في تطور لافت أثار موجة من الغضب والاستنكار واسع النطاق، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة التابعة لجماعة الحوثيين في صنعاء، أمس الثلاثاء، أحكاماً بالإعدام رمياً بالرصاص على 17 مواطناً، كان من بينهم الشاب
عماد شائع محمد السلطان
، في قضية وصفها مراقبون حقوقيون وقبليون بـ"الصادمة" و"المجردة من أي إنسانية أو منطق قانوني".
فالشاب عماد، الذي لا يتجاوز منتصف الثلاثينيات من عمره، ليس مجرد متهم عادي، بل هو ابن الشيخ الراحل
شائع محمد عزالدين السلطان
، الذي شغل منصب شيخ مشايخ محافظة ريمة، وأصغر أشقاء
الشيخ عنان شائع
، شيخ مشايخ المحافظة الحالي في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة. وعلى الرغم من أن عائلته تُعد من أبرز القبائل الموالية للحوثيين ومن الداعمين الأساسيين لهم في المحافظة، إلا أن هذا الولاء لم يشفع لابنها المريض من أن يقع ضحية لأحد أكثر الأحكام القضائية إثارة للجدل.
حالة صحية متردية وتُهمة لا تتوافق مع الواقع
بحسب أقارب الشاب والمطلعين على حالته الصحية، فإن عماد شائع يعاني منذ سنوات عديدة من أمراض نفسية وعقلية حادة، تتمثل في نوبات من فقدان الاتزان وضعف شديد في القدرة على الإدراك. كما يعاني من شلل نصفي يصيب جانب واحد من جسده، وهو ما نتج عن إصابة قديمة في الرأس. هذه الحالة الصحية المتراكبة تجعله عاجزاً تماماً عن الحركة السليمة أو القيام بأي نشاط ذهني منظم، مما يستحيل معه منطقياً قيامه بأي عمل من نوع "التخابر" أو التجسس، وهي التهمة الرئيسية التي وجّهتها إليه النيابة العامة التابعة للمليشيا.
وقد أدرج اسم عماد شائع في قائمة المتهمين بـ"التخابر مع أمريكا وبريطانيا وإسرائيل"، وهي التهمة المكررة التي تستخدمها جماعة الحوثيين لتصفية الخصوم أو المعارضين السياسيين. ويتساءل مراقبون عن كيفية قيام شاب مصاب بالشلل والاضطرابات النفسية بتنفيذ عمليات تجسس معقدة لدول كبرى، مؤكدين أن التهمة "مفبركة ومغرضة".
رفض الانخراط في المليشيا.. السبب الحقيقي وراء الاستهداف
تشير مصادر مطلعة على خلفيات القضية إلى أن السبب الحقيقي وراء استهداف عماد شائع يعود إلى رفضه الانخراط في صفوف الجماعة أو المشاركة في أنشطتها العسكرية والأمنية، على عكس مسار بعض إخوته وأفراد أسرته الذين يحتلون مواقع بارزة ضمن هيكل الحوثيين. وبحسب هذه المصادر، فإن عماد كان يستغل فترات نادرة من الاتزان في وعيه للإعلان عن رغبته في الابتعاد عن الصراعات، مفضلاً حياة العزلة، وهو ما أثار حفيظة قادة المليشيا الذين لم يتقبلوا رفضه رغم معرفتهم بحالته الصحية.
سابقة خطيرة وقاضي واحد في كل القضايا
يثير حكم الإعدام بحق عماد شائع تساؤلات حول مدى استقلالية القضاء في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ويكشف عن نمط متكرر في استخدام القضاء كأداة للتصفية. واللافت في هذا السياق، أن شقيق عماد الأكبر، الشيخ عنان شائع، الذي يعمل بشكل وثيق مع الحوثيين، كان قد سبق له وبرر للجماعة إجراءات قضائية مماثلة، أبرزها قضية إعدام الشيخ
صالح حنتوس
، الذي تم إعدامه تحت نفس التهم.
والأكثر إثارة للدهشة هو أن المصادر تؤكد أن القاضي ذاته الذي أصدر حكم الإعدام الجائر في حق الشيخ صالح حنتوس، هو نفسه من أصدر الحكم اليوم بحق عماد شائع، مما يؤكد وجود توجيهات عليا لتصفيه الحسابات تحت غطاء القانون، وبيد قاضٍ معروف بولائه المطلق للجماعة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news