أسرع محاكمة حوثية في التاريخ: عشرة أيام فقط لإصدار أحكام جاهزة بحق 21 مختطفًا وسط حملة دعائية مكثّفة
في خطوة تُجسّد عبث ميليشيا الحوثي بالقضاء وتحويله إلى أداة قمع ودعاية سياسية، حجزت ما تُسمّى بالمحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء قضية 21 مختطفًا للنطق بالحكم خلال عشرة أيام فقط، في واحدة من أسرع المحاكمات وأكثرها إثارة للجدل منذ سيطرة الجماعة على العاصمة.
وبحسب النسخة الحوثية من وكالة سبأ، فإن المحكمة أقرت الاثنين “حجز قضايا خلايا التخابر ضمن شبكة تجسس تابعة للمخابرات السعودية للنطق بالحكم”، دون تحديد موعد الجلسة القادمة، والمتوقع أن تُعقد خلال أيام قليلة. هذا الإعلان جاء متزامنًا مع بث 17 فيلمًا دعائيًا تزعم فيها الميليشيا كشف “خلية تجسسية متعددة الجنسيات تُدار من الأراضي السعودية”.
مصادر حقوقية أكدت أن الميليشيا بدأت محاكمة المختطفين — بينهم موظفون في منظمات دولية ومحلية — في التاسع من نوفمبر، لتُغلق الملف بعد أربع جلسات فقط، حُرم خلالها المتهمون من حقهم القانوني في الدفاع وتوكيل محامين، في انتهاك صارخ لكل الأعراف القضائية والمواثيق الدولية.
وعلى مدى الأيام الماضية، شنّت وسائل إعلام الميليشيا حملة دعائية محمومة، بثّت خلالها سلسلة فيديوهات مطوّلة ظهر فيها المختطفون وهم يرددون نصوصًا مكتوبة مسبقًا، بدا واضحًا أنها اعترافات انتُزعت تحت الضغط والإكراه. وادّعت الجماعة أن المتهمين يعملون لصالح مخابرات أمريكية وإسرائيلية وبريطانية، وأن السعودية تستضيف غرفة عملياتهم المشتركة.
لكن رغم الضجة التي حاولت الميليشيا صناعتها حول "شبكة التجسس الكبرى"، فقد خلت الفيديوهات من أي أدلة حقيقية أو منطقية، واقتصرت على مشاهد مكررة تتعلق بزراعة كاميرات أو وضعها أمام منازل “مفترضة”، دون أن تُظهر أي ضحايا أو عمليات حقيقية تزعم الجماعة أنها استهدفت قياداتها أو منشآتها.
ويرى مراقبون أن المسرحية القضائية التي تنفذها الجماعة تعكس إصرار الحوثيين على استخدام القضاء كسلاح سياسي، لتصفية حسابات وبث الرعب في المجتمع، وسط مخاوف متزايدة من لجوئها لإصدار أحكام إعدام جاهزة، كما فعلت سابقًا في قضايا مشابهة.
وتأتي هذه التطورات في ظل تحذيرات دولية متصاعدة، خصوصًا بعدما أحالت الميليشيا ملفات نحو 59 موظفًا في الأمم المتحدة إلى النيابة الجزائية المتخصصة، ما أثار مخاوف من تكرار السيناريو ذاته بحقهم، في ظل غياب أي ضمانات لمحاكمة عادلة، أو حتى محاكمة شكلية.
وتؤكد منظمات حقوقية أن سرعة الإجراءات الحوثية، وتضخيم الاتهامات عبر أفلام دعائية، ومحاولة خلق رأي عام مُسبق، كلّها مؤشرات على أن الميليشيا تتجه نحو تنفيذ أحكام قاسية قد تصل إلى الإعدام، في وقت تخشى فيه الأمم المتحدة أن تتحول ملفات موظفيها إلى ورقة ابتزاز جديدة بيد الجماعة.
في المقابل، يواصل الناشطون الحقوقيون المطالبة بضغط دولي عاجل لحماية المختطفين، مؤكدين أن ما يجري ليس قضية قضائية، بل عملية انتقام سياسي ممنهج تستخدم فيها الميليشيا المحاكم كساحة لإصدار أحكام جاهزة مسبقًا، لا تمتّ للعدالة بصلة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news