يا الله، ما أصعب الفراق، فكيف يكون فراق من نحب، وخاصة إذا كان فراقًا لا لقاء بعده في الحياة الدنيا؟
نسأل الله أن يجمعنا في مستقرّ رحمته.
يوم الخميس الماضي، وفي مدينة الرياض، كان الفراق الصعب، حيث ودّع دنيانا الفانية منتقلاً إلى رحمة الله الابن الحبيب أيمن صالح باسلامه، بعد رحلة قصيرة في الحياة، ومع الخطوات الأولى في طريق النجاح، لكن كان قضاء الله ولا رادّ لقضائه.
خيّم الحزن علينا وعلى والديه وأسرته جميعًا، وكل محبيه، وما أكثرهم، ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا، امتثالًا لقوله تعالى:
﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾
رحل الحبيب أيمن بعد أن بلغ أشدّه، وتجاوز منتصف الأربعينات من عمره، نشأ في كنف والديه اللذين شملاه برعاية كريمة وتربية صالحة، فتعلّم منهما الأدب والاستقامة، وساعداه على التفوق الدراسي، فكان مميزًا بين أقرانه. وكان والده يصطحبه دومًا في المناسبات والزيارات ليستفيد مما يطرحه العقلاء والفضلاء في مجالسهم، فاكتسب منهم الصفات الحميدة والمعلومات المفيدة، التي كانت زادًا له في مسارات حياته.
وبعد أن أكمل المرحلة الثانوية، سافر إلى مصر وماليزيا، وفيهما أكمل تعليمه الجامعي بامتياز، ثم عاد إلى المملكة وبدأ خطوات النجاح واحدة تلو الأخرى.
لم يبحث عن وظيفة تقليدية، بل كان شعاره: "مشروعك الخاص يثبت وجودك"، فجعله واقعًا ملموسًا، فأسّس تطبيق "المطار" كمنصّة حجز إلكترونية متكاملة ومتميزة على مستوى المملكة، تنافس المنصات العالمية، وكان لهذا المشروع دورٌ محوري في تعزيز التحول الرقمي في قطاع السفر والسياحة والخدمات الفندقية.
كما شارك أيضًا في تطوير تطبيق "نُسُك" الذي كان له دور كبير في تسهيل احتياجات المعتمرين.
حقًا، ماذا يمكن أن أكتب عن الحبيب أيمن؟ فالألم يعتصرني، وفي القلب غصّة على فراقه، ويصعب عليّ أن أجد الكلمات المناسبة.
فأنا منذ الأيام الخوالي كنت قريبًا منهم، منذ أن كان طفلًا صغيرًا، فوالده ابن عمّتي وأقرب الأقرباء إلى قلبي، وتجمعنا لقاءات بين الحين والآخر، كانت البشاشة والابتسامة لا تفارق محيّاه، إضافة إلى أدبه في الحديث، ولا تخلو لقاءاتنا من الطُرَف والمرح، ناهيك عن ثقافته الواسعة وإدراكه العميق لشؤون الحياة، حديثه دائمًا واثق ومستنير، لا عشوائية فيه كما هو حال بعض شباب اليوم.
كان آخر لقاء جمعني به قبل شهرين تقريبًا، مررنا خلاله على كثير من ذكريات طفولته الجميلة.
رحم الله أبا صالح، فذلك الجمع الكبير الذي حضر للصلاة عليه وشيّعه إلى المقبرة، ثم الأعداد الغفيرة التي توافدت إلى صالة العزاء، لم يكن إلا تعبيرًا عن مكانته في قلوبهم.
وهنا أتقدّم بالشكر الجزيل إلى دولة الدكتور أحمد عبيد بن دغر رئيس مجلس الشورى اليمني، الذي كان في مقدمة من جاء للعزاء،
وكذلك الشكر إلى معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات السعودي عبدالله بن عامر السواحه الذي عزّى هاتفيًا، وقال في تغريدته: "خالص العزاء في وفاة الأخ العزيز أيمن باسلامه، الشريك المؤسس لشركة المطار. نسأل الله أن يتغمده برحمته، ويجعل ما أصابه تكفيرًا له، وما قدّمه من عمل في خدمة ضيوف وزوار الحرمين الشريفين شفيعًا له يوم القيامة. وعظّم الله أجر والديه وعائلته الكريمة."
وقال إبراهيم نياز، الرئيس التنفيذي للبرنامج الوطني لتنمية قطاع المعلومات: "توفي بالأمس أحد رواد الأعمال المتميزين في المملكة والمنطقة، والشريك المؤسس لتطبيق المطار، رجلٌ عُرِفَ بحسن أخلاقه وتفانيه وإخلاصه في عمله."
وقال الأستاذ أحمد الميمان، المدير التنفيذي لتطبيق نُسُك بوزارة الحج والعمرة: "ببالغ الحزن ننعى الأخ العزيز أيمن بن صالح باسلامه، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لتطبيق المطار، الذي كان أحد العقول المبدعة والمساهمين في بناء وتطوير خدمات الطيران والفنادق في تطبيق (نُسُك)، الذي سهّل على آلاف من ضيوف الرحمن تنظيم رحلتهم لأداء الحج والعمرة وزيارة الروضة الشريفة."
وقال المهندس منصور ناصر قبلان: "أيمن باسلامه، شابٌّ خلوقٌ من حضرموت، رحل في ريعان الشباب، ساهم في تطوير خدمات الفنادق والطيران في تطبيق (نُسُك)، الذي يخدم الملايين من الحجاج والمعتمرين."
وسأكتفي بهذه النماذج من آلاف التغريدات والتعازي،
وأسأل الله له المغفرة والرحمة والدرجات العُلا من الجنة،
وأن يُلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news