رغم أزيز الرصاص وقصف المدافع الحوثية الذي يطول سكان منطقة السُويهرة في مديرية مقبنة غرب تعز، لم تمنع هذه المخاطر طالبات المنطقة من متابعة تعليمهن، حتى وإن اضطررن للانتقال إلى مناطق بعيدة خارج المديرية لتحقيق حلمهن الدراسي.
كل يومِ صباحٍ مدرسي، تمضي أكثر من 50 طالبة، نحو مسافة 6 كيلومترات، سيراً على الأقدام، بين الدروب الوعرة من سويهرة مقبنة، إلى مدرسة الصالح الأساسية في منطقة النِزالي بريف حيس جنوب الحديدة، سعياً لطلب العلم، بعد توقف مدرستهن بسبب القصف اليومي لمليشيا الحوثي.
أسماء محمد، إحدى طالبات قرية السُويهرة، اختصرت بعفوية عزيمة فتيات القرية وحبهن للتعليم، وهي تتحدث إلى "
وكالة 2 ديسمبر
" عن رحلاتهن اليومية الشاقة. تقول أسماء: "آتي كل يوم من السُويهرة إلى مدرسة النزالي. لا أفكر كثيرًا في طول المسافة أو خطورة الطريق، فكل ما يهمني، ويهم أسرتي، هو أن أواصل دراستي وأُكمل تعليمي".
وتؤكد أسماء وزميلاتها أن التعلم في مدرسة القرية لم يعد ممكنًا بسبب مقذوفات الحوثيين التي تهدد المنطقة.
وتضيف: "نفضل الذهاب إلى مدينة حيس لأنها أكثر أمانًا، كما أن التعليم في مدرسة الصالح جيد. لكن ما يزعجنا هو ازدحام الفصول، فنحن وبقية الطالبات نتلقى بعض الحصص في فناء المدرسة بسبب كثافة الطالبات".
تتدافع الطالبات من القرى المحاصرة حوثياً إلى منطقة النزالي الريفية، حيث تقع مدرسة الصالح التي غدت ملاذًا وحيدًا لهن رغم الحرب وظروف النزوح. ورغم المشقة وانعدام الحد الأدنى من بيئة التعليم، لا تزال رغبة الفتيات في مواصلة دراستهن أقوى من كل التحديات، ما اضطر كثيرات منهن للتعلم خارج الفصول وتحت الأشجار.
ومع الزيادة المستمرة في أعداد الطلاب وازدحام الفصول، لجأت إدارة المدرسة إلى فتح شعب إضافية في فناء المدرسة وتحت الظلال والأشجار لتوفير مساحة للتعليم. المعلمات بدورهن يواجهن الظروف ذاتها؛ فمعظمهن يقطعن مسافات طويلة يوميًا ويعملن بشكل تطوعي دون رواتب، حفاظًا على استمرار العملية التعليمية في هذه المناطق المنكوبة.
من جهته، أوضح القائم بأعمال وكيل المدرسة، صادق زُليل، وهو أحد المعلمين المتطوعين، أن هذه المناطق عانت طويلًا من بطش مليشيا الحوثي، إذ حولت الأخيرة مدرسة الصالح إلى مصنع للألغام والمتفجرات خلال فترة سيطرتها، ما أدى إلى توقف التعليم لأربع سنوات كاملة، حتى بدأ الجهل يخيم على الأطفال والسكان، لافتاً إلى أن تحرير القوات المشتركة لقرى ريف حيس أواخر عام 2021 أعاد الحياة للمدرسة، لتنهض من جديد كمركز للعلم بعد سنوات من العتمة.
وأكد زُليل أن الطاقة الاستيعابية للمدرسة لا تتجاوز 450 طالبة، فيما ارتفع عدد الملتحقات هذا العام إلى أكثر من ألف طالبة، ما يجعل الحاجة إلى فصول إضافية أمرًا ملحًّا لتأمين بيئة تعليمية آمنة تضمن حقهن في التعلم دون خوف أو حرمان.
ودعا زُليل الجهات المعنية والمنظمات الداعمة إلى الالتفات لوضع المدرسة وتوسعة مرافقها التعليمية، إضافة إلى توفير حوافز للمعلمين المتطوعين الذين يواصلون أداء رسالتهم التربوية في ظل ظروف بالغة الصعوبة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news