جهات قضائية رفيعة المستوى في تفاهمات مريبة مع بعض مستوردي الأدوية. وحسب هذه المزاعم، يتم تقاضي مبالغ مالية ضخمة مقابل السماح لهؤلاء المستوردين بالاستمرار في بيع الأدوية بأسعار مرتفعة ومبالغ فيها.
وشدّد على أن "صحة هذه المعلومات - إن ثبتت - لن تمثل مجرد فضيحة فساد مالي، بل هي جريمة إنسانية بامتياز، لأنها تعني المتاجرة بمعاناة المرضى وحياة الآلاف من المواطنين الذين يعتمدون على هذه الأدوية".
"قد نترحم على هذه الأيام"
وختم اليافعي تحذيره الصارخ بتأكيد أن استمرار انهيار القيم والأخلاق داخل مؤسسات الدولة لسنوات إضافية "سيقود البلاد لا محالة إلى ضياع طويل قد لا تتعافى منه بسهولة".
واختتم رسالته بعبارة مؤثرة قال فيها: "الناس قد يترحمون على هذه الأيام رغم قسوتها، إذا لم يوضع حد لهذا العبث الآن". داعيًا إلى تحرك فوري قبل فوات الأوان.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news