حذّر الرئيس الإيراني "مسعود بزشكيان" من أن العاصمة طهران، التي يقطنها أكثر من عشرة ملايين نسمة، قد تواجه إجراءات صارمة لترشيد المياه إذا لم تهطل الأمطار قبل حلول ديسمبر المقبل، في ظل تفاقم واحدة من أسوأ أزمات المياه التي تمر بها البلاد منذ عقود.
وتشهد إيران تراجعاً حاداً في معدلات الأمطار، بينما تتهم منظمات وخبراء حكوميين بسوء إدارة الموارد المائية على مدى سنوات، من خلال الإفراط في بناء السدود، والحفر العشوائي للآبار، والممارسات الزراعية غير الفعالة، ما أدى إلى استنزاف المخزون المائي في البلاد.
وقال بزشكيان في تصريحات سابقة مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، إن “ترشيد الاستهلاك لن يكون كافياً إذا استمر الجفاف، وسنُضطر حينها إلى التفكير في إخلاء طهران”.
ورغم أن السلطات تنفي حتى الآن فرض أي خطة رسمية لترشيد المياه في العاصمة، فإن الشركة الوطنية للمياه والصرف الصحي أقرت بخفض ضغط المياه ليلاً في بعض مناطق طهران إلى مستويات تقترب من الصفر.
وتقول الحكومة إن الأزمة الحالية نتاج “سياسات الحكومات السابقة وتغير المناخ والاستهلاك المفرط”، لكن الأزمة تتزامن مع ضغوط اقتصادية خانقة نتيجة العقوبات الدولية على إيران بسبب برنامجها النووي.
ويرى محللون أن استمرار الجفاف قد يزيد من احتمالات اندلاع اضطرابات شعبية، على غرار ما حدث في إقليم خوزستان عام 2021 عندما اندلعت احتجاجات عنيفة بسبب نقص المياه، في الوقت نفسه، تشير تقارير رسمية إلى أن 70 في المئة من سكان طهران يستهلكون أكثر من الكمية المعتادة البالغة 130 لتراً للفرد يومياً.
وبحسب رئيس معهد أبحاث المياه الإيراني محمد رضا كافيان بور، فإن معدل هطول الأمطار العام الماضي كان أقل بنسبة 40 في المئة من المتوسط السنوي المسجل خلال الـ57 عاماً الماضية، مع توقعات باستمرار الجفاف حتى نهاية ديسمبر.
وتعتمد طهران على خمسة خزانات رئيسية تتغذى من الأنهار المحيطة بالعاصمة، إلا أن تدفق تلك الأنهار تراجع بشكل حاد، فيما جفّت المياه تماماً خلف 19 سداً رئيسياً في البلاد — أي نحو 10 في المئة من إجمالي السدود الإيرانية. كما انخفض احتياطي المياه إلى أقل من 3 في المئة في مدينة مشهد، ثاني أكبر مدن البلاد.
الأزمة تفاقمت بعد صيف شديد الحرارة، تجاوزت فيه درجات الحرارة في بعض المناطق حاجز الـ50 درجة مئوية، ما دفع الحكومة إلى إعلان عطلات طارئة في يوليو وأغسطس لتقليل استهلاك المياه والطاقة، وإغلاق مبانٍ عامة وبنوك. وتؤكد السلطات أن تغير المناخ ساهم في تسريع وتيرة التبخر ونضوب المياه الجوفية.
في خضم هذه الأزمة، دعا رئيس مجلس مدينة طهران، مهدي شمران، إلى إحياء صلاة الاستسقاء قائلاً: “في الماضي، كان الناس يخرجون إلى الصحراء لطلب المطر، ربما لا ينبغي أن نهمل هذا الأمر”.
وفي محاولة لتخفيف الأزمة، لجأت السلطات إلى خفض ضغط المياه ونقل كميات من الخزانات القريبة إلى العاصمة، كما حثت المواطنين على تركيب صهاريج ومضخات لتخزين المياه تحسباً لأي انقطاع واسع.
ومع استمرار الجفاف وتراجع منسوب الخزانات، تبدو طهران اليوم أمام اختبار صعب، إذ تخشى الحكومة أن تتحول أزمة المياه إلى أزمة وجودية تهدد بقاء المدينة نفسها.
المصدر: رويترز
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news