يمن إيكو|قصة اقتصاد:
في أقصى الريف الغربي لمحافظة الحديدة، حيث تمتزج رائحة التربة بملح البحر وعرق المزارعين، خرج المزارع “بدري الوهيبي” من ورشته الصغيرة في مديرية التحيتا ليقدّم للعالم درساً في الإبداع، في تأكيد صريح على أن التنمية لا تبدأ من المانحين.
وليس غريباً ذلك، وليست هذه التوطئة من قبيل المبالغات، فمن بين أنقاض الإهمال وقسوة العيش، ولد “الغربال الذكي” الذي هز صوامع الحبوب، فقد وجد من العدم، ليعمل كآلة تفرز الحبوب بدقة متناهية وتختصر أكثر من 80% من جهد المزارع ووقته.
وحسبما ذكرت منصة “أخبار الزراعة في اليمن”، ورصده موقع “يمن إيكو”، فإن “بدري” لم يكن مخترعاً خرج من معمل حديث أو جامعة عريقة، بل ابن الأرض التي علّمته الهندسة بالفطرة، والإبداع الأصيل بالكد المتواصل وإعمال العقل في ترويض المستحيل في بيئة البسيطة ومن إمكاناتها المحدودة.
لقد بدأ “بدري” مسار إبداعه من أدوات الحراثة وتسوية الأرض، لينتقل إلى تصميم آلات للأعلاف وخضاضات حليب أوتوماتيكية، جميعها صنعت من الحديد المحلي وقطع أعاد تدويرها بيده، لتتحول إلى منظومة إنتاجية متكاملة في خدمة المزارع اليمني.
في كل قطعة يبتكرها الوهيبي، تتجسد فلسفة الاقتصاد الريفي: الاكتفاء بأقل الإمكانات، وتحويل الحاجة إلى دافع للابتكار. فمشاريعه الصغيرة باتت تضيء الأمل في أرياف تهامة التي أنهكها الغلاء وشحّ المعدات، مؤكداً أن التنمية لا تبدأ من المانحين، بل من الحرفي الذي يفهم حاجات مجتمعه.
قصة بدري ليست مجرد حكاية عن آلة جديدة، بل شهادة حية على ما يمكن أن ينجزه “العقل اليمني” حين يجد مساحة للتجريب والدعم. إنها دعوة مفتوحة للحكومة والقطاع الخاص لتبني العقول المحلية، فبين كل ورشة صدئة في الريف، قد يكون هناك “بدري” آخر ينتظر فقط من يصدّق بفكرته ليصنع الفارق.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news