الجرحى ليسوا مجرد أرقام في سجلات أو حالات تعرض على لجان، بل هم شواهد حية على تضحيات عظيمة لا يمكن إنكارها. هم من واجهوا الموت بصدورهم وقدموا أجسادهم فداء لهذا الوطن، تحملوا الألم والجراح بصبر وثبات، ورسموا بتضحياتهم صورة من الشرف لا تُنسى.
وأنا أحد أولئك الذين عانوا وذاقوا مرارة الإصابة جسديًا ونفسيًا، كما عانى غيري من الأبطال الذين لا تزال جراحهم مفتوحة، تنتظر من يداويها بصدق ووفاء.
في المراحل الأولى كان هناك اهتمام ملموس؛ تلقينا العلاج وصُرفت لنا مصاريف يومية ساعدتنا على تجاوز الأيام الصعبة، لكن شيئًا فشيئًا بدأ هذا الاهتمام يتلاشى. أصبح العلاج يقتصر على موضع الإصابة فقط، دون النظر إلى المضاعفات الجانبية أو الآثار النفسية العميقة التي قد ترافق الجريح، كأن الإنسان عضو مصاب لا روح تتألم وعقل ينهار تحت وطأة الإهمال.
الأكثر إيلامًا ليس فقط الإهمال الطبي، بل التلاعب الحاصل في مستحقات الجرحى: تأخير الرواتب، إلغاء الإكراميات، وحرمان البعض من أبسط حقوقهم. هذا التعامل لا يليق بمن ضحى بحياته، ولا يعكس أدنى درجات التقدير أو الاحترام لتلك التضحيات.
اليوم، ونحن نشهد اعتصامات الجرحى، لا يمكنني البقاء صامتًا. أضم صوتي إلى صوتهم، وأقف معهم بكل قناعة، فمطالبهم ليست مطالب شخصية، بل قضية وطنية وإنسانية بامتياز. الوفاء للجرحى ليس خيارًا، بل واجب على كل من يملك القرار. فهم لم يطالبوا بشيء خارج المعقول، بل يريدون حقوقهم التي كفلها الواجب والقانون والضمير.
رسالتي إلى كل مسؤول وصاحب قرار: انظروا إلى الجرحى بعين الرحمة والمسؤولية، لا تتركوا من ضحى لاجلكم وحيدًا في مواجهة الألم والفقر والنسيان. سكوتكم إهانة لتضحياتهم، وصمتكم جرح لا يقل ألمًا عن إصاباتهم.
سنظل نرفع أصواتنا ونقف معهم حتى تُعاد لهم حقوقهم كاملة، وبكرامة تليق بما قدموه لهذا الوطن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news