أجرى الحوار لـ”يمن ديلي نيوز” عدنان الشهاب:
أواخر أكتوبر/تشرين المنصرم، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، آخر الولايات تحت قبضة القوات المسلحة السودانية، بعد حصار دام نحو 18 شهر منع السكان من كل مقومات الحياة.
ساعات قلائل من سقوط الفاشر لتتكشف بعدها عن جرائم وحشية، افزعت العالم، بحق مدنيين عزل نساء وأطفال من أبناء المدينة الفارين من الحرب، إعدامات جماعية بالعشرات، صوراً لأقمار صناعية تظهر بقع دم في أكثر من حي بالمدينة، أياما قاتمة عاشتها الفاشر ولا زالت.
في هذا الحوار يتحدث الدكتور محمد فيصل حسن ناطق إعلامي باسم شبكة أطباء السودان لـ “يمن ديلي نيوز” عن الوضع الإنساني في الفاشر ومدن أخرى والفظائع التي ارتكبت بحق النازحين بشهادة ناجين من الموت.
إلى الحوار:
بداية نشكرك لحرصك على توضيح الصورة عن الوضع الإنساني عبر “يمن ديلي نيوز” وحبذا في البداية لو تقدم للقارئ صورة عن الوضع الإنساني في السودان؟
الأوضاع حسب الجغرافيا في السودان، تشهد الولايات في الوسط والولايات الشرقية والشمالية تحسناً كبيراً، كونها تقع تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية، ومنذ أن حرر الجيش ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار، من سيطرة الدعم السريع، عادت الخدمات تدريجيا وتحسنت الأوضاع الإنسانية وعاد كثير من الناس الى منازلهم.
أما الولايات الغربية ولاية شمال دارفور وولاية شمال كردفان فالأوضاع سيئة جداً خصوصاً مع اشتداد المعارك في الفترات السابقة.
في شمال دارفور عشرات الألاف نزحوا من المدينة إلى مدينة الطويلة (شمال الفاشر) مما شكل ضغطاً رهيباً على المنظمات العاملة بسبب أمواج كبيرة من النازحين المستمرة المتدفقة على المدينة.
وأثناء رحلة النزوح الصعبة، كانت قوات الدعم السريع تستهدف النازحين فقتلت بعضهم، وتوفي آخرون بسبب الأوضاع الصحية والأمراض.
كما منعت قوات الدعم السريع الاف السكان من مغادرة الفاشر وأجبرتهم على الرجوع الى المدينة ويتعرضون للانتهاكات الممنهجة.
أما في مدينة بارا في ولاية شمال الكردفان لا يقل الوضع سوءاً عن الفاشر فقد نزح الآلاف من المدينة بعد اجتياح الدعم السريع، ولجئوا إلى القرى المجاورة وإلى مدينة “الأبَيّض” (عاصمة ولاية شمال كردفان) وصلوا في ظروف صحية وسيئة للغاية، وبدعم من الحكومة وتعاون بعض الجهات تمكنوا من توفير بعض الخدمات.
تابعنا صوراً ولقطات مؤلمة لانتهاكات مفزعة في الفاشر، منسوبة لقوات الدعم السريع.. أنتم كشبكة طبية ماهي أبرز جرائم “الدعم السريع” منذ بداية الصراع؟
لم تترك قوات الدعم السريع جريمة أو أي وسيلة ضد السودانيين إلا وارتكبها، بل بعض الأحيان يقومون توثيقها ونشرها والتباهي بارتكابها.
ففي ولاية الخرطوم مثلاً ارتكبت جرائم مروعة حيث دخلوا على منازل المواطنين واغتصبوا النساء وقتلوا الرجال، أذلوهم أمام أسرهم، اغتصبوا البنات، انتهكوا المستشفيات والمرافق الخدمية، حتى الصحفيين والأطباء والعاملين في الحقل الإنساني لم يسملوا من شرورهم.
جرائم يندى لها الجبين ارتكبتها الدعم السريع بدم بارد في ولاية الخرطوم وفي الفاشر ويتفاخرون بتلك الجرائم وينشروها على منصاتهم، كما حدث في المستشفى السعودي حيث تم قتل 460 شخص من المرضى والأطباء والزوار بحسب تقديرات منظمة الصحة التابع للأمم المتحدة.
بعد هذه الانتهاكات يقومون بجمع الجثث بشكل جماعي ثم يقومون بحرقها.
من المؤكد أن هناك جرائم لم تظهر علنا للعالم.. هل هناك من الفظائع التي ارتكبت ولم تظهر للإعلام، تحدث عنها ناجون مثلاً؟
الناجون الذين وصلوا الى “الطويلة”، يحكون قصصا مرعبة بكل حسرة وبكل ألم منهم من شاهدوا أطفالا يقتلون أمام أعينهم، ومنهم من شاهدوا اغتصاب نساءهم وبناتهم أمام أعينهم، هناك من فقد أطفاله، مثل المرأة التي فقدت أطفالها، أعداد كبيرة من النازحين لا يعلمون عن أسرهم أي شيء هل هم أحياء أم أموات.
هل هناك إحصائية للضحايا المدنيين وخاصة الأطفال والنساء؟
نتحدث عن مئات الآلاف من القتلى والجرحى منذ بداية الصراع، أعداد كبيرة منهم النساء والأطفال.
أما في مدينة الفاشر لا يوجد تقديرات دقيقة لكن نتحدث عن أرقام مخيفة جزء كبير من النساء والأطفال، نتحدث عن عشرات الآلاف من القتلى منذ بداية الحرب في الإقليم التي بدأت قبل سنة ونصف.
ما الدوافع التي يحملها عناصر الدعم السريع للانتقام وارتكاب كل هذه الجرائم ضد المدنيين؟
ترتكب قوات الدعم السريع هذه الجرائم بحق المدنيين بحجة أنهم ينتمون الى النظام البائد، وهي حجة واهية جداً لا تبرر هذه الجرائم.
أي شخص متتبع للصراع في دارفور سيرى أن الدعم السريع تقوم بهذه الانتهاكات برغبة “التصفية العرقية”، يتعاملون بوحشية شديدة لكل من لا ينتمي الى مجتمعهم القبلي، ويتفاخرون بذلك، يقتلون الناس بدوافع عنصرية اثنية قبلية.
مخيم زمزم في الفاشر.. ما مصير النازحين فيه؟ ما الظروف المعيشية التي يعيشونها في المناطق التي نزحوا اليها؟
مخيم زمزم إحدى النقاط السوداء في تاريخ قوات الدعم السريع، حيث اجتاحت المخيم قبل شهور وهو مخيم للنازحين ويتبع الأمم المتحدة وتحت حمايتها وحصانتها، ورغم ذلك اجتاحت الدعم السريع المخيم، ونزح جزء كبير جداً من اللاجئين إلى مدينة الفاشر وجزء كبير تم إيواءهم في مركز إيواء في مقر جامعة أم درمان بمدينة الفاشر.
ولم يسلم هذا الدار من الاستهداف، فقصفته الدعم السريع قبل نحو شهر وقتلت 57 نازحا وعشرات الجرحى.
أما بعد اجتياح الفاشر نزح الغالبية العظمى الى مدينة “الطويلة” (66 كم شمال الفاشر)، وتم توفير لهم المتطلبات الأساسية من الإغاثة الإنسانية.
كيف الوضع في ولاية شمال كردفان هل يشابه الوضع في الفاشر؟
الوضع في ولاية شمال كردفان بذات السوء في ولاية شمال دارفور بمدينة الفاشر، حيث ارتكبت قوات الدعم السريع انتهاكات كبيرة جدا في مدينة البارا (شمال كردفان) فقتلت بدم بارد 47 مدني بينهم 9 نسوة، تبين لنا لاحقا أن العدد أكثر من ذلك.
عشرات الجثث توجد داخل المنازل حيث تمنع الدعم السريع أهالي الضحايا من دفن الجثث، ولذلك لم يتسن لنا الحصول على أرقام مؤكدة عن عدد الضحايا، حاليا نحن على علم أن الدعم السريع تقوم بتجهيز مقبرة جماعية خارج الفاشر لدفن الجثث والتخلص منها.
أبرز التحديات والمخاطر التي تواجه عملكم الإنساني؟ وكيف تقيمون استجابة المنظمات الدولية لنداءاتكم؟
تستهدف قوات الدعم السريع العاملين في الحقل الإنساني، فقد تم استهداف إحدى العيادات التابعة لشبكة اطباء السودان، وفقدنا إثر ذلك أحد زملاءنا، كما استهدفت مرات عدة المستشفى السعودي في مدينة الفاشر بالمسيرات والمدفعية الثقيلة خلال حصار المدينة.
عند اجتياح المدينة تم أسر 6 كوادر طبية، 4 أطباء، وكادر تمريضي، وكادر صيدلي، و تم تصفية أحد الكوادر الطبية، وآخر تم اطلاق سراحه بعد أن دفعت أسرته فدية بحسب طلب “الدعم السريع”، ولا ندري مصير الأربعة الباقين.
وفي مدينة بارا (شمال كردفان) احتجزت قوات الدعم السريع العاملين في الهلال الأحمر السوداني وتم تصفيتهم ميدانيا بدم بادر أثناء تأديتهم واجبهم الإنساني.
الكوادر الإنسانية والصحية والصحفيين ليسوا بمعزل عن هذه الأحداث ويتعرضون لكافة الانتهاكات شأنهم كشأن بقية السودانيين.
ماذا عن جهود المنظمات لمواجهة هذه الانتهاكات:
عندنا تواصل مع منظمات وجهات خيرية، لكن في هذه الظروف الصعبة والأوضاع غير المستقرة نعمل على رصد هذه الانتهاكات وتقديمها للرأي العام.
هل لديكم معلومات عن وجود يمنيين في الفاشر؟ هل لديكم معلومات عن أوضاعهم؟
ليس لدينا أي معلومة عن يمنيين في الفاشر تعرضوا لانتهاكات، لكن كل من كان في الفاشر تعرض للانتهاكات لقوات الدعم السريع التي لا تفرق بين أحد ولا تراعي أي اتفاقيات.
هناك تقارير عن مشاركة يمنيين في القتال إلى جانب قوات الدم السريع.. ما المعلومات لديكم بهذا الشأن؟
صراحة لم نقف على تقارير تؤكد وجود يمنين مع قوات الدعم السريع، التقارير التي يشار اليها من قبل خبراء الأمم المتحدة وما تأكدنا منه عبر الحساب الرسمي لرئيس كولومبيا من مشاركة كولومبيين ومرتزقة من دولة تشاد وجنوب السودان والنيجر واثيبوبيا وكل هؤلاء تكالبوا للقضاء على الانسان في الفاشر المغلوب على أمره.
وأيضا بعض التقارير أن هناك بعض الجهات الإقليمية التي تدفع أموال طائلة من أجل توفير المزيد من المرتزقة للقتال في الفاشر بجانب قوات الدعم السريع
من هي شبكة أطباء السودان؟
هي مجموعة من الاطباء المدنيين المستقلين، الذين يعملون من خلال شبكة مترابطة في ولايات السودان على توثيق الانتهاكات الصحية وتقديم تقارير طبية وحقوقية للضحايا.
تعتمد الشبكة بشكل أساسي على جمع معلومات وتحليلها من أعضاءها داخل المدن، بجانب تواصلها مع المرضى والناجين، بجانب إجراءات التحقق المتعددة.
مرتبط
الوسوم
الفاشر،
اليمن،
السودان،
خبراء مجلس الأمن الدولي،
دارفور،
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news