في مشهد يعكس تزايد السخط الشعبي ضد ممارسات مليشيا الحوثي، تصدى سكان منطقة سائلة جبلة، الواقعة جنوب مدينة إب، لمحاولة مدبرة للاستيلاء على أرض تابعة لأحد المساجد المحلية، بهدف تحويلها إلى محطة لتعبئة الغاز، في خطوة واجهت رفضاً قاطعاً ومواجهة ميدانية من الأهالي.
تفاصيل المواجهة الميدانية
وفقاً لشهادات عيان من سكان المنطقة، بدأت الأزمة عندما حصل مستثمر مجهول على "موافقة مبدئية" من جهات تابعة للمليشيا، مما مكنه من إرسال فريق من العمال والمعدات إلى موقع باحة مسجد "القرية" الواقع على الطريق الرئيسي المؤدي إلى محافظة تعز. شرع العمال في أعمال المسح والتسوية للأرض، تمهيداً لبدء الحفريات والبناء.
ولم يكد الأهالي يطلعون على المشروع حتى هرعوا إلى الموقع، حيث فاجأوا العمال بمواجهة حاشدة، طالبوا خلالها بوقف الأعمال فوراً ومغادرة المكان. وبعد توتر شديد، تمكن الأهالي من طرد العمال وإجبارهم على التراجع، مؤكدين أنهم لن يسمحوا بأي مساس بأوقاف المسجد أو بأي إنشاءات قد تشكل خطراً على المصلين والسكان المجاورين.
فساد متجذر في مكتب الأشغال
وكشفت مصادر محلية موثوقة النقاب عن أن وراء هذا المشروع شبكة فساد متشابكة تضم قيادات بارزة في مليشيا الحوثي تعمل بشكل مباشر في مكتب الأشغال والمشاريع بمحافظة إب. وأوضحت المصادر أن هذه القيادات تلقت مبالغ مالية ضخمة كرشاوى من المستثمر المستفيد، مقابل إصدار تراخيص وهمية وتسهيل إجراءات البناء على أرض لا يملكها، وهي أرض وقفية تابعة للمسجد.
وأضافت المصادر أن هذه القيادات تستغل مناصبها في تسيير أمور الدولة لتحقيق مكاسب شخصية، من خلال تأجير أو بيع الأراضي العامة والوقفية للمستثمرين المقربين منها، دون أي اعتبار للقانون أو للخصوصية الدينية والاجتماعية للمواقع التي يتم الاستيلاء عليها.
دلالات وآثار
يأتي هذا الحدث ليؤكد على نمط متكرر من سلوك مليشيا الحوثي في المناطق الخاضعة لسيطرتها، والذي يتمثل في الاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة، وتسخيرها لمشاريع تجارية تحقق لها أرباحاً على حساب مقدرات الشعب. كما يبرز هذا التصدي الشعبي دور الوعي المجتمعي كخط دفاع أول ضد الفساد والتجاوزات.
ويرى مراقبون أن محاولة بناء محطة غاز بجوار مسجد لا تمثل انتهاكاً لحرمة المكان الديني فحسب، بل تشكل أيضاً كارثة بيئية وأمنية محققة، نظراً لخطورة مثل هذه المنشآت وقربها من التجمعات السكنية ومكان عبادة يرتاده العشرات يومياً.
وحتى اللحظة، لا يزال الموقع تحت رقابة الأهالي الذين أعربوا عن استعدادهم للتصدي مرة أخرى لأي محاولة لاستئناف الأعمال، فيما يظل مصير القيادات الحوثية المتهمة بالفساد مجهولاً، وسط تكتم شديد من قبل السلطات الحوثية التي لم تصدر أي بيان بهذا الشأن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news