قال معهد أمريكي إن استمرار تهديدات جماعة الحوثي للملاحة الدولية في البحر الأحمر، سيؤثر بالدرجة الأولى على خطة رؤية الرياض 2030، التي وضعها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
و
أضاف
معهد "واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" في
تحليل
ترجمه للعربية "الموقع بوست"،
أن البحر الأحمر
على نطاق أوسع، يُعد مفتاحًا للطموحات اللوجستية المنصوص عليها في خطة رؤية الرياض 2030، مشدداً على أن تعطيل سلاسل إمداد الحوثيين يُعد أمرًا لا غنى عنه.
وقال "رغم التوقف الأخير (والمؤقت على الأرجح) في هجمات السفن، تشير عوامل مختلفة إلى تهديد دائم لن يتلاشى إلا بعد اتخاذ إجراءات أوسع نطاقًا ضد شبكات التوريد الواسعة النطاق التابعة للجماعة".
وأكد أن التهديد الحوثي لا يزال يلوح في الأفق على دول الخليج ومصالحها الاقتصادية، وخاصة المملكة العربية السعودية، حيث استهدفت الجماعة ناقلة نفط قبالة ميناء ينبع في 31 أغسطس/آب.
وتابع "رغم أن الحوثيين لم يشنوا المزيد من الهجمات على السفن منذ أواخر سبتمبر/أيلول، إلا أن حرية الملاحة في البحر الأحمر والممرات المائية المجاورة لا تزال مهددة، ولا يمكن الاعتماد على الهدنة الجديدة في غزة كضمان لانتهاء الحملة البحرية الطويلة للجماعة.
وأردف المعهد الأمريكي "في ضوء هذه التهديدات المستمرة، قد تكون الجهود المحتملة لتعطيل سلاسل الإمداد الحوثية حاسمة"، مشيراً إلى أنه في سبتمبر/أيلول، تعرضت ناقلة، أفادت التقارير أنها تنقل غاز البترول المسال الإيراني إلى الجماعة، لهجوم غامض قبالة ميناء رأس عيسى الذي يسيطر عليه الحوثيون، مما دفع أحد المسؤولين إلى ادعاء مسؤولية إسرائيل عن الهجوم.
وزاد "بينما تُكثّف وزارة الخزانة الأمريكية جهودها لتفكيك الشبكات الإيرانية المسؤولة عن نقل الطاقة غير المشروع إلى الجماعة، ينبغي على واشنطن مراقبة سلاسل التوريد وشبكات المشتريات الحوثية الأوسع عن كثب، لأن المخاطر التي تهدد الشحن التجاري لن تختفي طالما بقيت هذه الشبكات قوية".
تحول الهجوم على السعودية وتعطيل سلسلة التوريد؟
وتطرق التحليل إلى هجوم 31 أغسطس، الماضي حيث استهدف الحوثيون ناقلة النفط/الكيماويات "سكارليت راي" (رقم
IMO 9799654
) - المملوكة لشركة "إيسترن باسيفيك شيبينغ" التابعة لرجل الأعمال الإسرائيلي إيدان عوفر - على بُعد حوالي أربعين ميلًا بحريًا جنوب غرب ينبع، خارج منطقة عملياتهم المعتادة لهجمات السفن.
وقال "على الرغم من عدم تضرر السفينة، إلا أن الحادث أظهر قدرة الجماعة على مواصلة تهديد المملكة العربية السعودية من خلال استهداف البنية التحتية الرئيسية للطاقة والتجارة، مما قد يشير إلى تحول في الاستراتيجية مقارنة بالهجمات السابقة المرتبطة بالسعودية".
واستدرك "في يونيو 2024، على سبيل المثال، تم الإبلاغ عن انفجار على مسافة قصيرة من سفينة تجارية قبالة الساحل السعودي بالقرب من الشقيق، أقصى جنوب ينبع".
وتُعد الهجمات القريبة من ينبع مثيرة للقلق بشكل خاص لأنها أحد الموانئ الغربية الرئيسية في المملكة العربية السعودية لتصدير النفط، حيث تم شحن ما يقدر بنحو 973 ألف برميل يوميًا في سبتمبر وفقًا لشركة كبلر.
واستطرد: على نطاق أوسع، يُعد البحر الأحمر مفتاحًا للطموحات اللوجستية المنصوص عليها في خطة رؤية الرياض 2030.
وأشار إلى أن المملكة أطلقت في أوائل عام 2024، أول شركة مستقلة للنقل البحري في البحر الأحمر، وهي شركة "فولك ماريتايم"، التي توسّع خدماتها الإقليمية منذ ذلك الحين على الرغم من المخاطر العالية في البحر الأحمر.
وحسب التحليل فإن الرياض تُدرك أن هدفها في أن تصبح مركزًا لوجستيًا إقليميًا يتطلب حماية حرية الملاحة. ولذلك، استضافت مؤتمرًا في سبتمبر/أيلول مع المملكة المتحدة لإطلاق شراكة الأمن البحري اليمنية، التي تهدف إلى "تعزيز الأمن في الممرات المائية البحرية الحيوية".
وردًا على ذلك، سارعت قيادة الحوثيين وفق التحليل إلى تصوير المبادرة المشتركة على أنها جهد لحماية السفن الإسرائيلية، مشيرةً إلى أن جهود المملكة في مجال الأمن البحري ستتطلب توازنًا دقيقًا للغاية مع الجماعة لتجنب المواجهة المباشرة.
لا حل دون تعطيل الشبكات
يقول معهد "واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" لا يوجد اليوم غموض يُذكر حول ما إذا كانت معدلات النقل في جنوب البحر الأحمر ستعود إلى مستوياتها في أوائل عام 2023، أو متى سيحدث ذلك - فقد أصبح من الواضح الآن أي شركات النقل مستعدة (أو غير مستعدة) للمخاطرة في منطقة أصبح فيها الخطر أمرًا طبيعيًا. طالما ظلت جبهتا غزة ولبنان غير مستقرتين، ستظل الأوضاع في البحر الأحمر كذلك، حيث كان الحوثيون واضحين في استعدادهم للعمل المسلح دعمًا لحماس، وبدرجة أقل، لحزب الله.
يضيف "نظراً لاستمرار سيطرة الحوثيين على البحر الأحمر، ينبغي على واشنطن وشركائها التركيز على استراتيجية طويلة المدى لتعزيز التعاون الاستخباراتي، لا سيما فيما يتعلق بسلاسل التوريد وشبكات المشتريات التابعة للجماعة. وهذا يعني تحديد سبل لتعطيل هذه الشبكات تدريجياً واختبار حدود رد الحوثيين دون التأثير على التجارة الإقليمية بشكل أكبر".
وأكد أن الضربات العسكرية المباشرة ليست دائماً فعالة في هذا الصدد. على سبيل المثال، على الرغم من الضربات الأمريكية المكثفة في أبريل الماضي على رأس عيسى - وهو موقع رئيسي لاستيراد المنتجات النفطية - تُظهر بيانات تتبع السفن أن الحوثيين تمكنوا من استئناف العمليات هناك. كما أن العقوبات المفروضة على السفن الفردية ليست حلاً شاملاً. وكما يُظهر حادث "كليبر" في سبتمبر، استمرت السفن الخاضعة للعقوبات في توصيل الإمدادات إلى موانئ الحوثيين.
وأفاد بأن هذا العام، شددت وزارة الخزانة الأمريكية العقوبات على شبكات الإيرادات والمشتريات الحوثية التي كانت أساسية في تمويل سلاسل توريد الأسلحة والحملة البحرية للجماعة.
وخلص معهد "واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" في تحليله إلى القول "على المدى الطويل، لا يمكن للجهود المبذولة لحل تهديد الشحن في البحر الأحمر - والوفاء بالتزام الولايات المتحدة الأوسع بأمن الشرق الأوسط - أن تنجح حتى تستثمر واشنطن وشركاؤها في رسم خرائط كاملة وفهم كيفية عمل شبكات المشتريات الحوثية. ويشمل ذلك تعقب الأنشطة التي تمتد إلى إيران والصين وأماكن أخرى، مع إظهار الاستعداد لتعطيلها بشكل فعال - بما يتجاوز العقوبات الفردية التي أثبت الحوثيون بالفعل قدرتهم على التحايل عليها".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news