في صباح الأحد 23 نوفمبر/تشرين الثاني، اجتاحت سحب خفيفة من الرماد البركاني أجواء عدد من المناطق اليمنية المطلة على البحر الأحمر، بعد أن قطعت مئات الكيلومترات قادمة من شمال شرقي إثيوبيا، حيث اندلع بركان “هايلي غوبي”.
وعلى الصعيد اليمني، سُجِّلت أولى الآثار في كلٍ من المخا والخوخة وحيس والجراحي وزبيد، حيث ظهرت طبقة رمادية خفيفة في الأفق، رافقتها رائحة كبريتية وطبقة تشبه "السُخام" على أسطح السيارات في بعض المناطق.
كيف وصلت السحابة إلى اليمن؟
خطر مباشر
بحسب هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية (USGS)، يحتوي الرماد الدقيق الناتج عن البراكين على جسيمات حادة قد تهيّج الجهاز التنفسي، وتؤثر سلبًا على الحيوانات، وتلحق أضرارًا كبيرة بالزراعة عند تفاعلها مع الرطوبة.
وتوصي الشبكة الدولية للمخاطر الصحية للبراكين (IVHHN) بالحد من التعرض المباشر، وارتداء الكمامات، وتغطية خزانات المياه المكشوفة، لأن ثاني أكسيد الكبريت يتفاعل سريعًا مع الماء مكوّنًا أحماضًا قابلة للذوبان.
وأوضح مدير عام الهيئة العامة لحماية البيئة بوادي وصحراء حضرموت، عمر محمد زيد بن شهاب، لـ“بران برس”، أن الغاز المصاحب للرماد “سريع الذوبان في الماء، ويتحوّل إلى حمض الكبريتيت، ما يفرض خطورة عالية على الجهاز التنفسي، خصوصًا لمرضى الربو وضيق التنفس”.
وأضاف أن السحابة تشكل أيضًا “خطرًا على النباتات والتربة والمياه، نظرًا لاحتمالية تشكّل أمطار حمضية”، لكنه أشار إلى أن مرور الظاهرة خارج موسم الأمطار “خفّف كثيرًا من حجم الأثر المحتمل”.
وتابع أن “ما يجري تلوّث طبيعي غير ناتج عن الإنسان، لكنه يظل مصدر تهديد مباشر للإنسان والحيوان والزراعة والبيئة، ويفرض اتخاذ احتياطات عاجلة”.
ماذا ينتظر اليمن؟
تُظهر أحدث بيانات الأقمار الاصطناعية، فجر الاثنين 24 نوفمبر 2025، استمرار تمدّد السحابة البركانية الصادرة عن بركان Hayli Gubbi في إقليم العفّار الإثيوبي، مع تسجيل ارتفاعات بين 5 و18 كيلومترًا داخل الغلاف الجوي وتحركها تدريجيًا نحو الغرب والشمال الغربي مع انخفاض كثافتها.
ويجمع الخبراء على أن مرور رماد “هايلي غوبي” فوق اليمن حدث طبيعي مألوف في الدول القريبة من الأحزمة الجيولوجية النشطة، لكنه يكشف أيضًا هشاشة منظومة الرصد البيئي المحلية وضعف قدرتها على إصدار إنذارات مبكرة للسكان.
وبينما يترقب اليمنيون انقشاع السحابة، تبقى الأسئلة مفتوحة حول المدى الفعلي لما ستخلّفه من آثار صحية وبيئية، وما إذا كانت هذه الظاهرة ستتكرر في ظل النشاط البركاني المتصاعد في منطقة القرن الإفريقي.
تحذير من مخاطر صحية
الخبير الكيميائي "مازن محمد الجحافي" بدوره حذر من تجاهل الأمر دون فحص علمي دقيق، وقال: “إذا كان الغبار يحمل رائحة كبريتية مميزة فهذا مؤشر واضح على أنه رماد بركاني، أما إذا كانت له رائحة مختلفة فقد يكون ناتجًا عن مواد ملوثة أو كيميائية”.
وأكد "الجحافي" في حديث لـ“برَّان برس”، أهمية “الحاجة العاجلة لإعلان حالة إنذار وتحذير المواطنين”، مشددًا على “ضرورة تدخل الجهات المختصة لأخذ عينات وفحصها بشكل سريع لتحديد مصدرها بدقة.”
وحذّر الخبير الجحافي، من أن “تجاهل مثل هذه الظواهر قد يعرض السكان لمخاطر صحية خطيرة، خاصة في ظل ضعف الوعي بمخاطر الغبار الملوث أو الكيميائي، الذي قد يتسبب بتهيجات في الجهاز التنفسي أو مشاكل جلدية وعيونية”، مطالبًا بسرعة تحرك رسمي وشفافية في عرض النتائج على المواطنين.
وأوضح أن الرماد البركاني يحتوي أحيانًا على جسيمات دقيقة قد تسبب التهابات في الجهاز التنفسي أو العيون، داعيًا المواطنين إلى اتخاذ احتياطات وقائية تشمل ارتداء الكمامات، وتغطية المياه والأطعمة المكشوفة، والحد من التعرض المباشر للغبار.
توصيات وقائية
أكد مركز التنبؤات الجوية والإنذار المبكر التابع للهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد، أن سحب الرماد البركاني القادمة من إثيوبيا نتيجة ثوران بركان “إرتال”، تتمدد إلى أجزاء واسعة من اليمن نتيجة الرياح السائدة.
وأفاد المركز بأن هذا النوع من الرماد يحتوي على جسيمات دقيقة من الصخور والزجاج البركاني، وأن خطر التأثر به لا يقتصر على المناطق القريبة من البركان فقط، بل يمكنه أن ينتقل مئات الكيلومترات وفقًا لحالة الرياح.
وأورد المركز عدد من التوصيات والإجراءات للحد من أضرار هذا الرماد البركاني تتمثل في: البقاء داخل المنازل قدر الإمكان، وارتداء كمامات ونظارات واقية عند الضرورة للخروج، لتقليل استنشاق الجسيمات، وغسل الوجه والعينين، وحماية الخزانات المنزلية للمياه وإغلاقها بإحكام.
ورجح المركز احتمالية أن “تكون هناك مخاطر تلوث مياه الري بالرماد؛ يُنصح بفحص المضخات والنِظم المرشحة للمياه وتنظيفها إذا لزم الأمر”، ومتابعة الإشعارات من الجهات الرسمية والأرصاد بخصوص كثافة الرماد وتحديثات الحالة.
وأشار المركز إلى أنه يتابع تطورات تمدد سحب الرماد البركاني القادمة من إثيوبيا على مدار 24 ساعة، والموافاة بالمستجدات أولاً بأول.. مهيباً بوسائل الإعلام والمواطنين، اعتماد المعلومات الصادرة من الجهات الرسمية.
والأحد 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، رصدت الأقمار الاصطناعية، لحظة حدوث انفجار بركاني شرقي اثيويبيا وارتفاع سحابة من الدخان الكثيف واندفاعها شرقاً نحو اليمن.
وأظهرت الصور الفضائية التي تابعها “برّان برس” لحظة حدوث الانفجار البركاني عند العاشرة من صباحا وارتفاع سحب كثيفة من الدخان واندفاعها بفعل الرياح نحو اليمن ودخولها السواحل اليمنية الغربية عند الثانية من مساء الأحد. وعند الخامسة والنصف مساء، أظهرت صور الأقمار الاصطناعية انتشار سحابة الدخان بمناطق واسعة من اليمن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news