في تطور خطير يهدد أحد أهم المرافق الاستراتيجية في اليمن، بات مطار تعز الدولي، الذي تسيطر عليه مليشيا الحوثي، يواجه خطرًا حقيقيًا وفوريًا بفقدان صفته "الدولية". وتتحول أراضي المطار، التي كانت يومًا ما بوابة اليمن الجنوبية للعالم، إلى ساحة مفتوحة للفوضى العمرانية والاعتداءات المسلحة المنظمة، وسط صمت مريب من السلطات الحوثية وتواطؤ مُدعَم من قيادات عسكرية داخل التنظيم نفسه، مما يضع مصير المطار بين مطرقة السطو وسندان الإهمال المقصود.
تفاصيل الاعتداءات المنظمة:
وفقًا لمصادر خاصة مطلعة على الأوضاع داخل المطار، فإن المشهد الداخلي تدهور بشكل متسارع خلال السنوات الأخيرة، حيث تضاعفت الاعتداءات على أراضي المطار ومبانيه الإدارية بشكل غير مسبوق. وأوضحت المصادر أن مسلحين مدعومين من شخصيات نافذة ومؤثرة في مناطق سيطرة الحوثي، وبعضهم على صلة مباشرة بمكتب قائد المنطقة العسكرية الرابعة التابعة للمليشيات، قاموا بالاستيلاء على أجزاء واسعة من أراضي حرم المطار.
وتم تنفيذ هذه العمليات بشكل منهجي، حيث تم تسوير الأراضي المستولى عليها بالقوة، مستخدمين في ذلك أطقمًا عسكرية ومعدات تابعة للجيش، مما يمنحهم غطاءً رسميًا ويمنع أي تدخل من قبل الأمن الخاص بالمطار أو الجهات المدنية. هذه الاعتداءات لا تقتصر على سرقة الأراضي فحسب، بل تشمل أيضًا التعرض للطواقم العاملة والموظفين، مما خلق بيئة من الخوف وعدم الاستقرار.
الفوضى العمرانية وتآكل معايير السلامة:
على الجانب الآخر، يشهد محيط المطار توسعًا عمرانيًا عشوائيًا وغير منظم، فُتحت فيه شوارع جديدة بشكل عشوائي، مما أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار الأراضي وأشعل شهية الفاسدين والمستغلين للوضع الأمني. وتزامن ذلك مع تجاوزات صارخة في البناء، حيث ارتفعت المباني السكنية والتجارية إلى ارتفاعات تخطي الحدود الآمنة المسموح بها قرب المطارات، مما يشكل خطرًا مباشرًا ووشيكًا على سلامة الملاحة الجوية، ويهدد مسارات الهبوط والإقلاع.
تحذيرات دولية وخسارة وشيكة:
حذّر خبراء فنيون في شؤون الطيران المدني من أن تجاهل السلطات الحوثية لهذه الفوضى المنظمة قد يكون له عواقب كارثية. وأشاروا إلى أن منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو) تراقب عن كثب الانتهاكات التي تحدث في مطارات العالم، وتلتزم بتطبيق معايير صارمة لضمان سلامة الركاب والطائرات.
وأكد الخبراء أن استمرار هذه التجاوزات، وخاصة بناء أبراج وعوائق قرب مدرجي المطار، يشكل خرقًا فاضحًا للاتفاقيات الدولية، وقد يدفع المنظمة الدولية إلى اتخاذ قرار حاسم بسحب الاعتراف بمطار تعز كمرفق دولي، وهو ما يعني تجميد رحلاته الخارجية وإعادة تصنيفه كمطار داخلي أو إغلاقه بالكامل، وهو ما يمثل ضربة قاصية لاقتصاد محافظة تعز واليمن بشكل عام.
مطار بين مطرقة السطو وسندان الصمت:
في خضم هذا المشهد المأساوي، يبدو مطار تعز أسيرًا لصراع المصالح داخل هيكل الحوثي، فبينما تستمر عمليات السطو المنظم على أراضيه، تفرض سلطة الأمر الواقع صمتًا مطبقًا، فيما يتواطأ بعض قياداتها العسكرية لتحقيق مكاسب شخصية على حساب أصل وطني. ويبقى المستقبل غامضًا لمطار كان شاهدًا على تاريخ تعز، والذي يواجه اليوم خطر التهميش والاندثار بسبب الفوضى والفساد اللذين ينهشان مؤسسات الدولة تحت سيطرة المليشيات.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news